ما زال أهالي شمال المغرب يشعرون بالخوف، جراء الهزة الأرضية التي ضربت المنطقة، فجر أول من أمس، بالإضافة إلى الهزات الارتدادية التي تلتها، حتى أن بعض السكان نصبوا خياماً وناموا في العراء خشية وقوع هزّات أعنف. وقالت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، إن زلزال بقوة 6.6 درجات ضرب جنوب شرق البحر المتوسط، مشيرة إلى أن الهزة وقعت في البحر في منطقة قليلة العمق على بعد 62 كيلومتراً شمال مدينة الحسيمة المغربية، و164 كيلومتراً جنوب شرق جبل طارق، تلاها هزة ارتدادية. وأشار إلى أن "احتمالاً طفيفاً بوقوع إصابات وأضرار".
وتناقل ناشطون على "فيسبوك" صور مواطنين في كل من مدينة الناظور (شرق المغرب) ومليلية المحتلة، وقد نصبوا خياماً في الشارع للنوم خارج منازلهم، خشية وقوع هزات جديدة. وخلفت الهزة أضراراً مادية وإصابات في المغرب وإسبانيا، وقد أصيب بعض المواطنين بكسور نتيجة قفزهم من بعض المرتفعات. في السياق ذاته، يقول علي كوراجي، وهو من مدينة الناظور شرق المغرب، لـ "العربي الجديد": "عاش أهالي المدينة حالة من الرعب والهلع بسبب الهزات المتتالية، وخرج عدد كبير من الناس من بيوتهم لحماية أنفسهم من الأسوأ". وعن التدابير التي اتخذتها السلطات المحلية، يوضح أن "السلطات كانت غائبة ولم تؤازر المواطنين طيلة فترة مبيتهم في العراء"، مشيراً إلى أن الهزة أدت إلى تصدّع بعض المنازل.
ومن مدينة الحسيمة، يقول محمد اليخلوفي: "حين اهتزت الأرض عند الفجر، عادت بنا الذاكرة إلى زلزال عام 2004 المدمر، وخصوصاً أن الهزة كانت عنيفة، تلتها هزات ارتدادية". يضيف: "خرج المواطنون من بيوتهم وقصدوا الساحات العامة خشية وقوع هزات جديدة"، لافتاً إلى أنه "لجأ وأسرته إلى النوم في سيارته، وقد ازداد الوضع سوءاً مع صراخ الأطفال". أما السلطات المحلية، "فلم تتخذ أي إجراءات أو تعلن حالة الطوارئ، كما هو متعارف عليه دولياً، وخصوصاً أننا ما زلنا نشعر بهزات ارتدادية كل نصف ساعة تقريباً".
وفي تارغيست القريبة من الحسيمة، تقول فدوى اليعقوبي لـ "العربي الجديد": "شعرنا بهزات خفيفة، لكننا خشينا الأسوأ. فجر أول من أمس، استيقظنا من النوم بفعل الهزة وخرجنا إلى الخارج. كان الناس خائفين". تضيف: "لا نتوقع صمود بعض البيوت القديمة". وعن الاحتياطات للوقاية من هزات أخرى، تقول: "لم تحضر السلطات أو سيارات الإسعاف. لكن السلطات خرجت بعد ذلك لتهدئة الناس، وليس هناك، حتى اللحظة، أي تحرّك من المعنيين".
اقرأ أيضاً: ارتياح مغربي لمشروع قانون مكافحة الاتجار بالبشر
ويرجح حدوث تلك الهزات إلى تحرك صفائح قوس جبل طارق على عمق 10 كيلومترات في البحر، ويتوقع أن تستمر الهزات الارتدادية إلى أن تهدأ تلك الصفائح. وتضاربت المعلومات حول عدد الهزات. ففي وقت أشار المركز الوطني للبحث العلمي والتقني المغربي إلى وقوع ثلاث هزات، أكد المركز الإسباني وقوع تسع هزات، وقد شعر بها سكان عدد من المدن الأندلسية مثل ملقة وغرناطة وإشبيلية وخاين، بالإضافة إلى مدينتي مورثيا ومدريد الإسبانيتين. وأدت الهزات إلى إصابة 26 شخصاً بجروح طفيفة في مليلية المحتلة، بالإضافة إلى أضرار مادية. ويشير بعضهم إلى إخلاء عدد من المنازل في المدينة المحتلة بعدما تعرضت لأضرار كبيرة خشية حدوث انهيارات نتيجة الهزات الارتدادية. أيضاً، علّقت الدراسة في هذه المناطق، وشكلت خلية أزمة لمتابعة أحوال المتضررين.
وفي الجانب المغربي، أُصيب ثمانية أشخاص ونُقل الجرحى إلى المستشفى الجهوي محمد الخامس في مدينة الحسيمة. ويوضح رئيس المعهد الإسباني للجولوجيا، سواريس لويز، أن المنطقة التي وقع فيها الزلزال تعد "بؤرة نشطة تكتونيا" بفعل عدم استقرار الصفائح المكونة لغلاف الأرض الصخري في قعر بحر البوران (المقابل للساحل الشمالي للمغرب).
ويلجأ سكان شمال المغرب إلى استخدام تطبيقات على هواتفهم الذكية باللغة الإسبانية لمعرفة آخر التحديثات عن الهزات الأرضية أو الاطلاع على موقع معهد الجيوغرافك الإسباني. وكان مدير المعهد، إيميليو كارينو، قد طمأن السكان أن مدينة مليلية المحتلة غير متوقع أن تشهد زلزالاً كبيراً، مؤكداً لموقع "هوراس 24" الإسباني أن "زلزال فجر أول من أمس كان مركزه البحر. فلو كان المركز في اليابسة لتسبب في أضرار فادحة".
وتجدر الإشارة إلى أنه في فبراير/شباط عام 2004، أدى زلزال قوي بلغ 6,3 درجات قرب منطقة قرب الحسيمة إلى مقتل 631 شخصاً.
اقرأ أيضاً: أبو بكر المديني.. صانع عطور أهدى طنجة أجمل الروائح