غريب أمر كرة القدم، فهي متقلبة في نتائجها داخل الملاعب وفي محيطها الخارجي. تأخذك يوما إلى القمة، وتقودك يوما آخر إلى القاع، تجعلك تستمتع بالنجومية، وأحيانا تحرقك بنفس لمعان النجومية.
شهدت الأيام الماضية اتهام وزارة العدل البرازيلية للاعب أدريانو بممارسة تجارة المخدرات، وبوجود علاقات بينه وبين عصابات الاتجار، وأعلنت أن لديها أدلة تفيد بأنه قام بشراء دراجة بخارية، وفرها لبعض الأشخاص لاستخدامها في التجارة المشبوهة. وطالبت الوزارة اللاعب بتسليمها جواز سفره منعا لإمكانية هروبه خارج البرازيل.
مثل هذه الممارسات من شأنها أن تغير أسهم اللاعب ومكانته لدى عشاق كرة القدم إلى النقيض، وتتحول البطولة والمجد إلى احتقار واشمئزاز. والأمثلة كثيرة مع الأسف في هذا السياق؛ حيث ذهب نجوم كرة القدم ضحية لآفة المخدرات والكحول.
البداية كانت مع الإيرلندي جورج بست نجم مانشستر يونايتد الإنجليزي سابقا، والذي استسلم للكحول؛ مما جعله محل متابعة من القضاء الإيرلندي، ودمر صحته، وتوفي سنة 2005 بسبب التهاب في الرئة، نتيجة إدمانه.
تماما مثل إحدى أساطير الكرة في العالم، البرازيلي جارينشا الذي تجاوز عقبات الطفولة، وانتصر في صراعه مع عقدته الجسدية وقاد بلاده إلى قمة الهرم العالمي، لكن عادت مصائب الدنيا لتلقي بظلالها عليه، وخسر معركته ضد إدمان الكحول وعشق السهرات الليلية، لتنطفئ شمعته إلى الأبد في سن مبكرة يوم 20 يناير/كانون الثاني 1983، عندما كان عمره يناهز 49 عاماً
جاسكوين يحتاج إلى بيت يأويه
في إنجلترا، لا يمكن المرور من دون التذكير بنجم توتنهام والمنتخب الإنجليزي في التسعينيات، بول جاسكوين، الذي اعتزل كرة القدم عام 2004 في محطته الأخيرة مع نادي بوستون يونايتد الأميركي، قبل مشوار مميز بدأه مع نيوكاسل، ثم توتنهام، فلاسيو الإيطالي، ورينجرز الاسكتلندي، وعدة محطات أخرى، جعلته يجني الكثير من الأموال، لكنه فشل في المحافظة عليها وأنفقها في عالم الكحول والمخدرات.
ما حدث مع هذا اللاعب يستحق أن يكون درسا للمواهب الشابة حتى تستفيد منه. فهذا النجم العالمي الذي كان يوما ما قبلة المعجبين الذين يصطفون بالمئات لالتقاط الصور والأوتوغرافات، صار يبحث اليوم عن منزل يؤويه. وهذا اللاعب المعروف بقوة شخصيته فوق الميدان سقط ذات يوم مغشيا عليه أمام الحضور في إحدى الحفلات الخيرية من إفراطه في شرب الكحول، وربما أشياء أخرى لم يتم الكشف عنها. وعوضا عن الاستفادة من حضوره في هذا الحفل الخيري، فإن الجميع التف لمساعدته ونقله إلى أحد المستشفيات للتداوي. ولم تكن هذه الحادثة الأولى والأخيرة في حياة جاسكوين الذي كان قريبا من الموت عدة مرات بسبب إدمانه
بريمه يستحق الشفقة
من الصعب نسيان المدافع المتألق لنادي بايرن ميونيخ الألماني وانتر ميلان، أندرياس بريمه، الذي توج بألقاب عديدة في مشواره الكروي مع الأندية التي لعب معها أو مع منتخب المنشافت، غير أنه ذهب، بدوره، ضحية لإدمانه؛ مما جعله أسيرا يتخبط في الديون، واضطر إلى بيع بيته بسبب ديونه التي بلغت 20 مليون يورو.
هذه المأساة التي يعيشها صاحب هدف فوز المنتخب الألماني في كأس العالم سنة 1990 بضربة جزاء، دفع بالقيصر فرانز بيكنباور إلى دعوة نجوم الكرة الألمانية لمساعدته من أجل الخروج من محنته، ودعوة رجال الأعمال لمساعدته في العثور على عمل بعد إعادة تأهيله.
ولأن حالة بريمه شكلت محور أحاديث الجماهير الألمانية، فقد قال اللاعب الألماني السابق أوليفير ستروبه، الذي لم يحظ بمسيرة كروية لامعة مثل بريمه، لكنه الآن يملك شركة تهتم بتنظيف الحمامات، إنه مستعد أن يوظّف بريمه، كي يُساعده في الوقوف على قدميه من جديد
مارادونا الصدمة الكبرى
صدمت جماهير كرة القدم بتسرب خبر تورط النجم العالمي ومعبود الجماهير الرياضية "دييجو مارادونا" في تعاطي المخدرات. هذا اللاعب الذي سحر العالم بلمساته، خيب أمل كل من سانده وشجعه وأطلق تعبيرات الإعجاب أمام إبداعاته. شيء لا يمكن أن يصدق بأن مارادونا يسقط في فخ الإدمان ويدخل أحد المصحات الخاصة، وهو يصارع الموت، إثر إصابته بأزمة قلبية حادة، ومعاناته من ارتفاع ضغط الدم، وهو الذي اضطر إلى الاعتزال بعد قرار استبعاده من مونديال 1994 في أميركا بسبب تعاطيه منشطات.
مارادونا قال في آخر تصريحاته: "لولا المخدرات لأصبحت ظاهرة لن تتكرر في كرة القدم". وتابع: "إننى أبلغ من العمر حاليا 53 عاما، ولكنني أشعر كما لو كنت في الثمانين من عمري؛ لأنني لم أعش حياة عادية، بل سقطت في هوة المخدرات التي كان لها تأثير بالغ السلبية، ليس فقط على مشواري الكروي، بل وعلى حياتي بأسرها
فييري ...البوكر..والإفلاس
كريستيان فييري نجم الكرة الإيطالية ومعشوق جماهير إنتر ميلان الإيطالي، لم ينجح بدوره في النجاة من فخ الإدمان والكحول وأتباعهما، وذهب ضحية ولعه بلعبة البوكر والقمار بمختلف أنواعه؛ مما اضطره إلى بيع كامل ممتلكاته، وبخاصة الشركة العقارية الكبرى التي كان أنشأها مع والدته، وخسارة 16 مليون يورو تقريبا.
فييري قال في تصريح للصحيفة الإيطالية لاجازيتا ديلو سبورت "إن القمار والإدمان للعبة البوكر كانا من بين أكثر الأمور التى تسببت في خسارته للأموال"، وأضاف بأن "عشقه للنساء ساهم بدوره في إفلاسه".