15 نوفمبر 2024
زمن ميشال سماحة
إطلاق سراح الوزير اللبناني السابق، ميشال سماحة، والمتهم بالتحضير لجرائم إرهابية، ليس اعتباطياً، أو عملاً خارج السياق العام للأحداث في المحيطين، الإقليمي والدولي، وتحولاتهما. ليس سماحة مجرد متهم عادي، بل ضلع أساسي في محور إقليمي، يجري تلميعه دولياً وتبرئة أطرافه من الأفعال الشنيعة التي قامت وتقوم بها. سماحة مجرد حلقة في مسلسل الجرائم الكبيرة الممتدة من سورية إلى اليمن، مروراً بالعراق. جرائم لها المنفذون والمخططون والمتعاونون أنفسهم، وليس هذا المسؤول اللبناني السابق إلا عنصراً صغيراً في المنظومة، لكنه يحمل أسراراً كبيرة، قد تورّط أسماءً لا يرغب الغرب عموماً، والولايات المتحدة خصوصاً، في توريطها في هذه المرحلة من عمر التسويات العامة.
أين تأتي جرائم سماحة بالقياس إلى ما يرتكبه بشار الأسد والمليشيات المتحالفة معه في سورية. هي نقطة في بحر، ولا سيما أن سماحة ضبط قبل تنفيذ المخططات التي أنيطت له. مع ذلك، ها هو الأسد يقترب من أن يصبح شريكاً للغرب في محاربة داعش، وترسم السيناريوهات إلى إبقائه في الحكم إلى ما قدّر الله، بغض النظر عن الدماء التي سفكها، أو الأبرياء الذين هجّرهم من بيوتهم، أو اعتقلهم في سجونه. كل هؤلاء غير مدرجين في الحسابات الغربية الجديدة التي باتت شبه متشاركة مع الأسد في رؤيته لمعارضيه الداخليين والخارجيين.
ما هي انتهاكات سماحة نسبة إلى ما ترتكبه المليشيات المدعومة إيرانياً في اليمن والعراق، وحتى سورية. صحيح أنه كان في صدد تأجيج فتنة مذهبية سنية شيعية، بناء على أوامر سورية، ولا شك إيرانية، غير أنه أخفق في مسعاه، وسقط في فخ أحد عملاء الأمن؛ "غلطة الشاطر". لكن، ما أخفق به سماحة يقوم به آخرون، ضالعون في المحور نفسه، بكل نجاعة، وبدون أن يرف لهم جفن، خوفاً من أي ملاحقة قضائية، على عكس سماحة الذي قضى ثلاث سنوات "مظلوماً" خلف القضبان. من حاسب مليشيات حزب الله على حصارها وتجويعها مضايا؟ ومن ساءل الحوثيين عن حصارهم تعز؟ ومن طلب تبريرات من الحشد الشعبي على عمليات التطهير العرقي في ديالى وغيرها؟
إطلاقاً لا أحد، بل على العكس، ها هي الدولة الراعية لكل هؤلاء تستعد للدخول في مرحلة جديدة من الانفتاح على العالم، مع رفع العقوبات في إطار اتفاق تفكيك برنامجها النووي. اتفاق ترفع فيه القبعة لإيران على القدرة السياسية، والتكتيك الاستراتيجي الذي أوصلها إلى نتائج القنبلة، من دون الحصول عليها، على عكس دول أخرى تمتلك القنبلة، غير أنها لم تزد وضعها إلا تدهوراً، باكستان ربما المثال الأفضل. لماذا تريد إيران القنبلة، بعدما اعترف الغرب، ضمناً وعلناً، بأحقيتها في بسط نفوذها في المنطقة، بغض النظر عن الوسائل. وها هو يغض البصر عن التوغل الإيراني هنا وهناك في إطار اتفاق شراكة، مكتوم ومعلوم، ملعبه الأراضي العربية ويستثني إسرائيل. في المقابل، إيران على موعد مع الرخاء الاقتصادي الذي حرم منه الشعب طويلاً في ظل العقوبات ومغامرات توسيع الإمبراطورية.
بالنسبة إلى إيران والغرب، تحقق الهدف الأساسي من الصراع الطويل، المباشر وغير المباشر، تحقق على أكمل وجه. أما الباقي فمجرد تفصيل هامشي في الموازين الدولية والإقليمية، لا حاجة للوقوف عنده، أو المحاسبة عليه، وفق منطق طي صفحة الخلاف وفتح عهد الشراكة.
إنه زمن الإفلات من العقاب، وميشال سماحة هو ابن هذا الزمن، وهذا المحور، المعفوّ من المساءلة، وفق حسابات السياسات الدولية العامة. غداً سيخرج علينا سماحة، عبر شاشات التلفزة الموالية لمحوره، لينظّر علينا بالممانعة والمقاومة ومحاربة الإرهاب والأخلاق والعفة، وهو فعلاً بدأ ذلك في يومه الأول خارج السجن. وسيجد كثيرين يهللون لتحليلاته العبقرية. ولا عزاء للضحايا المفترضين أو الواقعيين.
أين تأتي جرائم سماحة بالقياس إلى ما يرتكبه بشار الأسد والمليشيات المتحالفة معه في سورية. هي نقطة في بحر، ولا سيما أن سماحة ضبط قبل تنفيذ المخططات التي أنيطت له. مع ذلك، ها هو الأسد يقترب من أن يصبح شريكاً للغرب في محاربة داعش، وترسم السيناريوهات إلى إبقائه في الحكم إلى ما قدّر الله، بغض النظر عن الدماء التي سفكها، أو الأبرياء الذين هجّرهم من بيوتهم، أو اعتقلهم في سجونه. كل هؤلاء غير مدرجين في الحسابات الغربية الجديدة التي باتت شبه متشاركة مع الأسد في رؤيته لمعارضيه الداخليين والخارجيين.
ما هي انتهاكات سماحة نسبة إلى ما ترتكبه المليشيات المدعومة إيرانياً في اليمن والعراق، وحتى سورية. صحيح أنه كان في صدد تأجيج فتنة مذهبية سنية شيعية، بناء على أوامر سورية، ولا شك إيرانية، غير أنه أخفق في مسعاه، وسقط في فخ أحد عملاء الأمن؛ "غلطة الشاطر". لكن، ما أخفق به سماحة يقوم به آخرون، ضالعون في المحور نفسه، بكل نجاعة، وبدون أن يرف لهم جفن، خوفاً من أي ملاحقة قضائية، على عكس سماحة الذي قضى ثلاث سنوات "مظلوماً" خلف القضبان. من حاسب مليشيات حزب الله على حصارها وتجويعها مضايا؟ ومن ساءل الحوثيين عن حصارهم تعز؟ ومن طلب تبريرات من الحشد الشعبي على عمليات التطهير العرقي في ديالى وغيرها؟
إطلاقاً لا أحد، بل على العكس، ها هي الدولة الراعية لكل هؤلاء تستعد للدخول في مرحلة جديدة من الانفتاح على العالم، مع رفع العقوبات في إطار اتفاق تفكيك برنامجها النووي. اتفاق ترفع فيه القبعة لإيران على القدرة السياسية، والتكتيك الاستراتيجي الذي أوصلها إلى نتائج القنبلة، من دون الحصول عليها، على عكس دول أخرى تمتلك القنبلة، غير أنها لم تزد وضعها إلا تدهوراً، باكستان ربما المثال الأفضل. لماذا تريد إيران القنبلة، بعدما اعترف الغرب، ضمناً وعلناً، بأحقيتها في بسط نفوذها في المنطقة، بغض النظر عن الوسائل. وها هو يغض البصر عن التوغل الإيراني هنا وهناك في إطار اتفاق شراكة، مكتوم ومعلوم، ملعبه الأراضي العربية ويستثني إسرائيل. في المقابل، إيران على موعد مع الرخاء الاقتصادي الذي حرم منه الشعب طويلاً في ظل العقوبات ومغامرات توسيع الإمبراطورية.
بالنسبة إلى إيران والغرب، تحقق الهدف الأساسي من الصراع الطويل، المباشر وغير المباشر، تحقق على أكمل وجه. أما الباقي فمجرد تفصيل هامشي في الموازين الدولية والإقليمية، لا حاجة للوقوف عنده، أو المحاسبة عليه، وفق منطق طي صفحة الخلاف وفتح عهد الشراكة.
إنه زمن الإفلات من العقاب، وميشال سماحة هو ابن هذا الزمن، وهذا المحور، المعفوّ من المساءلة، وفق حسابات السياسات الدولية العامة. غداً سيخرج علينا سماحة، عبر شاشات التلفزة الموالية لمحوره، لينظّر علينا بالممانعة والمقاومة ومحاربة الإرهاب والأخلاق والعفة، وهو فعلاً بدأ ذلك في يومه الأول خارج السجن. وسيجد كثيرين يهللون لتحليلاته العبقرية. ولا عزاء للضحايا المفترضين أو الواقعيين.