يا أساتذة الطريق: يا الومضات مُتباعدةً في كُحل العتمة. حتى لو تحجّرتم، حتى لو.
سيأتي واحدٌ لم يولد مستاءً ولا غاضباً (هذه الصفات البشرية ألحقتها به دناءاتُ بشرٍ ذوي سطوة).
واحدٌ يعرف: "العالم يقع خارج كلماتي". يعرف: "الهلوسة، كالأبد: كمالٌ غير قابل للتحقيق".
واحدٌ، بعد كل ما جرى، لديه هذا الاستعداد للقفز تلقائياً كلما شارفَ هُوّة.
واحدٌ، وباتجاهكم قلبُهُ.
أما العينان، نحو جغرافيات شاسعة، تعاني من هيمنة جثث.
سيقول: لا.
لا لكي يحدث تحولٌ جذري في الوعي البشري.
(فتلك مهمة فشل فيها الجميع سابقاً ـ بمن فيهم مراسلو الرب ـ ولا يجوز تمريرها للكتّاب الآن).
سيقولها، هي النبيلة عديمة الجدوى، فقط لأنه غاضبٌ على ما سيأتي.
واحد سيأتي، ولربما يكون من أولئك الذين كرّسوا حياتهم للشعْر، كطريقةٍ لحمايةِ وجودٍ وجوهرٍ إنسانيّين.
حتى لو لم يكن هناك قارئ واحد في العالم، حتى لو، فإنهم سيظلون يكتبون والمطابع تطبع.
واحد يجهل من يستطيع أن يروي القصة، لكنه سيكتب هامشاً.
فالثقافة ليست ضد الطبيعة. من قال؟
وإلامَ يُنسى أن كلتيهما تُحاربان وتحتقران من قبل الأقوياء؟
فإن نسيَ هو موعد دوائه اليومي، فأبداً لن ينسى أن مئة من حثالة آدم، مئة ويتناقصون، سرقوا نصف الكوكب.
سيقول لا، وسيمضي، مثلما فعَلَ نبيلو قلب وحيدون، عبر ألفيّات.