أيضاً، ليس سراً أنّ شركات الإنتاج العملاقة غربياً، وبدعم حكومي، وعبر الفساد والرشى، كما في صفقة اليمامة، لم تهتمّ يوماً، مع الكومبرادور (طبقة وكيل رأس المال الحاكمة) العربي، سوى بعقود تبقي على تخلّف الاقتصاد العربي وترسّخ لريعيته واستهلاكيته... ما يفسّر ربما هذا التكالب على طمس معالم الجريمة الفردية والجماعية، من سورية إلى اليمن وصولاً لتركيا.
خلال مرحلة الربيع العربي، وما تلاه، سوّقت أذرع بروباغندا الاستبداد فكرة أنّ "الثورات العربية مشروع صهيوني-غربي"، مع الحرص على دعم أنظمة الثورات المضادة، وإغراق الحالات العربية في الاحتراب الداخلي، لكنّ هؤلاء يُسقطون عن قصد علاقة الرضا والدعم الغربيين للأنظمة التسلطية الشمولية، وبصفقات مشبوهة، من السلاح إلى تقنيات مراقبة وتلصص طاولت الناشطين. وليس بعيداً تنكشف حالة التضامن البيني بين المستبدين، بصمت رسمي عربي على جريمة قتل خاشقجي، عكس الانشغال الدولي. فرغم كذبة التضاد، جاء موقف وزير خارجية الأسد، وليد المعلم، بالتهكّم على الجريمة والضحية، ليعبّر عن العقل الباطني للاستبداد العربي، وسط تصفيق "زملاء المهنة"، ممن يسمّون صحافيين.
في المجمل، يوضح التلاقي الأميركي-العربي-الإسرائيلي، بالاستخفاف بعقول العرب ومحاولات إيجاد مخارج، كما يفعلون مع نظام الأسد، إصراراً على فكرة سائدة عن أنّ ما تستحقّه بلادهم ليس سوى أنظمة استبدادية كيميائية و"منشارية". وتلك فكرة خطيرة جداً حال انفجر الشارع العربي، وإن راهنوا على أنّ الشعوب تنسى، بستر الوقائع بالمال والشعارات.