مرت أمس ذكرى رحيل رياض السنباطي (1906 - 1981)، أحد أبرز أسماء الموسيقى العربية عامة، والمصرية تحديداً. هو الرفيق الدائم لأم كلثوم، من الثلاثينيات وحتى رحلت عن عالمنا في السبعينيات. كان أحد أهم مؤسسي الأغنية الكلثومية، هو صاحب ألحان جمعت بين الأصالة وتطوير شكل الأغنية الشرقية.
بدأ السنباطي من المنصورة، حيث أطلق عليه لقب بلبل المنصورة. وبسبب الأمراض وضعف أحباله الصوتية، يقرر صاحب "على عودي" اختيار طريق التلحين. ورغم ذلك، كان رياض يحب أن يغني، فأدّى بصوته كثيراً من ألحانه لأم كلثوم وغيرها. كما أدّى، أيضا، أغاني وأدوارا وقصائد كثيرة ليست من ألحانه، مثل أعمال سيد درويش ومحمد عثمان وغيرهما من الملحنين. رغم رأي السنباطي في صوته، أو رؤيته أن صوته غير قادر على منافسة الأصوات التي كانت على الساحة في بداياته، إلا إنه يملك صوتاً قادراً على التطريب ونقل إحساس اللحن.
غنى السنباطي، أيضاً، أعمالاً خاصة، إن كان في شكل دويتو مع نجاة علي، أو مع هدى سلطان في تجربته التمثيلية الوحيدة فيلم "حبيب قلبي" (1952)، وغنى أيضاً قصائد بصوته هو فقط، مثل قصيدة "فجر" من كلمات أحمد فتحي، وقصيدة "من الله أنت يا محمد" وقصيدة "إله الكون سامحني". غناء السنباطي وهو طفل، صقل صوته وجعله قادراً على غناء القصائد بشكل محترف.
رغم أن السنباطي نفسه قال "قصة حياتي هي أم كلثوم"، مؤكدا أن أهم ألحانه وتجاربه خرجت من حنجرة الست، وذلك بكل تأكيد صحيح، السنباطي الملحن الوحيد الذي استمر مع أم كلثوم منذ بدايتها وحتى وفاتها، فلحن لها في نهاية الثلاثينيات، ولحن لها في السبعينيات قبل رحيلها، وانفرد بالتلحين لها لمدة عشر سنين متواصلة، منذ بداية الخمسينيات، وحتى دخول بليغ حمدي وعبد الوهاب في بداية الستينيات. لكن، في المقابل، كل ذلك جعل ألحان السنباطي لغير أم كلثوم، أقل أهمية؛ رغم نجاح بعضها، إلا إن الجمهور لم يركز على أنها من ألحان السنباطي، أو لم يربط الناس بين هذه الألحان وصاحبها.
من الأصوات النسائية التي لحن لها السنباطي، منيرة المهدية وفتحية أحمد وأسمهان ونجاة علي ونادرة أمين. أصوات مهمة للغاية، ظهرت في نفس فترة ظهور أم كلثوم. كان السنباطي يتحرك بكل حرية حتى مع عمله مع أم كلثوم.
غنت ليلى مراد العديد من ألحان السنباطي قبل اعتزالها الفن في منتصف الخمسينيات، مثل "يا حبيب الروح"، والذي نرى فيه عملاً مسرحيا من الدرجة الأولى؛ فهو استعراض يقدم بأوركسترا كبيرة، وينقل أحداثاً درامية. وكذلك نذكر لحن "مين يشتري الورد مني"، ووضوح تأثره بالقصبجي فيه، إضافة إلى ألحان مثل "حد يفهم إيه معنى الحبيب". نستطيع مع ألحان السنباطي أن نرى الجواهر التي في حنجرة المطرب، من دون أي افتعال أو صراخ.
غنت كل مطربات الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من ألحان السنباطي، خصوصاً صاحبات الأصوات الطربية، مثل نور الهدى التي أدّت العديد من القصائد، وسعاد محمد التي غنت كثيرا من ألحانه، كان أشهرها لحن قصيدة "انتظار" التي كانت ستغنيها أم كلثوم لولا رحيلها، كذلك قدم لشهرزاد وهدى سلطان أكثر من عشرة ألحان.
لحن السنباطي أيضاً أعمالاً لمطربات الجيل الثاني، مثل شريفة فاضل وفايزة أحمد وعزيزة جلال ووردة وميادة ونجاح سلام، كلهن غنين من ألحانه، ولو لحنا واحدا على الأقل. عندما نستمع إلى أغنية لإحدى تلك المطربات، نشعر وكأنها تقلد أم كلثوم، لكن الأمر كله أن الملحن هو السنباطي؛ وهو ليس تكراراً لألحانه مع الست، وإنما تجريب في مساحات رحبة بعيداً عن حنجرة الست، وبمصاحبة حناجر أخرى. مثلاً، سنجد أن "يا حبيبي اسمح لي أقول" لك لشريفة فاضل، و"لا تقل لي ضاع حبي" لوردة، ألحاناً سنباطية بامتياز، يقول البعض إنها كلثومية من الدرجة الأولى، لكنها فعلياً هذه شخصية السنباطي اللحنية والموسيقية، بدليل أنها تحمل بصمات أخرى، مثل الأجواء الشعبية مع شريفة فاضل.
اقــرأ أيضاً
لعل السنباطي كان يشعر بحرية أكبر في التلحين خارج محراب أم كلثوم، ربما يحاول تجربة طرق وأشكال جديدة، بعيدة عن الشكل الكلثومي الذي أصبح بصمة؛ فلحن للأجيال الجديدة صاحبة الأغنية الشبابية، مثل حليم وشادية في "أحب الوشوشة"، ونجاة الصغيرة في أغنية "يا قلبك ويا سلام عليك"، وصباح في "راحت ليالي وحاسديني على حبك"، كلها ألحان أقرت أن السنباطي ليس ملحن أم كلثوم فقط، وأن قصة حياته ليست أم كلثوم فقط.
بدأ السنباطي من المنصورة، حيث أطلق عليه لقب بلبل المنصورة. وبسبب الأمراض وضعف أحباله الصوتية، يقرر صاحب "على عودي" اختيار طريق التلحين. ورغم ذلك، كان رياض يحب أن يغني، فأدّى بصوته كثيراً من ألحانه لأم كلثوم وغيرها. كما أدّى، أيضا، أغاني وأدوارا وقصائد كثيرة ليست من ألحانه، مثل أعمال سيد درويش ومحمد عثمان وغيرهما من الملحنين. رغم رأي السنباطي في صوته، أو رؤيته أن صوته غير قادر على منافسة الأصوات التي كانت على الساحة في بداياته، إلا إنه يملك صوتاً قادراً على التطريب ونقل إحساس اللحن.
غنى السنباطي، أيضاً، أعمالاً خاصة، إن كان في شكل دويتو مع نجاة علي، أو مع هدى سلطان في تجربته التمثيلية الوحيدة فيلم "حبيب قلبي" (1952)، وغنى أيضاً قصائد بصوته هو فقط، مثل قصيدة "فجر" من كلمات أحمد فتحي، وقصيدة "من الله أنت يا محمد" وقصيدة "إله الكون سامحني". غناء السنباطي وهو طفل، صقل صوته وجعله قادراً على غناء القصائد بشكل محترف.
رغم أن السنباطي نفسه قال "قصة حياتي هي أم كلثوم"، مؤكدا أن أهم ألحانه وتجاربه خرجت من حنجرة الست، وذلك بكل تأكيد صحيح، السنباطي الملحن الوحيد الذي استمر مع أم كلثوم منذ بدايتها وحتى وفاتها، فلحن لها في نهاية الثلاثينيات، ولحن لها في السبعينيات قبل رحيلها، وانفرد بالتلحين لها لمدة عشر سنين متواصلة، منذ بداية الخمسينيات، وحتى دخول بليغ حمدي وعبد الوهاب في بداية الستينيات. لكن، في المقابل، كل ذلك جعل ألحان السنباطي لغير أم كلثوم، أقل أهمية؛ رغم نجاح بعضها، إلا إن الجمهور لم يركز على أنها من ألحان السنباطي، أو لم يربط الناس بين هذه الألحان وصاحبها.
من المغنين الرجال، لحن السنباطي لعبد الغني السيد، مثل لحن "يا ناري من جفاك"، و"آه من العيون"، وقصيدة "قولوا له روحي فداه،" و"قوليلي إيه غير حالي"، والتي يشبه لحنها لحن "افرح يا قلبي" لأم كلثوم، وهما اللحنان اللذان يتضح فيهما تأثر السنباطي بمحمد القصبجي. ولكارم محمود، لحّن أوبريت مجنون ليلى، و"على دقة القلب حول النغم"، وهو لحن فلكلوري قريب من أجواء "على بلد المحبوب"، رغم أنها أغنية فصحى.
لحن السنباطي أيضاً لمحمد عبد المطلب، أحد أهم الأصوات الشعبية. مع السنباطي، تخلّى عبد المطلب عن المبالغة بالطبقات العالية بشكل مبالغ فيه، كما هو متعارف عليه، ليغني بشكل رقيق، كما في أغنية "جميل وبخيل"، وكذلك في "شفت حبيبي وفرحت معاه". من الأصوات النسائية التي لحن لها السنباطي، منيرة المهدية وفتحية أحمد وأسمهان ونجاة علي ونادرة أمين. أصوات مهمة للغاية، ظهرت في نفس فترة ظهور أم كلثوم. كان السنباطي يتحرك بكل حرية حتى مع عمله مع أم كلثوم.
غنت ليلى مراد العديد من ألحان السنباطي قبل اعتزالها الفن في منتصف الخمسينيات، مثل "يا حبيب الروح"، والذي نرى فيه عملاً مسرحيا من الدرجة الأولى؛ فهو استعراض يقدم بأوركسترا كبيرة، وينقل أحداثاً درامية. وكذلك نذكر لحن "مين يشتري الورد مني"، ووضوح تأثره بالقصبجي فيه، إضافة إلى ألحان مثل "حد يفهم إيه معنى الحبيب". نستطيع مع ألحان السنباطي أن نرى الجواهر التي في حنجرة المطرب، من دون أي افتعال أو صراخ.
غنت كل مطربات الخمسينيات والستينيات والسبعينيات من ألحان السنباطي، خصوصاً صاحبات الأصوات الطربية، مثل نور الهدى التي أدّت العديد من القصائد، وسعاد محمد التي غنت كثيرا من ألحانه، كان أشهرها لحن قصيدة "انتظار" التي كانت ستغنيها أم كلثوم لولا رحيلها، كذلك قدم لشهرزاد وهدى سلطان أكثر من عشرة ألحان.
لحن السنباطي أيضاً أعمالاً لمطربات الجيل الثاني، مثل شريفة فاضل وفايزة أحمد وعزيزة جلال ووردة وميادة ونجاح سلام، كلهن غنين من ألحانه، ولو لحنا واحدا على الأقل. عندما نستمع إلى أغنية لإحدى تلك المطربات، نشعر وكأنها تقلد أم كلثوم، لكن الأمر كله أن الملحن هو السنباطي؛ وهو ليس تكراراً لألحانه مع الست، وإنما تجريب في مساحات رحبة بعيداً عن حنجرة الست، وبمصاحبة حناجر أخرى. مثلاً، سنجد أن "يا حبيبي اسمح لي أقول" لك لشريفة فاضل، و"لا تقل لي ضاع حبي" لوردة، ألحاناً سنباطية بامتياز، يقول البعض إنها كلثومية من الدرجة الأولى، لكنها فعلياً هذه شخصية السنباطي اللحنية والموسيقية، بدليل أنها تحمل بصمات أخرى، مثل الأجواء الشعبية مع شريفة فاضل.