وقد سيطر الخوف على قلب زايدة منذ بدء العدوان، خشية أن يحل التخريب ضيفا ثقيلاً على أرضه للمرة الرابعة خلال سبع سنوات، بعدما حرقت الأرض في عدوان 2008_2009 وقصفت في عدوان 2012 وغرقت بمياه الصرف الصحي مطلع العام الحالي، واليوم تتحول إلى أرض بور.
حرق آلاف الأشجار
واستهدفت صواريخ الاحتلال وقذائفه من البر والجو وعبر الزوارق الحربية من البحر، مئات الأراضي المزروعة بالحمضيات والزيتون والفواكة الأخرى المنتشرة بكافة مناطق القطاع، بجانب قصف الدفيئات الزراعية، مما ألحق أضراراً فادحة بالقطاع الزراعي.
ويقول زايدة لـ"العربي الجديد" إن "الاحتلال قتل مئات الأراضي الزراعية، من خلال إطلاق القذائف بشكل كثيف عليها، فحرق ودمر آلاف الأشجار، بجانب انتشار شظايا الصواريخ وقذائف لم تنفجر الأمر الذي يهدد حياة المزارعين ويمنعهم من الوصول إلى أراضيهم لحين إخراجها".
ويضيف "خطر الجفاف يلاحق باقي الأراضي، بعد قصف الاحتلال خطوط المياه المغذية لها وتدمير آبار الري"، مبينا أن إنتاجية أرضه التي تبلغ مساحتها عشرة دونمات، تراجعت خلال السنوات السابقة بنسبة أربعين في المائة".
ويوضح زايدة أن الاحتلال تعمد قصف المخازن الخاصة التي تحتوي على المبيدات والأسمدة الزراعية، بهدف نشر تلك المواد على نطاق واسع في الحقول وخلطها بالمواد الخطرة التي استخدمها في قصف أراضيهم لإخفاء الجريمة.
وانقسمت الأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي، إلى الاستهداف المباشر للأراضي الزراعية وتدمير المزروعات والأشجار، وغير مباشرة بعدم قدرة المزارعين على الوصول إلى الأراضي لقطف وتسويق المحصول خشية الاستهداف، الأمر الذي أفقد أسواق القطاع الكثير من الخضار والفواكة.
إبادة زراعية
من جانبه، يؤكد الوكيل المساعد في وزارة الزراعة بغزة، إبراهيم القدرة، إن الخسائر الأولية للقطاع الزراعي الذي أصيب بكارثة غير مسبوقة، الأمر الذي يهدد الأمن الغذائي في القطاع بشكل مباشر.
ويضيف القدرة لـ "العربي الجديد": "مئات الدونمات الزراعية أبيدت بشكل كامل، خصوصا في المناطق الشرقية لقطاع، الأمر الذي انعكس سلبيا على المواطن من خلال ارتفاع أسعار بعض الخضروات والفواكة في السوق، وتضرر الاكتفاء الذاتي لمزروعات أخرى".
وينتاب القلق مئات المزارعين في غزة، خشية من وصول مواد سامة إلى أراضيهم وإلى آبار الري الزراعية بفعل قذائف الاحتلال التي أطلقت بشكل عشوائي وكثيف، الأمر الذي يضعف من صلاحية التربة للزراعة، ويجبرهم على استصلاحها في ظل الوضع الاقتصادي الخانق وإغلاق المعابر.
ويوضح القدرة أن معظم آبار المياه في المناطق التي شهدت قصفاً مكثفاً تعرضت لتدمير كلي، الأمر الذي ينذر بتلف الأراضي الزراعية التي صمدت في وجه الغارات نتيجة شح كميات المياه وتدمير خزانات المياه في تلك المناطق.
ويشير المسؤول الحكومي إلى أن الاستهداف الإسرائيلي خلف أثاراً سلبية على إنتاجية الأراضي الزراعية نتيجة الحفر الكبيرة التي سببتها صواريخ الاحتلال أو من خلال القذائف العشوائية التي كان ينتج عنها غازات، يجري حالياً فحصها للتعرف على طبيعتها.
ضعف في خصوبة الأراضي
من جهته، يحذر الخبير الاقتصادي، الدكتور ماهر الطباع، من كارثة زراعية بدأت تتكشف معالمها في قطاع غزة، بعدما تعمد الاحتلال استهداف الأراضي خلال العدوان بهدف القضاء تدريجيا على القطاع الزارعي، وربط إدخال المواد الغذائية بالمعابر التي يتحكم بها.
ويقول الطباع لـ"العربي الجديد": "جرف الاحتلال ودمر مئات الحقول الزراعية وحولها إلى أرض بور، وقد كانت مصدر رزق وحيدا لعشرات العائلات يجلبون من خلاله قوت يومهم، الأمر الذي يزيد من الأعباء الاقتصادية على المواطن، ويقتل الإنتاج الزراعي المحلي".
ويشير الطباع إلى جملة من المخاطر تهدد الحياة الزراعية في غزة، أبرزها تراجع إنتاجية الأراضي الزراعية وضعف خصوبة التربة وجودة المحصول، وعدم قدرة المزارعين على تشغيل المولدات لسقاية المزروعات لشح كميات الوقود وتدمير محطة الكهرباء الوحيدة.
ونجح القطاع الزراعي في غزة خلال السنوات السابقة بتحقيق الاكتفاء الذاتي في العديد من أصناف الفواكة والخضروات، ولكن العدوان أرجعها إلى نقطة الصفر بعد تدمير الأراضي والدفيئات الزراعية، خصوصا في منطقة المحررات وسط القطاع.
ويذكر الطباع أن قطاع غزة سيُجبر على استيراد العديد من السلع الزراعية التي سبق وأن حقق فيها اكتفاء ذاتيا، عبر المعابر الحدودية التي يشرف عليها الاحتلال، الأمر الذي يربط دخولها وتوفرها في الأسواق المحلية بفتح المعبر أو إقفاله.