رونالدو دي ليما.. وعشرة لاعبين آخرين

04 يوليو 2017
+ الخط -

يسعى جمهور كرة القدم بشكل مستمر لإجراء مقارنات بين اللاعبين الذين لمع نجمهم عبر تاريخ اللعبة، ليختاروا بينهم اللاعب الأفضل، ويميل معظمهم لاختيار المهاجمين، ويؤكد على ذلك اختيار بيليه كأفضل لاعب في القرن العشرين من خلال التصويت الذي أجراه الصحافيون، واختيار مارادونا لنفس الجائزة بتصويت الجمهور عبر الإنترنت؛ ولكن الحديث عن أفضل لاعب بتاريخ كرة القدم اليوم أو أفضل مهاجم قد يكون أخذ منحى مختلفًا بسبب التطور الذي عاشته الرياضة الجماهيرية في العقود الثلاثة الأخيرة.

وإذا ما حاولنا أن نرصد أنواع المهاجمين وأساليبهم عبر تاريخ كرة القدم؛ فإننا نستطيع أن نميز بين نمطين رئيسيين للمهاجمين، النمط الأول هو المهاجم المهاري الذي يعتمد على مهارته بالمراوغات وفنياته بالتعامل مع الكرة ليتميز ويتألق، وهذا النمط عرف بالطريقة اللاتينية، ومن الممكن أن نعتبر بيليه ومارادونا نماذج واضحة لهذا النمط من المهاجمين؛ والنمط الثاني هو المهاجم الأوروبي، المعروف بروحه القتالية واندفاعه وقوته البدنية، وقد يكون جيرد مولر أحد أفضل المهاجمين من هذا النمط، الذين زاولوا اللعبة في القرن العشرين.

اختلفت الآراء في القرن الماضي حول أي نمط هو الأفضل، وانبرت مسلسلات "الإنيمي" للإجابة على هذا التساؤل، ففي مسلسل "الكابتن ماجد" نعيش الصراع بين اللاعب المهاري "ماجد" واللاعب البدني "بسام"، ويفوق اللاعب المهاري بالنهاية في صراع الألقاب الفردية والجماعية.

إلا أن الحديث عن هذه الأنماط المتباينة من المهاجمين ينتمي للزمن الماضي، ففي العقد الأخير من القرن العشرين ظهر العديد من اللاعبين الذين تمتعوا بالقوة البدنية والمهارات الفنية في الوقت نفسه، وأبرزهم الظاهرة رونالدو دي ليما (1976). تحول أسلوب رونالدو في اللعب إلى النمط السائد في عالم كرة القدم في الأعوام الأخيرة، فبات من الصعب أن ندرك التطور الذي طرأ على كرة القدم اليوم، من دون أن نتطرق للأثر الذي أحدثه الظاهرة على اللعبة.

ما يميز رونالدو كمهاجم أيضًا، أنه من أوائل المهاجمين الذين طبقوا فكرة أن المهاجم هو محطة لبناء الهجمة، فهو امتاز بمحاوراته التي تعتمد على المهارات الفردية، بالإضافة لقدرته على تحويل الكرات العالية القادمة من الخلف إلى هجمات منظمة بفضل القدرة على الارتقاء وحسن التمركز؛ فرونالدو كان يجيد التحرك بكرة أو من دون كرة، ويتمكن من تحويل أنصاف الفرص إلى فرص محققة، فهو يجمع بين مهام المهاجم رقم 9 الذي يجيد التمركز ويعتمد على قوته البدنية، واللاعب رقم 10 الذي يعرف كيف يبدأ الهجمة ويصنع الفرص ويهدي الكرات لزملائه.

تمكن رونالدو، بسبب الأسلوب الهجومي الخاص به، أن يحصد نتائج كبيرة في وقت قياسي، فهو اللاعب صاحب الأرقام القياسية بعدد الأهداف في بداية مسيرته الكروية، وحاز على لقب الظاهرة بفضل تميزه في التسعينيات، ولولا الإصابات التي أفقدت رونالدو قيمته الفنية بعد كأس العالم 2002، لكان اسمه هو الاسم الأول في عالم كرة القدم من دون منازع.

وإذا ما أردنا أن نفهم الأثر الذي أحدثه رونالدو في عالم كرة القدم؛ فما علينا سوى متابعة المهاجمين الذين لمعت أسماؤهم في سماء كرة القدم في السنين الأخيرة؛ فالسلطان إبراهيموفيتش وواين روني ودييجو كوستا وروبرت ليفاندوفسكي ولويس سواريز، جميعهم يتمتعون بالقوة البدنية والمهارات الفردية، ويجيدون صناعة الأهداف واستغلال الفرص؛ فبعد رونالدو زالت الفوارق بين اللاعبين الأوروبيين واللاعبين اللاتينيين إلى حدٍ كبير.

غير أن أثره يمتد ليطغى على باقي مراكز اللاعبين، فبعد رونالدو أصبح صانعو الألعاب ينافسون على الألقاب الفردية بشكل أكبر، ويتواجدون بقوائم هدافي الدوريات الكبرى بشكلٍ دائم، فليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، اللذان يسيطران على جائزة الكرة الذهبية منذ عشرة أعوام، بدآ مسيرتهم كأجنحة على الرواق، وتحولا لهدافين يتبادلان الأدوار مع المهاجمين ويصنعان الفارق في كل بقعة من الملعب، كما كان يفعل رونالدو تمامًا.

المساهمون