يعاني الأطفال في قطاع غزة من مشاكل ومخاطر عدة تهدّد مستقبلهم، في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة نتيجة الحصار، بالإضافة إلى العدوان الإسرائيلي المتكرر. في هذا الإطار، التقت "العربي الجديد" المديرة التنفيذية لمؤسسة "عائشة" لحماية المرأة والطفل، للتعرف على أهم المشاكل والمخاطر التي تُهدّد الأطفال، بالإضافة إلى المشاريع التي جرى من خلالها تحسين واقع الأطفال.
ما هي أهم المشاكل التي يعاني منها الأطفال في قطاع غزة؟
في قطاع غزة، هناك ثلاثة عوامل تساهم في معاناة الأطفال، وهي الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، الحصار، والانقسام الفلسطيني. وتُؤدّي الاعتداءات المتكررة إلى إصابة الأطفال بأمراض نفسية، عدا عن السلوكيات السلبية والحركة الزائدة ومشاكل التبول اللاإرادي. أيضاً، أُصيب 30 في المائة من الأطفال الجرحى بإعاقات دائمة، كما أن 30 في المائة من الشهداء هم أطفال. من جهة أخرى، يعاني القطاع من قلة فرص العمل بسبب الحصار، الأمر الذي أثر على الأطفال ودفعهم إلى العمل للمساهمة في زيادة دخل الأسرة. وهناك مشكلة العزلة عن المجتمعات الأخرى التي أدت إلى خلق العديد من المشاكل النفسية. أما الانقسام، فأدى إلى التمييز بين أفراد المجتمع، ما أثر على الطفل أيضاً.
ما هي المخاطر التي تُهدّد مستقبل الأطفال؟
بشكل عام، إذا استمر الوضع النفسي على ما هو عليه الآن بسبب الحصار والعدوان والانقسام، سيكون هناك خطر كبير على علاقة الأطفال بمجتمعهم ومع أنفسهم. نرى عنفاً داخل المدارس بين الأطفال، وداخل المنازل. هذا ما استنتجناه من خلال التدريبات التي نظمناها بعد العدوان الإسرائيلي الأخير.
أيضاً، فإن تفشّي الأمراض وعدم توفّر الرعاية الصحية الكاملة للأطفال، والمعاناة على المعابر الحدودية، تتسبب في تأخير علاج الأطفال، ما يؤثر عليهم. هناك أيضاً مشكلة انتشار الصناعات الصينية في قطاع غزة وبسعر رخيص. يقبلُ الناس على شرائها بسبب الفقر. لكنها تشكل خطراً على الصحة لاحتوائها على مواد كيميائية.
ما هي أبرز حقوق الأطفال المسلوبة في غزة؟
حقوق الأطفال في قطاع غزة شبه معدومة، لأنهم محرومون من حقهم في اللعب في ظل عدم وجود أماكن ترفيهية. أيضاً، لا تلّبي المناهج التعليمية احتياجاتهم، وكثرة الدروس تشكّل عبئاً عليهم، بالإضافة إلى انعدام الحق بالأمان. كذلك، تُرِك كثير من الأطفال من دون مسكن خلال العدوان وبعده.
اقرأ أيضاً: منى الفرا.. أم أطفال غزة الفقراء مع الحبّ
ماذا عن المشاريع التي أطلقتها المؤسسة لحماية الأطفال؟
هناك برنامج التدريب المهني والاقتصادي لضحايا العنف، الذي يهدف بشكل أساسي إلى تمكين المرأة لرعاية أسرتها، وخصوصاً الطفل. ركزنا على خلق بيئة آمنة للطفل داخل الأسرة من النواحي الاقتصادية والنفسية والاجتماعية. عملنا مع أطفال النساء المعنّفات من خلال زيارات منزلية، وبالتنسيق مع مدارسهم ومراكز التقوية، كما عملنا على توعية الأهل حول حقوق أطفالهم، وكيفية التعامل مع الطفل خلال الحروب والنزاعات المسلحة.
هناكَ مشروع آخر يتعلق بالدعم النفسي للأهالي والأطفال، شمل 4500 امرأة مع أسرتها في مناطق الشجاعية وبيت حانون. ركزنا على الفئات الأكثر تضرراً من العدوان الإسرائيلي، من خلال جلسات الدعم النفسي الجماعية، والفردية، بالإضافة إلى الأطباء النفسيين.
أطلقنا أيضاً مشروع "التربية الإيجابية"، الذي يركز على معرفة الأهالي لتركيبة الطفل وبنيته، ونموه العقلي والجسدي واحتياجاته، حتى لا تؤثر المشاكل العامة على حياة الأطفال. سجّل المشروع نجاحاً وخصوصاً مع الصيادين، الذين عادة ما يكونوا قساة في التعامل مع أطفالهم، وقد كان المشروع فرصة مناسبة لهم لتجديد علاقتهم مع أطفالهم بشكل إيجابي. والمشروع الذي نعمل عليه حالياً منذ ثلاثة أعوام، هو حماية الأطفال من العنف بسبب النوع الاجتماعي.
كيف تقيّمين عمل الحكومة الفلسطينية في مجال حماية الطفل؟
الحكومة لم تف بالتزاماتها حيال الأطفال. ليسَ هناكَ أي آلية لحماية الطفل. في المقابل، تسعى المؤسسات الأهلية والدولية إلى تلبية بعض الاحتياجات الأساسية. يجب على الحكومة الاهتمام بالأطفال أكثر من المؤسسات الدولية.
ما هي المؤسسات الحكومية المعنية بحماية الأطفال؟
ليس هناك مؤسسات حكومية في قطاع غزة تحمي الطفل. هناك واحدة فقط لحماية الأحداث، وهي مؤسسة الربيع لتأهيل وإصلاح الأطفال الأحداث، وقد تأسست في عهد الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر. حتى الآن، لم يتغّير النظام الداخلي المتبّع لحمايتهم وإصلاحهم.
هل تلبي المشاريع في غزة حاجة الأطفال؟
لا تلبي هذه المشاريع الكثير من الاحتياجات. وليس هناك أي تنسيق بين المؤسسات. كذلك، لا توجد آلية لحماية الأطفال.
هل هناك قوانين لحماية الأطفال؟
ليس هناك قوانين لحماية الأطفال. على سبيل المثال، لا يوجد قانون رادع لعمالة الأطفال، أو استغلالهم. في المقابل، تعمل المؤسّسات الحقوقية المعنية بحقوق الأطفال على تفعل قوانين لحماية الأطفال تردع المخالفين. لكن في ظل الانقسام الفلسطيني، لا يمكن الاتفاق على قانون رادع.
ما هي حاجات الطفل في قطاع غزة؟
هناكَ حاجة ملحّة لمراكز متخصصة في تقديم الدعم والعلاج النفسي للأطفال، وخصوصاً أن مبادرات العلاج النفسي بعد العدوان لم تكن كافية. أيضاً، هناك نقص في الكفاءات العلمية وتطوير المناهج. يحتاج الأطفال إلى مراكز ترفيهية وتثقيفية وخصوصاً أنه ليس هناك أماكن مماثلة للأطفال في قطاع غزة. بالتالي، لا يجد أمامه إلا الشارع الذي يشكل خطراً عليه إذ ينخرط في أعمال ليست مناسبة لعمره.
أيضاً، هناك برنامج حكومي لتقديم ضمان اجتماعي للعائلات الفقيرة، بهدف عدم زج الطفل في العمل. وهذا البرنامج يجب أن يكون مدعوماً من قبل الحكومة لحماية الطفل بشكل أساسي من مستقبل مظلم. كذلك، يجب توفير مراكز للأشخاص المعوقين، وخصوصاً أنه يجب العمل على تأمين رعاية خاصة لهم.
اقرأ أيضاً: تلاميذ غزّة بعد الحرب