ريم تعالج أطفال غزة بالموسيقى

18 أكتوبر 2016
مع تلميذاتها (محمد الحجار)
+ الخط -
تعرف باسم "آلة العواجيز" لكنّ الشابة الفلسطينية ريم بدأت العزف على آلة العود مذ كانت طفلة. بإرادتها الكبيرة وشغفها تحدّت النظرات السلبية. حاولت طويلاً حتى نجحت في إبراز صورتها كعازفة معروفة خصوصاً لدى المؤسسات الدولية والمحلية التي تعمل في مجال العلاج النفسي. بالنسبة لهم فإنّ ريم أفضل معالج نفسي بالموسيقى في قطاع غزة المحاصر.

ريم عنبر (26 عاماً) تحمل درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال، وحصلت أيضاً على درجة الدبلوم في الدراما من بلجيكا. عملت طوال 10 اعوام في مجال التدريب على الموسيقى مع عدد من المشاريع الممولة من مؤسسات دولية مثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" ومؤسسة تامر للتعليم المجتمعي، والإغاثة الإسلامية، ومركز معاً التنموي. كذلك، حاضرت في اختصاصها الفني في "كلية مجتمع غزة السياحية".

كثيراً ما تعرضت للانتقاد عندما كانت صغيرة، بسبب حبها للموسيقى. حصدت في المدرسة المراكز الأولى في العزف. وكانت الفتاة الوحيدة التي تعزف على العود في المنافسات التي تجمع كلّ مدارس القطاع.

في المرحلة الثانوية، بدأت ريم تحقق جزءاً من طموحاتها عندما سافرت إلى إسبانيا حيث نجحت في التعريف بالقضية الفلسطينية من خلال العزف على المسرح. بعد عودتها، بدأت بتعليم الأطفال الموسيقى مع مشاريع تابعة لمركز معاً التنموي ممولة من "يونيسف" وكانت مدربة الموسيقى الأنثى الوحيدة للأطفال عام 2007. تابعت من بعدها حياتها الجامعية ونشاطها الإنساني مع أكثر من جهة.

تقول لـ "العربي الجديد": "بدأت فكرة الموسيقى العلاجية لديّ مع بدايات صعودي إلى المسرح وعزفي بكل قوة وبفيض من المشاعر. وتأثير ذلك على الجمهور في خلق راحة نفسية لديه. عندها اكتشفت أنّ الموسيقى يمكن أن تغير روح كلّ إنسان، وتجعلها قوية في أي مجتمع يعاني من الاضطهاد أو الحروب".

شقت ريم طريقها في عدة دول كسفيرة فنية وإنسانية لفلسطين. قدمت في مسارح إسبانيا وبلجيكا والضفة الغربية عروضاً موسيقية. مرّت في هولندا ومصر. وعملت في مدارس بلجيكا طوال أشهر في مجال الدراما الموسيقية بعد نيلها شهادتها. مع ذلك، عرقلت طريقها إلى الخارج أكثر من 10 مرات بسبب رفض الجانب الأردني منحها ورقة عدم الممانعة، وأيضاً إغلاق معبر رفح من الجانب المصري. كذلك، حرمت من العرض في مهرجان الفولكلور الشعبي السويدي قبل عام بعدما رفضت السويد منحها التأشيرة. وهو السبب نفسه الذي حرمها من عدة منح دراسية في الخارج.

تبين لها خلال جلساتها مع الأطفال، أنهم متأثرون كثيراً بالمواقف السياسية والحزبية، وهو ما تبيّن في رسوماتهم التي طلبت منهم أن يعبّروا عن أنفسهم فيها. هذا الوضع أزعجها في ظل محاولتها إخراج الجوانب الإنسانية في كلّ طفل وتغليبها على ما عداها. تقول: "بعض الأطفال كانوا لا يتقبلون فكرة الغناء ولا الموسيقى بدعوى أنّهما حرام. بدأت في إقناعهم بالجوانب الجيدة في الموسيقى وأهميتها في خدمتهم وخدمة الوطن". أنشأت ريم ثقافة لدى الأطفال لتقبل كلّ العلوم والفنون. وبذلك، اكتشفت مواهب موسيقية وغنائية بينهم.



وعلى صعيد الفتيات والسيدات، فقد أجرت لهن تدريبات وجلسات تفريغ نفسي، خصوصاً من تعرضن إلى تحرش لفظي وإهمال أسري وتهميش وغير ذلك. بدأت في بناء ثقة معهن خلال استخدام الموسيقى والمهارات الحركية والبدنية، إلى جانب استخدام الرسم مع قوة العقل والقلب لتخرج الطاقة السلبية منهن.

تقول إنّ الجلسات ينتج عنها أنظمة تتبعها كلّ مشاركة لاحقاً بهدف تبديل مسار حياتها. تلك الأنظمة تكشف عن أسباب معاناتهن ومنها التسلط الذكوري عليهن، وتحاول أن تتعامل معهن برفق يساهم في تعزيز شخصيتهن.

تعتمد ريم خلال الجلسات على مهاراتها الشخصية في رواية قصتها الخاصة بالترافق مع العزف على العود. بذلك، تكسر الحواجز الداخلية مع السيدات والفتيات، فيباشرن بالحديث عن مشاكلهن بكلّ حريّة. تتدرج معهن حتى يصل التفريغ النفسي إلى مرحلة الغناء الجماعي والرقص ما يغمرهن بالسعادة ويشعرهن بالراحة النفسية.

ما زالت ريم بالرغم من توقف عملها في المشاريع حالياً، تجري جلسات تفريغ نفسي وجلسات موسيقى للسيدات والفتيات في منزلها. لكن، وبالرغم من كلّ إنجازاتها، ما زالت تسعى إلى الحصول على أيّ منحة في الخارج لمتابعة دراسة العلاج بالموسيقى، وتطوير خبرتها في الموسيقى لتخدم الفئات الأكثر تهميشاً في قطاع غزة المحاصر وغيره من الأماكن.