زيارة وزير خارجية مصر لأميركا..مساءلة حول الاعتقالات والأوضاع الأمنية

09 فبراير 2016
جولة شكري بأميركا تواجه أسئلة صعبة تجاه أوضاع مصر(الأناضول)
+ الخط -

يلتقي وزير الخارجية المصري سامح شكري اليوم الثلاثاء (ثالث أيام زيارته لواشنطن)، بوزير الخارجية الأميركي جون كيري في المقر الرئيسي للخارجية الأميركية، وذلك لإجراء مباحثات تتعلق بالعلاقات الثنائية وأوضاع المنطقة العربية، وعلى وجه الخصوص احتمالات التدخل الخارجي في ليبيا والموقف المصري منه.

وحسب ما ذكرته مصادر مصرية وأميركية، سوف يتخلل اللقاء، نقاش طرح الجانب الأميركي عن فرص استئناف عملية السلام.

وتتزامن زيارة شكري إلى واشنطن، مع زيارة مماثلة يقوم بها للعاصمة الأميركية وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، الذي التقى بنظيره الأميركي أمس الاثنين، وأعلنا عقب اللقاء عن استئناف جهود السلام في المنطقة وإعادة إحياء المبادرة العربية.

ومن المقرر أن يتوجه الوزير المصري بعد ذلك إلى البيت الأبيض، لاستكمال المباحثات مع مستشارة الرئيس باراك أوباما لشؤون الأمن القومي سوزان رايس، ولكن من غير المؤكد إن كان سيتسنى له إلقاء التحية على الرئيس الأميركي في الجناح الغربي بالبيت الأبيض أم لا.



وكان الوزير المصري قد بدأ زيارته بأنشطة خارج اللقاءات الرسمية، إذ شارك في لقاءات ونقاشات مع باحثين ومفكرين في مركز أبحاث الأطلنطي، ومجلس العلاقات الخارجية، وهما مؤسستان مهمتان، يتقاسم الجمهوريون والديمقراطيون النفوذ فيهما بالتساوي، مثلما تتقاسم المؤسستان كذلك النفوذ في الحزبين بالتساوي التلقائي.

كما التقى الوزير المصري بشخصيات من اليهود الأميركيين وقادة منظمات لم يفصح الوفد المصري عن أسمائها.

اقرأ أيضاً: مرسي: أنا رئيس لكل المصريين ولم ألتقِ هيئات إخوانية

ويستشف من التصريحات الهجومية والانتقادات الحادة التي وزعها الوزير المصري، منذ لحظة وصوله إلى واشنطن، أن الدبلوماسية المصرية لم تعد تعول على توثيق العلاقات مع إدارة أوباما الحالية، بقدر ما تسعى لفتح قنوات مع أصحاب النفوذ خارج الحكم، ومع الحكام القادمين المحتملين للبيت الأبيض في الفترة الرئاسية المقبلة، سواء كانوا جمهوريين أو ديمقراطيين. فضلاً عن فتح قنوات مع رؤساء اللجان الاستخبارية والعسكرية في الكونغرس الأميركي، وكذلك مع قوى النفوذ التي لا تعارض توثيق الروابط مع أنظمة الاستبداد والفساد في دول العالم الثالث تحت مبرر الحرب على الإرهاب.

ومن الانتقادات غير المباشرة التي وجهها شكري للإدارة الأميركية، قبل إجراء مباحثاته مع كيري، ما قاله لمجلة "فورين بوليسي"، بأن "الهجمات الإرهابية في مصر دفعت بعض الحكومات الأجنبية إلى التشكيك في قدرات البلاد الأمنية، بدلاً من تقديم تعازيها". وقال إن "العالم يعامل حكومة بلاده وكأنها الجاني وليس الضحية".

اقرأ أيضاً: تصريحات وزير إسرائيلي بشأن أنفاق غزة تضع السيسي بمأزق

حملة علاقات سلبية

خلال لقاءاته الإعلامية ومشاركاته في المناقشات العامة، حرص الوزير شكري على إبداء تذمره من قرار المنتدى الاقتصادي العالمي لإلغاء القمة التي كان من المنتظر عقدها في منتجع شرم الشيخ، حيث كانت الخارجية المصرية تعتزم  استضافة اجتماع مماثل للاجتماع السنوي لقادة السياسة والأعمال في دافوس، يتم التركيز فيه على منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

ولكن المنتدى العالمي قرر إلغاء الترتيبات بسبب "الوضع الأمني" في سيناء، وهو ما أغضب سامح شكري.

وقال الوزير في السياق ذاته، إن "المنتدى العالمي غير مؤهل لأن يحكم على قدرات مصر الأمنية أو يقلل من شأنها".

ويبدو أن الغضب من هذا الإلغاء، عائد إلى أنه بعث برسالة لرموز الحكومة المصرية، بأن العالم يدرك خطورة ما يجري هناك، وحسب مراقبين للشأن المصري، "القبضة الحديدية ليست كفيلة بتأمين البلاد بل احترام حقوق الإنسان والتوقف عن القمع والفساد والاستبداد، هما اللذان يمثلان الحل، لأن هذه الممارسات هي الوجه الآخر للإرهاب". 

وكان من اللافت أن زيارة شكري إلى واشنطن، عرفت إشراك جماعات ضغط معينة فيها (مؤسسات العلاقات العامة)، من خلال الترتيب لها. وتولت هذه الجهات ترتيب لقاءات إعلامية بهدف الترويج للموقف المصري من القضايا التي تؤرق نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي.
يتضح ذلك من خلال العدد الكبير من اللقاءات الإعلامية التي أجراها الوزير شكري، وتحدث فيها إلى شبكة راديو "إن بي آر" الأميركية، ومجلة "فورين بوليسي" (السياسة الخارجية)، وصحيفة "وول ستريت جورنال"، بالإضافة إلى صحيفة "واشنطن بوست" التي لفتت في تقرير لها، إلى أن شكري، امتنع عن توجيه أي لوم لروسيا على استهدافها لتجمعات معارضة في سورية خارج نطاق الإرهاب.

اقرأ أيضاً: مصر: وفد البرلمان الأوروبي يرفض قانون التظاهر

ورغم أن شكري حاول أن يجمل ما يجري في مصر، بالحديث عن عودة الحياة النيابية واستقرار الأوضاع نسبياً في بلاده، بالمقارنة مع الوضع السائد في سورية وليبيا، إلا أن ذلك لم يعفه من مواجهة الأسئلة الصعبة، فتحولت حملة العلاقات العامة الترويجية للنظام إلى تصريحات عامة سلبية غير مقنعة للصحافة الأميركية الحرة.

وتطرق الوزير المصري خلال جولاته ولقاءاته للعلاقات مع إيران، محاولاً الحديث عن الاتفاق النووي كمدخل لمنطقة منزوعة السلاح. ولكن الجانب الأميركي كان أكثر وضوحاً في الحديث عن أن إحياء عملية السلام في المنطقة، هدفها، خلق "تقارب عربي إسرائيلي، يمكن أن تلعب فيه مصر دوراً مهماً، بحكم وجود تجربة لها وعلاقات رسمية مع تل أبيب".

ومن الملفات الأكثر إحراجاً التي لاحقت الوزير شكري، خلال لقاءاته في واشنطن، ما يتعلق بالجدل المتنامي حول جريمة قتل الشاب الإيطالي جوليو على مشارف القاهرة، وأثار مقتله غضباً عارماً في بلاده وفي أوروبا بشكل عام، وامتد تأثير الحادث إلى الصحافة الأميركية ذاتها.
ولم يتمكن الوزير المصري من تبرير ما طرحته عليه الصحافة الأميركية والباحثين الأميركيين عن أسباب الاعتقالات العشوائية في بلاده لعشرات الصحفيين، وآلاف المعارضين السياسيين، ومعظمهم من جماعة "الإخوان المسلمين". وقال شكري إن "الكثير من المزاعم كاذبة في هذا الشأن".

ولفتت صحف أميركية إلى أن شكري، دافع عن حق الأكراد في سورية، وأشاد بدورهم في محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية"( داعش)، كما أشارت إلى أن الوزير المصري، لم يتوقف عن مهاجمة الشركاء والحلفاء والأصدقاء، مبدياً في الوقت ذاته التذمر والشكوى من الانتقادات الغربية لنظام الحكم في بلاده.

اقرأ أيضاً: عباس يحذر من رفض أميركا المؤتمر الدولي حول فلسطين

المساهمون