ريم علي: من الصعب مجاراة أحداث سورية بعمل درامي

13 سبتمبر 2014
التوثيق هو الاعتراف الوحيد المتاح عبر الفن (العربي الجديد)
+ الخط -

تبدو النجمة السورية ريم علي في المقابلة، كما هي أثناء أداء أدوراها، ذات حضور لطيف. حريصة على بلدها ومحترمة لمهنتها، تظهر سمتها الأكثر قرباً في اعترافها بما هو حاصل، دون ان تتخطاه بتعابير عاطفية غير مجدية، لا بل ربما مزيفة. تغوص في داخلها لكي تقول شيئاً جوهرياً وبسيطاً، ذلك أن الفنّ تحت وحشية النظام السوري أمر مستحيل، رغم تجارب نادرة تخطّت حاجز الرعب..

ريم الممثلة المعروفة، بحضورها الجذاب وسط الجهمور السوري والعربي، أي دور رأيت أنه بإمكانك أداؤه عقب الثورة السورية؟
بداية الثورة شعرت بعدم جدوى التمثيل مطلقاً أمام هول الحقائق التي نراها كل يوم على الأرض، ولكن يبقى فن التمثيل وسيلتي الوحيدة لأعبرعن مشاعري، أداتي الفنية التي تساعدني على تفريغ الكثير من الحزن والالم الذي نعيشه، سواء على نحو فردي أم على نحو عام. إنه العلاج الأنسب للخروج من دوامة العدم التي أعيشها.

ألا ترين أن مسافة هائلة تفصل معظم مواضيع المسلسلات السورية عن حياة السوريين؟ كيف يمكن تجاوز هذا الفصل بين الحقيقة وفن التمثيل الموجه إلى الجمهور؟
المسلسلات السورية أكثر قرباً إلى حياة السوريين، بغضّ النظرعن كيفية تداول هذه الحياة أو إظهارها. لكن الحقيقة أن الأعمال التلفزيونية المنتجة داخل سورية أو حتى خارجها تخضع لرقابة سياسية خاصة بالجهة المنتجة. هذه هي الحقيقة. الأعمال السورية في الداخل رهينة رقابة نظام ديكتاتوري فاشي مستعد لحرق البلد من أجل بقائه، فماذا ننتظر منه أن يقدم أو أن يسمح بتقديمه من حقيقة معاشة في الداخل؟ّ أن يقترب من حياة السوري ويصور أزمته الاقتصادية والاجتماعية مثلاً، هذا ليس كافياً. هل يستطيع أن يصور داخل المعتقلات الامنية ؟ هل يستطيع المجاهرة بقتل المعتقلين داخل زنازينه! هذا مستحيل. هو أبعد ما يكون عن الحقيقة مهما تظاهر بالقرب من حياة السوريين وادعى الدفاع عنهم.

الحقيقة مرعبة وقوة التمثيل لا تضاهيها في شيء!
عشنا ونعيش في بلد يجري تدميره يومياً منذ أكثر من ثلاث سنوات. لذلك من الصعب مجاراة قوة ما يحدث بعمل تلفزيوني. كانت هناك تجارب عديدة قدمت قبل وبعد الثورة للوصول إلى الأداء الأقرب للطبيعية والتلقائية، وهما الميزتان اللتان تميز بهما الممثل السوري خصوصاً في المسرح (مسرحية المهاجران) مثلاً قبل الثورة السورية.

أليست الثورة السورية، إنْ استعرنا كلمات من قاموس الدراما، أقرب إلى المسرح والسينما منها إلى التلفزيون؟
أتساءل بدوري، أين هي الثورة في المسرح السوري؟ هناك تجارب قليلة جداً ومبعثرة في بلاد المنافي، أما داخل سورية فلم أشاهد عروضاً بحكم بعدي عن البلد. بالنسبة للسينما هناك غزارة في إنتاج الافلام التي توثق الثورة بطريقة فنية استطاعت أن تلفت جمهورالسينما الوثائقية إليها بعفويتها وتنوعها وغناها. نعم إلى حد بعيد استطاعت السينما أن تعبرعن الثورة, وهذا غير مستغرب في بلد احتكرت السينما فيه بثلاثة أوأربعة اشخاص دون غيرهم قبل الثورة. بالنسبة للتلفزيون، فكل محطة تلفزيونية تحمل أجندة سياسية تسم أعمالها، سواء الاخبارية اليومية أو الأعمال الدرامية من مسلسلات و أفلام وثائقية.

عملت في المسرح والسينما والتلفزيون؟ لو أتيح لك الاختيار الحر، أي الفنون أقرب إليك؟
لو أتيح لي الاختيار الحر لاخترت العمل في التلفزيون لانه سيضمن لي دائما الاختيار الحر. لكن اقرب الفنون إلي هو السينما الوثائقية.

ألم تنته مرحلة توثيق يوميات الثورة السورية، وهل المستقبل الفني هو لصالح السينما التسجيلية والوثائقية؟
 لن ينتهي التوثيق. الحياة مستمرة واشعر بوجود شغف في توثيق لحظات الحياة الفريدة والاستثنائية التي نعيشها. لذلك هناك حاجة إلى السينما الوثائقية والتسجيلية أكثر من غيرها. نحن في سباق يومي مع هذا الأمر الملحّ. وجود وثيقة عن السوريين في مصلحة  السوريين بالمستقبل. لأنها تمثل الاعتراف الوحيد المتاح عبر الفن. لكنني أود الإشارة إلى أنه لا غنى لنا عن السينما الروائية التخييلية. فليس الواقع فقط ما يحفز خيالنا وليس تسجيله فقط ما يقوي من دور الحقيقة في التمثيل ودور الفنان السوري، أمام هول ما عشناه ونعيشه، ربما يكون الخيالي أقوى أثراً.

المساهمون