زيادة الإنتاج بين الحوافز وخصم الراتب

17 نوفمبر 2016
هل يتحمل أيّ خصم؟ (كريم أحمد)
+ الخط -
بهدف دفع الموظفين نحو العمل بمزيد من الجدية، تشير دراسة أميركية إلى أنّ على أرباب العمل تحذيرهم من الخسائر المحتملة وما يترتب على ذلك من خصومات، أكثر من تشجعيهم عن طريق الحوافز المالية.

يقول المؤلف المشارك في الدراسة، ميتش باتل، وهو أستاذ في كلية الطب بجامعة بنسلفانيا: "ثبت في سياقات أخرى أنّ الناس يمكن أن يكونوا نشيطين جداً بدافع الخوف من الخسارة. لكنّ هذه الدراسة مجرد بداية لتطبيق ذلك في مجال الرعاية الصحية".

من الواضح أنّ مثل هذه الدراسة معدة بشكل كامل لخدمة أرباب العمل في اقتصاد السوق، وموجهة ضد العمال تحديداً. وهو منهج رأسمالي معروف يهدف إلى امتصاص كلّ قدرات العامل وتهديده بلقمة عيشه، بالرغم من ضآلة راتبه أساساً.

مع ذلك، عرضت "العربي الجديد" خلاصة الدراسة على نماذج من بيئة العمل المصرية. وفي هذا الإطار، يؤكد رجل الأعمال محمد حمدان من القاهرة أنّ تجربته مع العاملين في شركته قامت على العديد من الإجراءات التحفيزية للموظفين، من بينها تقليل حجم الراتب وزيادة البدلات الإضافية المرتبطة بحجم الأداء، وكانت النتيجة جيدة. يشير إلى أنّ تجربة الخصم لم يخضها معهم لأنها قاسية للغاية، فالبعد الاجتماعي يتراءى له عبر التزامات العامل بأسرة يعيلها، ومن ثم فإنّ عقابه بالخصم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الناس تتجاوزه إلى أشخاص آخرين كزوجته وأبنائه. لذا، يكتفي حمدان بالزجر والتهديد بين الحين والآخر، معترفاً بأنّه لا يجرؤ على خوض هذه التجربة.

في المقابل، يرى ناجي منصور (صاحب مصنع بلاستيك في مدينة العاشر من رمضان، محافظة الشرقية) أن جانباً من نتائج هذه الدراسة "يتوافق تماماً مع طبيعة الموظفين، فحصول العامل مقدماً على أجره الأساسي أو مكافأته يدفعه إلى التراخي عن أداء عمله بالشكل الأمثل". يشير إلى أنه كثيراً ما دفع أجوراً مقدماً إلى بعض العمال "لكنّ الأعمال لا تنجز إلاّ بعد التهديد بالخصم". ويؤكد ناجي أنّ "الموظف الذي لا يتوقع الخصم لا يؤدي بنفس الكفاءة التي يؤديها موظف يخشى من تناقص أجره".

حسن عبد الرحمن (موظف في إحدى المستشفيات) يقول إنّ من العسير جداً أن يتحمل أيّ خصم مادي من مكافآته، التي أصبح يراها جزءاً أساسياً من دخله، لذا فهو يحاول أن يتجنب الوقوع في مخالفات وظيفية تتسبب في تقليل هذا الدخل. أما أحمد السيد (موظف إداري في شركة تعليمية) فيرى أنّ تطبيق قاعدة الخصومات بدلاً من الحوافز يعد عقاباً قاسياً للغاية لا يتصور أن يتحمله معظم زملائه. بدوره، يجد مدحت السيد (مدرس) أنّ أيّة مكافآت إضافية يحصل عليها بانتظام يراها عنصراً أساسياً في دخله، وهو ما يجعله ويجعل زملاءه يخشون من الوقوع في مخالفات تجرّ عليهم ويلات الخصم مثل الغياب المتكرر عن العمل.

بالعودة إلى الدراسة التي نشرت في دورية "الطب الباطني" الأميركية، فإنّ التجربة التي اختارها الباحثون كانت تقوم على تحدي 281 مشاركاً من جامعة بنسلفانيا، كلهم من العاملين الذين تبدأ أعمارهم من 18 عاماً لتحقيق عدد لا يقل عن 7000 خطوة (مشي على القدمين) لكلّ يوم. وقد سجلت خطواتهم برامج قياس السرعة وعدد الخطوات على هواتفهم الذكية التي يحملونها معهم يومياً.

كان لدى المشاركين مؤشر كتلة جسم يساوي 27 على الأقل، ما يعني زيادة في الوزن. يوضح باتل أنّ هؤلاء الناس قد يكونون عرضة لمخاطر صحية، وهذا ما يعد حافزاً لهم للحصول على مزيد من الاستفادة من ممارسة النشاط البدني.

اختبر الباحثون فعالية ثلاثة تصاميم مختلفة من الحوافز المالية للمشاركين على مدى ثلاثة عشر أسبوعاً. تلقت مجموعة المكسب حافزاً مالياً يقدر بـ 1.4 دولار أميركي يومياً لتحقيق عدد الخطوات المستهدف، بمجموع شهري 42 دولاراً. بينما قالوا لمجموعة الخسارة إنّهم سيدفعون لهم 42 دولاراَ مقدماً ويخصم منهم 1.4 دولار يومياً إذا لم ينجزوا العدد المستهدف. كذلك، مجموعة ثالثة تلتزم بعدد الخطوات اليومي للاستفادة الصحية فقط من دون أية منفعة مالية.

أظهرت النتائج أنّ المجموعة التي تتقاضى مبالغ مالية عن تحقيق المطلوب قد تساوت مع المجموعة التي لا تتقاضى شيئاً على الإطلاق، وحقق كلا الفريقين نحو 30 إلى 35 في المائة من الخطوات الشهرية المستهدفة. أما المجموعة الثانية، التي سوف تخسر إذا لم تحقق الهدف، فقد أنجزت نحو 45 في المائة من الخطوات الشهرية المطلوبة.

يقول باتل: "ما وجدناه هو أنّ كثيراً من الناس يتحفَّزون عندما يفقدون المال أكثر من حافز اكتسابه، فإذا أخذوا الحافز مقدماً، خافوا من فقدانه بسبب عدم العمل". وهو يفسر ذلك بأنّ الحوافز تكون مغطاة بالراتب الشهري في حين أنّ الخصومات تكون ظاهرة أكثر ومؤلمة.
من ناحية أخرى، يشير باتل إلى أنّ 70 في المائة من الأميركيين يحملون هواتف ذكية، ويمكنهم استخدامها لحساب الخطوات اليومية بنفس دقة أجهزة القياس التي يرتديها الخاضعون للاختبارات والفحوص.

دلالات