زيكا يجتاح الولايات الأميركية

28 اغسطس 2016
مراقب صحي في ميامي يرش المبيدات (جو رييدل/ Getty)
+ الخط -

بعدما كانت العدوى بفيروس زيكا تصيب الأميركيين خارج حدود الولايات المتحدة، راحت السلطات الصحية في البلاد تسجّل أخيراً إصابات محلية. وتعرض "العربي الجديد" واقع الحال.

الولايات الأميركية بأكثرها، سُجّلت فيها إصابات بفيروس زيكا، بحسب المركز الأميركي لمكافحة الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) في واشنطن. وتشير آخر البيانات الصادرة عن المركز إلى أكثر من ألفين وخمسمائة إصابة في الولايات المتحدة الأميركية، العدد الأكبر منها في ولايتَي نيويورك وفلوريدا. وقد تأكد وجود أكثر من 600 حالة في ولاية نيويورك و500 في ولاية فلوريدا. والمقلق بالنسبة إلى كثيرين هو إعلان حاكم ولاية فلوريدا، ريك سكوت، عن إصابات محلية، أي أنّ الإصابة بالفيروس كانت في الولايات المتحدة وليس أثناء سفر خارج البلاد. وثمّة 29 إصابة من هذا النوع، كلها في فلوريدا. وقد نصح المركز النساء الحوامل وأزواجهنّ بعدم التوجه إلى المناطق التي سُجّلت فيها إصابات محلية داخل الولايات المتحدة، وهما منطقتان في مدينة ميامي في ولاية فلوريدا.

وسط القلق الذي راح المسؤولون يشعرون به بعد المستجدات الأخيرة، يؤكد المكتب الإعلامي للمركز الأميركي لمكافحة الأمراض والوقاية منها، لـ"العربي الجديد"، أنّ "الجهات الرسمية تولي الموضوع أهمية قصوى"، مشدداً على "ضرورة الحذر من إثارة الهلع". وتوقّع "ألا تشهد الولايات المتحدة انتشاراً واسع النطاق للإصابات، أسوة بالدول المصابة الأخرى كالبرازيل"، مؤكداً أنّ "الأغلبية الساحقة من الحالات المصابة في الولايات المتحدة أصيبت بالفيروس خارج البلاد". وأوضح المكتب الإعلامي أنّ "السلطات تعمل على صعد عدّة، بما فيها تمويل البحوث اللازمة في هذا السياق، من أجل إيجاد لقاح ملائم، كذلك تعمل على مهاجمة البعوض في مناطق العدوى المحلية التي ظهرت في منطقتين في مدينة ميامي". وكانت السلطات المحلية هناك قد عمدت إلى رشّ المنطقتين بمبيدات مضادة للحشرات، بهدف منع تكاثرها وانتشارها. ومن المتوقع أن تكرّر ذلك، لاستهداف يرقات البعوض. في إمكان أنثى البعوض الناقل للفيروس أن تضع مئات البيوض، وقد تصل إلى نحو ألف خلال حياتها القصيرة.

على الرغم من محاولة المسؤولين في الولايات المتحدة عدم إثارة الهلع، إلا أنّ ثمّة تحذيرات مختلفة حول مستوى خطورة الوضع، خصوصاً للنساء الحوامل. في هذا السياق، حذّر رئيس المركز الأميركي لمكافحة الأمراض والوقاية منها، توماس فريدن، خلال مؤتمر صحافي عقده، قائلاً إنّ "ما نعرفه عن زيكا لا يطمئن. نحن نشهد للمرة الأولى حالات تؤدّي فيها لسعة بعوض يحمل الفيروس لامرأة حامل، إلى ولادة طفل مع تشوّهات خلقية". أضاف فريدن: "ما زلنا لا نعرف كثيراً عن الموضوع، وهذا ما يدعو إلى القلق". ونصح فريمان النساء الحوامل في المناطق التي سُجّلت فيها إصابات محلية أو اللواتي زرن تلك المناطق، بالخضوع للفحوصات الطبية اللازمة للتأكد من الإصابة بالفيروس أو عدمها".




بحسب الإحصاءات الرسمية الأخيرة (24 أغسطس/ آب الجاري)، فإنّ 584 امرأة حامل في الولايات المتحدة أصبن بالفيروس ويخضعن للمراقبة. وعن طريقة تعامل الأطباء مع الموضوع، خصوصاً في فلوريدا حيث كُشفت إصابات محلية بالفيروس، تقول الطبيبة المتخصصة بالأمراض النسائية، كرستينا روجير، في نيويورك، لـ"العربي الجديد": "لقد بدأنا بسؤال النساء الحوامل عمّا إذا زرن فلوريدا في الأشهر الأخيرة أو أي من الدول المعروفة بعدد إصابات عال ومحليّ كالبرازيل. بعدها، نجري الفحوصات الطبية اللازمة، إذا تبيّن أنّ الحامل كانت في واحد من الأمكنة، حتى لو لم تظهر لديها أي من أعراض الإصابة".

تخضع الحوامل المصابات جميعهنّ للمراقبة بهدف التأكد من احتمال تأثير الإصابة بالفيروس على نموّ الجنين، إذ لم يثبت حتى الآن وبصورة قاطعة أنّ الإصابة تؤدّي حتمياً إلى تشوّهات خلقية خصوصاً في الدماغ. وتقول روجير إنّ "الخيارات ليست كثيرة أمام الأم الحامل التي تصاب بالفيروس. إمّا أن تقرّر إكمال حملها والمخاطرة، وإمّا تخضع لعملية إجهاض خلال الأسابيع الأربعة والعشرين الأولى من الحمل، إذ يسمح القانون بذلك". تضيف: "لكنّ المشكلة هي في أنّ الفحوصات خلال هذه الأسابيع، لا تكشف دائماً الخلل في نموّ الدماغ". وتلفت روجير إلى أنّ نساء كثيرات يراجعن عيادتها في مانهاتن، "يشعرن بالقلق، خصوصاً بعد الإعلان عن إصابة أكثر من 601 شخص بالفيروس في ولاية نيويورك، أكثر من 500 منهم في مدينة نيويورك وحدها".

على الرغم من أنّ الإصابات بمعظمها (حتى اليوم) وقعت خارج الولايات المتحدة، إلا أنّ ذلك لا يهدئ من روع الحوامل في ظل غياب بحوث طبية كافية حول الموضوع وعدم توفّر لقاحات أو علاجات وقائية. من شأن ذلك أنّ يثير الخوف لدى النساء الحوامل أو اللواتي يرغبن في الحمل. وتقول روجير: "ربما من السهل نصح امرأة في العشرينيات من عمرها زارت إحدى المناطق التي انتشر بها الفيروس، بتأجيل الحمل بعض الشيء. لكنّه أمر صعب بالنسبة إلى من هنّ في الأربعينيات، خصوصاً أنّ هذه سنوات حرجة بالنسبة إليهنّ وخلالها تكون فرصتهنّ الأخيرة للحمل". وتتابع: "فيرى الطبيب نفسه في موقف صعب، وما عليه إلا شرح كل الاحتمالات ومخاطرها. فالقرار النهائي يبقى دائماً لصاحبة الشأن". يُذكر أنّه حتى اليوم، لا يعرف المعنيون بعد الفترة الزمنية بين الإصابة بالعدوى وظهور الأعراض، بحسب ما تفيد منظمة الصحة العالمية.

المساهمون