زيادات في تكاليف النقل تقلق الجزائريين بعد رفع أسعار الوقود

22 يناير 2018
قلق من فرض تسعيرة أكبر من المتفق عليها(العربي الجديد)
+ الخط -


أثار فرض سيارات نقل الركاب والبضائع في الجزائر زيادة في الأسعار، بعد رفع الحكومة قيمة الوقود، قلق المواطنين من ارتفاع تكاليف المعيشة، خاصة في ظل سلسلة الإجراءات الأخرى، التي من شأنها زيادة أسعار العديد من السلع والخدمات.

وطبقت الحكومة زيادة في أسعار الوقود بحلول يناير/كانون الثاني الجاري بنسب تتراوح بين 11.65 و18.2%، واستطاع سائقو النقل بعد أسابيع من الشد والجذب، فرض مطالبهم برفع تسعيرة النقل، حيث توصلت وزارة النقل الجزائرية إلى اتفاق مع ممثلي نقابات سائقي سيارات الأجرة والعاملين في قطاع نقل المسافرين في المدن وبينها مطلع الشهر الحالي، يقضي برفع أسعار النقل بنسبة 10%.

وقال محمد بلال، رئيس الاتحاد الجزائري للناقلين الخواص في حديث لـ"العربي الجديد"، إن الزيادة في تكاليف النقل جاءت على خلفية رفع الحكومة أسعار الوقود.

ووفقاً للزيادات الجديدة، ارتفعت أسعار البنزين الممتاز والخالي من الرصاص والعادي بنسب تبلغ 16.65% و16.84% و18.2% على الترتيب، بينما صعد سعر الديزل بنسبة 11.65%.

وأضاف بلال "الحكومة ممثلة في وزارة النقل رفضت كل المقترحات التي قدمها الناقلون منذ مطلع 2016، الذي شهد أول زيادة في أسعار الوقود، إلا أنها هذه المرة فتحت أبواب الحوار معنا، وتم الاتفاق على زيادة لا تتعدى 10%".

وكانت آخر زيادة أقرتها الحكومة في تسعيرة النقل تعود إلى عام 2012، بلغ بموجبها سعر الكيلومتر الواحد 3 دنانير (0.03 دولار)، بعدما كان 2.5 دينار، في حين أقرت تسعيرة 20 ديناراً (0.18 دولار) بالنسبة للنقل الجماعي للمسافرين لمسافة 10 كيلومترات، وتسعيرة عند حدود 30 ديناراً (0.26 دولار) لكل 20 كيلومتراً.

وقال محمد بن زينب، رئيس الفيدرالية الجزائرية لسائقي سيارات الأجرة، إن "نقابات الناقلين اقترحت على وزارة النقل بدائل أخرى غير رفع تسعيرات النقل، منها إعفاء الناقلين الخواص سواء بسيارات الأجرة أو بالحافلات من دفع الضريبة على الأرباح أو دعم أصحاب الأجرة، فيما يتعلق بتركيب خزانات للغاز لانخفاض سعره، لكن للأسف رفضت وزارة كل الاقتراحات، ما أدى إلى تمسك نقابات الناقلين برفع تسعيرة النقل بنسبة 10%".

وأضاف أن هذه النسبة في الزيادة كانت مطلب الناقلين منذ عام 2016 ، ولا تغطي اليوم ما تم إقراره من زيادات في أسعار الوقود منذ ذلك الوقت في البلد النفطي.

والزيادة الأخيرة تأتي للعام الثالث على التوالي، بعد أن اتخذت الحكومة هذا الإجراء لتوفير إيرادات مالية للحد من عجز الموازنة إثر انخفاض الموارد المالية نتيجة التراجع الحاد في أسعار النفط عالمياً منذ عام 2014.

وحسب توقعات الحكومة، فإن الزيادات في أسعار الوقود ستوفر للخزينة العامة للدولة أكثر من 61 مليار دينار (600 مليون دولار).

واعتبر العديد من أصحاب الحافلات وسيارات الأجرة في محطة خروبة البرية، التي تربط العاصمة الجزائر بباقي ولايات البلاد، أن مراجعة تسعيرة النقل أمر منطقي، بالنظر إلى تغير العديد من المعطيات منها ارتفاع أسعار الوقود وقطع الغيار المستوردة جراء تدهور قيمة الدينار.

وقال عامر لسات، سائق سيارة أجرة لـ"العربي الجديد": "كنت أقوم بتعبئة البنزين للسيارة بـ 1300 دينار (11 دولاراً) قبل 2016، وبعد الزيادة في أسعار الوقود في المرات الثلاث الأخيرة، أصبحت أقوم بالتعبئة بما يعادل 2000 دينار (19 دولاراً) يُضاف إليها ثمن الأكل ومصاريف أخرى، في حين أجني 4000 دينار (40 دولاراً) في رحلة واحدة إلى ولاية برج بوعريريج (270 كم شرق الجزائر العاصمة)".

كما قال ربيع حنوس، سائق حافلة نقل مسافرين ما بين الولايات لـ"العربي الجديد": "نحن أيضا جزائريون ونكتوي بغلاء المعيشة كباقي المواطنين، هناك من طبّق زيادات تصل إلى 250 دينارا (دولارين) في المقعد الواحد قبل إقرار الزيادات رسميا حتى يغطي مصاريف العمل".

لكن ارتفاع تسعيرة نقل الركاب والنقل أثار جدلا لدى الكثير من المواطنين، الذين بدوا مغلوبين على أمرهم، لا سيما في ظل اشتعال أسعار السيارات الخاصة التي تجعل من وسائل النقل الجماعية الملاذ الوحيد للتنقل لأصحاب الدخل المتوسط والضعيف للتنقل.

وقال نجيب مولاي، الذي يشتغل فرد أمن في مركزٍ تجاري إن "النقل يكلفه ربع راتبه الذي لا يتعدى 20 ألف دينار شهريا (190 دولارا)، ومع الزيادات الجديدة سأرى ثلث راتبي يذهب في النقل"، مضيفا أنه يفكر في الاقتراض لشراء دراجة نارية للتنقل داخل العاصمة.

من جانبها قالت فاطمة الزهراء موظفة في قطاع الضرائب إن "النقل كان يكلفها كل يوم 100 دينار (0.9 دولار) إذا تنقلت بالحافلة ومع الزيادات المطبقة منذ الأسبوع الماضي أصبح التنقل إلى عملها يكلفها 150 دينارا يوميا أي ما يعادل 4500 دينار شهريا (42 دولارا)، وهذا دون احتساب الأيام التي اضطر فيها إلى التنقل بسيارة الأجرة".

ويخشى الجزائريون من أن تتعدى الزيادات التي سيعتمدها الناقلون مع مرور الأيام النسبة المتفق عليها مع وزارة النقل، خاصة وأن التجارب السابقة مع الزيادات في مختلف المجالات لم تحمل لهم أخباراً مماثلة لتلك التي يتم الإعلان عنها قبل إقرار الزيادات.

وطالب مصطفى زبدي، رئيس جمعية حماية وإرشاد المستهلك، وزارة النقل بضرورة إرسال فرق تفتيش إلى محطات المسافرين للوقوف على مدى احترام الناقلين للزيادات المتفق عليها.

وأضاف زبدي في حديث مع "العربي الجديد" أن الناقلين سيتحججون بغياب القطع النقدية أو "الفكة" لتحديد الأسعار الجديدة، وبالتالي عوض إقرار سعر التذكرة الواحدة بين بلديتين في العاصمة بـ 23 دينارا مثلا يتم اعتماد سعر 30 ديناراً، وهو ما حدث سنة 2012 حيث كانت الزيادات أكبر مما تم الاتفاق عليه آنذاك بين الناقلين والحكومة.

ويرى مواطنون أن 2018 سيكون أكثر تقشفا من العام الماضي، في ظل الإجراءات الحكومية للحد من الاستيراد وفرض الضرائب الأمر الذي يدفع أسعار العديد من السلع للارتفاع.

وتعتبر حماية احتياطي البلاد من العملة الصعبة من التآكل السريع أول هدف تريد الحكومة الوصول إليه من منع استيراد أكثر من ألف منتج، حيث هوى الاحتياطي إلى 102 مليار دولار نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، بعدما كان 115 مليار دولار عند بداية السنة الماضية.

وتتوقع الحكومة، حسب تصريحات وزير المالية الحالي، عبد الرحمان راوية، أن ينخفض الاحتياطي إلى 85.2 مليار دولار في العام 2018، أي ما يعادل 18.8 شهراً من الواردات، ليصل إلى 79.7 مليار دولار نهاية 2019، ثم 76.2 مليار دولار، في 2020.

المساهمون