أثار حفل زفاف لطفلة لم يتجاوز عمرها 12 سنة، بمدينة تطوان، شمال المغرب، زوّجتها أمها رغما عنها بدون عقد زواج، جدلاً كبيراً في الأوساط الاجتماعية والحقوقية في البلاد، التي أجمعت على التنديد باستمرار زواج القاصرات.
وأقيم ليلة السبت، حفل زواج العروس القاصر على شاب بالغ، قبل أن يداهم عناصر الأمن قاعة الحفل، وتقود والدة الطفلة والعريس إلى التحقيق حول ظروف وحيثيات الزواج.
واعتبر مرصد الشمال لحقوق الإنسان، أن ظاهرة زواج القاصرات لا تزال ثقافة مستمرة في المجتمع المغربي، واستنكر في بيان، أنها انتقلت من السر إلى العلن، موردا أن هذه الزيجات المرفوضة اجتماعيا باتت تقام دون توثيق عقود الزواج لدى الجهات الرسمية.
ووصف رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، عبد الإله الخضري، الواقعة بأنها دليل أزمة حقيقية تقض مضجع المجتمع المغربي، مضيفا أن هناك تأثيرات خطيرة تنجم عن هذا النوع من الزواج، بينها تزايد نسبة الوفيات في صفوف الحوامل الصغيرات، وانتهاك حقوقهن في الكرامة، وفي التعليم وتنمية قدراتهن.
وأبرز الخضري، أن الظاهرة تسببت في ضياع العديد من الفتيات، مردفا أن زواج القاصرات، وما يترتب عنه من طلاق مبكر، وما يستتبع ذلك من قصور في تحمل المسؤولية، يعتبر أحد الأسباب الأساسية في انتشار ظاهرة الإجرام في صفوف الشباب.
واستغرب الناشط الحقوقي من جدوى مصادقة المغرب على الاتفاقيات الدولية، وملاءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، خاصة اتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية مناهضة التمييز ضد المرأة، ورفض الخضري أن يتم تحميل كامل المسؤولية للأسر، فيما تظل كل المبادرات الحكومية غير ذات أثر ملموس على الواقع، في حين تظل مبادرات المجتمع المدني ضعيفة في خضم قلة الإمكانات.
ووفق أرقام شبه رسمية، فإن سنة 2013 شهدت تقديم نحو 43500 طلب تزويج قاصر، وتمت تلبية نحو 37200 طلب، أي 85 في المائة، وهي أرقام يعتبرها مراقبون أنها تؤشر على نوع من العجز لدى القضاء في التقليص من آفة زواج القاصرات.
ويدعو حقوقيون إلى منع وتجريم زواج القاصرات دون سن الثامنة عشرة، وأن يكون هذا هو السن القانوني للزواج، بينما يكون الاستثناء هو سن 16 أو 17 عاماً، مع وضع عقوبات زجرية إزاء زواج الفاتحة.
وتنص مدونة الأسرة على أنه "لقاضي الأسرة المكلف بالزواج أن يأذن للفتاة أو الفتى بالزواج دون سن الأهلية، وهو 18 سنة، وذلك بإصداره لمقرر يعلل فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك"، كما تقول المدونة إن "زواج القاصر متوقف على موافقة نائبه الشرعي، الذي يوقع مع القاصر على طلب الإذن بالزواج ويحضر معه إبرام العقد، وفي حال امتناعه أو عدم موافقته على الزواج يبت القاضي في الموضوع".