منذ إعلان مجلس النواب اللبناني انتخاب ميشال عون رئيساً للبلاد، سارعت إيران لتوجيه المباركات والإشادة بالرئيس الجديد، الذي ترى في وصوله إلى كرسي الرئاسة انتصاراً لحزب الله وتراجعاً للدور السعودي في لبنان وفي الإقليم برمته. وتأتي زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى بيروت، التي بدأها أمس الإثنين، في مرحلة حساسة تشهد فيها المنطقة ملفات مصيرية، ليكون أول المسؤولين الإقليميين والدوليين المتوجّهين إلى لبنان بمستوى تمثيل وزاري رفيع، منذ انتهاء حالة الشغور الرئاسي التي دامت لأكثر من عامين.
تحمل الزيارة في طياتها بُعدين، سياسي واقتصادي، إذ وصل ظريف إلى بيروت على رأس وفد مكوّن من شخصيات سياسية واقتصادية من القطاعين العام والخاص على حد سواء. أمر قال عنه المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي، إنه استمرار للعلاقات الإيجابية بين البلدين، مضيفاً في اتصال مع "العربي الجديد"، أن الحوار بين بيروت وطهران كان وما زال مستمراً حول قضايا عديدة وعلى مستويات رفيعة.
فضلاً عن هذا، تعاطت وسائل الإعلام الإيرانية مع انتخاب عون رئيساً للبنان بطريقة خاصة، وأكدت أن زيارة ظريف للبنان ستصب لصالح البلدين. صحيفة "كيهان" المحسوبة على الخط المحافظ المتشدد، رأت في الأمر انتصاراً لحزب الله بالدرجة الأولى، ونشرت صوراً لعون مجتمعاً مع الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، معتبرة بالتالي أن ما جرى سار بعكس اتجاه الرغبة الإسرائيلية.
كما ركّزت "كيهان" على أن ما حدث يعني أن الكفة رجحت لصالح إيران "مرة أخرى"، إذ رأت أن التقدّم الميداني ما زال مستمراً في كل من سورية والعراق، وهو ما يعني حسم الملفات لصالح الخيار الذي تدعمه طهران.
كذلك اهتمت صحيفة "إطلاعات" وموقعها بشكل خاص بالتهاني الإيرانية المتتالية لعون التي جاءت على لسان المسؤولين الإيرانيين، بدءاً من الرئيس الإيراني حسن روحاني، الذي اتصل سريعاً بعون، إلى ظريف الذي كتب على صفحته الرسمية على موقع "تويتر"، أن في انتظار لبنان مستقبل جيد، معتبراً أن ما جرى يعني انسجام الأطياف السياسية هناك. وأخيراً ما جاء على لسان مستشار المرشد الأعلى للشؤون العسكرية يحيى رحيم صفوي، الذي قال، الاثنين، إن ما جرى في لبنان يعني أن "حزب الله" انتصر مرة أخرى.
في السياق ذاته، رأت صحف "التيار الإصلاحي"، ومنها "ابتكار"، أن ما جرى يعني تراجع الدور السعودي بالضرورة، كما يعني أن مستقبل لبنان بعد انتخاب عون سيتأثر باختلاف مؤشرات معادلة الصراع السياسي في الداخل اللبناني.
وتعليقاً على زيارة ظريف، قال الخبير في الشؤون السياسية الإيرانية حسين رويوران، في حديث مع "العربي الجديد"، إن الزيارة بعد كل هذا التهليل والترحيب خطوة عملية هامة، إذ سيحمل ظريف دعم بلاده إلى لبنان، لا سيما أنه سيحرص على لقاء مسؤولين من التيارات المختلفة. ورأى أن الاهتمام الإيراني بعون خاص بالفعل، "فطهران تتعامل مع الأمر على أنه انتصار لمحور المقاومة في لبنان والمنطقة"، مضيفاً أن التعاون بين طهران وبيروت في المستقبل القريب سيكون على شاكلة سياسية إيديولوجية، مستبعداً تطبيق الصفقات الاقتصادية بشكل سريع، إذ إن طهران تتعامل مع لبنان ضمن توجّهات سياسية واضحة.
وكان "للحرب على الإرهاب"، بحسب المصطلح المستخدم إيرانياً، مساحة واسعة من لقاء المقداد وظريف، وهو عنوان هام يحمله الأخير معه إلى لبنان أيضاً، إذ ترى طهران أن هذا البلد معني وبشكل مباشر بالحرب في سورية، ولا يعود الأمر لتجاور البلدين جغرافياً وحسب، وإنما لانخراط حزب الله في معارك ميدانية هناك تحت إشراف مستشارين عسكريين إيرانيين.