تقدم عضو مجلس النواب المصري هيثم الحريري السبت، بسؤال برلماني إلى رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، عن حقيقة بيع أحد البنوك المملوكة للدولة بالأمر المباشر، وفق الأخبار المتداولة أخيراً عبر وسائل الإعلام، التي نسبت إلى محافظ البنك المركزي طارق عامر، تصريحاً رسمياً يفيد ببيع "المصرف المتحد" إلى صندوق استثمار أميركي.
وطالب الحريري رئيس الحكومة بالرد كتابة على سؤاله، تأكيداً لمبدأ الشفافية، وحق نواب البرلمان والرأي العام المصري، في معرفة الحقيقة الكاملة حول ملابسات بيع المصرف المتحد، وذلك استناداً إلى حكم المادة (129) من الدستور، والمادة (198) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب.
وقال الحريري: "إن وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية نقلت تصريحات خطيرة لمحافظ البنك المركزي، يجب التوقف عندها كثيراً، لأنها تتعلق بواحد من أبرز القطاعات الاقتصادية حساسية في مصر، وهو القطاع المصرفي، كما تتعلق بملف هام أثار جدلاً وعلامات استفهام كثيرة في السنوات الأخيرة من حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، وهو ملف الخصخصة، وبيع الكيانات التابعة للدولة سواء شركات أو بنوك".
وأضاف: "لم يكشف محافظ البنك المركزي عن اسم الصندوق الأميركي الذي تقدم لشراء المصرف المتحد، إلا أن تصريحاته يجب التوقف عندها، فهي تعني مباشرة أنه سيتم بيع بنك مصري بالأمر المباشر، ولصندوق استثمار أجنبي، وهو ما يخالف القواعد والأعراف التي تم التعارف عليها، وخصوصاً في صفقات بيع البنوك، ومنها بنك الإسكندرية الذي كان مملوكاً للدولة، وبيع لمجموعة انتيسا سان باولو الإيطالية".
وحسب الاستجواب البرلماني فإن ما حدث: "يخالف إعلان محافظ البنك المركزي الشروط الواجب توافرها في أصحاب رؤوس أموال البنوك المصرية، والمساهمين الرئيسيين الذين يمتلكون أكثر من 10% من أسهم أي بنك. كما تكشف التصريحات أن السرّية قد تكون عنوان المرحلة، وأن الحديث عن الشفافية والإفصاح، إذا ما تعلق الأمر ببيع مؤسسة مالية حسّاسة، ربما يكون من الماضي!".
وزاد الحريري: "المصرف المتحد هو بنك مملوك بالكامل للبنك المركزي المصري، أي تابعاً للدولة شأنه في ذلك شأن البنوك الكبرى مثل البنك الأهلي المصري، وبنك مصر، وبنك القاهرة، وإن اختلف اسم المالك"، مشيراً إلى أن القواعد الواجب تطبيقها عند طرح أي بنك للبيع، تتمثل في طرح مالك البنك، سواء كان وزارة المالية أو البنك المركزي، في مزاد علني، وتطبيق عديد من الإجراءات.
وتشمل الإجراءات: "الإعلان عن بيع البنك في وسائل الإعلام المحلية والعالمية، مع دعوة المستثمرين المهتمين بالصفقة للتقدم بعروض مالية وفنية تحوي السعر أو قيمة الصفقة، وخطة تطوير البنك فنياً ومالياً، والسماح للراغبين في الشراء بإجراء الفحص النافي للجهالة، وتشكيل لجنة للإشراف على صفقة البيع، وتلقي العروض المالية والفنية في مظاريف مغلقة، وتحديد جلسة لفتح المظاريف في مزاد علني".
وأفاد الحريري بأن تلك الإجراءات تشمل "إعداد قائمة مختصرة من المشترين تضمّ أفضل أصحاب أعلى العروض المالية والأفضل من الناحية الفنية، واختيار الفائز بالصفقة من بين القائمة المختصرة، على أن يتم اختيار أعلى سعر"، مشدداً على أن هذه الإجراءات لا بد أن يصاحبها عقد مؤتمر صحافي لإعلان اسم الفائز، والعرض المالي الذي قدمه، في حضور رئيس الوزراء، وأعضاء اللجنة المشرفة على البيع.
وتساءل الحريري عن اختيار هذا الصندوق الاستثماري الأميركي تحديداً، وهل هذا هو الوحيد الذي عرض شراء المصرف، أم أن هناك مشترين آخرين سواء حاليون أو محتملون، وهل أدخل البنك المركزي تعديلاً عل الشروط الواجب توافرها في حائزي أسهم البنوك وخاصة الذين يمتلكون أكثر من 10% من رأس المال؟ والأهم: "هل سيباع بنك القاهرة بدوره بأسلوب البيع المباشر، وليس عبر المزادات كما كان ثورة 25 يناير 2011".
وختم عضو البرلمان سؤاله، قائلاً: "لماذا يُباع المصرف المتحد رغم تحقيقه أرباحاً تجاوزت 1.4 مليار جنيه خلال العام الماضي 2018، وبنسبة نموّ 31% مقارنة بعام 2017، مع التذكير بأن هذه الأموال تمثل رافداً مهماً للموازنة العامة للدولة، في ظل عجز ضخم تعاني منه بسبب السياسات الحكومية غير الرشيدة في السنوات الماضية؟!".
وكان محافظ البنك المركزي، قد أعلن إتمام صفقة بيع المصرف المتحد إلى صندوق استثمار أميركي (لم يكشف عن اسمه) خلال ثلاثة أشهر، بعد انتهاء المؤسسة الأميركية من عمليات الفحص النافي للجهالة، مشيراً إلى أن الصندوق يعدّ واحداً من أكبر صناديق الاستثمار في العالم، إذ يصل رأسماله إلى نحو 104 مليارات دولار.
ويمتلك البنك المركزي المصري نحو 99.9% من أسهم رأسمال المصرف المتحد، البالغ نحو 3 مليارات و500 مليون جنيه. ويمتلك المصرف 54 فرعاً منتشراً في مختلف أنحاء مصر، وهو نتاج اندماج 3 بنوك كانت مهددة بالإفلاس عام 2006، هي المصرف الإسلامي للتنمية والاستثمار، وبنك النيل، والبنك المصري المتحد.