يقف الفتى الهايتي في العاصمة بورتو برنس ويراقب تلك البيوت الملوّنة في الجبل قبالته. هناك عشوائيّة جالوزي. قبل 226 عاماً، تمرّد أجداده هناك وهدفهم الانعتاق وتحقيق استقلال بلادهم. فشُيّدت بعد عشرات السنين بيوت ملوّنة في المكان، في تأكيد على انقضاء ذلك الزمن القاتم الذي عرفه هؤلاء.
في ليلة 22 - 23 أغسطس/ آب من عام 1791، انتفض رجال ونساء أفريقيون أُخرِجوا من بلادهم بهدف استرقاقهم، متمرّدين على نظام الرقّ. وقد نجح هؤلاء في نيل مبتغاهم بعد أكثر من عقد من الزمن، في عام 1804. فتحتفل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) في 23 أغسطس/ آب باليوم العالميّ لإحياء ذكرى الاتّجار بالرقيق الأسود وإلغائه، تكريماً لهؤلاء "المتمرّدين" و"المكافحين من أجل الحريّة" الذين مثّلوا "منعطفاً مهماً في تاريخ البشريّة، كان له أثر عظيم في تأكيد الطابع العالميّ لحقوق الإنسان".
في رسالة سابقة بالمناسبة، شدّدت المديرة العامة للمنظمة إيرينا بوكوفا على أنّ "شجاعة هؤلاء تلقي على عاتقنا بعض الواجبات"، لافتة إلى أنّ "هذه المعركة التي قادها العبيد أنفسهم" مثّلت "مصدر إلهام يمكّننا اليوم من مكافحة كلّ أشكال العبوديّة والعنصريّة والأحكام المسبقة وأوجه التمييز العنصريّ والظلم الاجتماعي التي تمثّل إرثاً من مخلّفات الرقّ".
بعد غد الأربعاء، تحتفل منظمة "يونسكو" بذلك اليوم، في حين لا نجد مفرّاً من السؤال: هل انتهى فعلاً زمن الرقّ لنحتفل بيوم عالميّ لإحياء ذكرى الاتّجار بالرقيق الأسود وإلغائه؟ وماذا عن الاتّجار بالبشر بأشكاله المختلفة الذي تتكشّف فصوله حول العالم، يوماً بعد آخر في القرن الواحد والعشرين؟
(العربي الجديد)