رومانيون يُطردون من كوبنهاغن

09 اغسطس 2017
تتسوّل (ناصر السهلي)
+ الخط -
بعدما زاد عدد المتسولين، خصوصاَ الرومانيين، في الدنمارك، اختارت الأخيرة تشديد العقوبات بحق هؤلاء، وصولاً إلى إبعادهم، خشية نشوء خيمات عشوائية، إضافة إلى تزايد شكاوى الدنماركيين

مع بداية الشهر الحالي، بدأت الدنمارك تطبيق سياسة متشدّدة حيال الرومانيين المتسولين في شوارع العاصمة كوبنهاغن وغيرها من المدن. وكانت وزارة العدل الدنماركية قد أدخلت تعديلات مشدّدة على قانون التسول، نصت على أحكام بالسجن والإبعاد بحق هؤلاء.

وصوتت الغالبية البرلمانية في بداية يونيو/ حزيران الماضي، لصالح تعديلات تقضي بالسجن أسبوعين بحق المتسولين، إثر نداءات وجهها محافظ بلدية كوبنهاغن فرانك يانسن لرئيس الوزراء لارس لوكا راسموسن ووزير العدل سورن بابي، في ظل تفاقم المشكلة، وانتشار الرومانيين في شوارع وساحات كوبنهاغن، إضافة إلى عشرات المشردين من دول جنوب شرق أوروبا.

ورغم تصويت غالبيّة أعضاء البرلمان على التعديلات في شهر يونيو/ حزيران الماضي، فقد جمّد طلب حزب الشعب اليميني المتشدّد بإبعاد من يحكم عليه. ويرى البعض أن إبعاد مواطني دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي ليس حلاً. من جهة أخرى، وعدت الحكومة بمناقشة هذه القضية على المستوى الوزاري الأوروبي، في ظل رغبة الدنمارك في إقامة "مناطق حظر"، لمنع تدفق الرومان إلى البلاد.

وفي وقت لاحق من شهر يونيو/ حزيران، تُرك القرار بالإبعاد للمحاكم الدنماركية، الأمر الذي استغلته المحكمة الابتدائية في كوبنهاغن، بأن حكمت بإبعاد مواطنة رومانيّة (63 عاماً)، تقيم في الدنمارك وتتسول، بعد قضائها 20 يوماً في السجن. ويعدّ هذا الحكم الأوّل من نوعه بحقّ المتسولين. وقالت المحكمة إنّ قرارها "حماية للأمن الاجتماعي بعدما بات التسوّل يشكل تهديداً في البلاد". واعتقلت المرأة حين كانت جالسة قرب محطة مترو، تطلب من الناس وضع نقود لها. وأشارت أمام القاضي إلى أنها اعتادت المجيء إلى الدنمارك على مدى السنوات الـ 15 الماضية، علماً أنها تعود إلى رومانيا من وقت إلى آخر لترعى أطفالها السبعة، الذين يأكلون من القمامة في بعض الأحيان بحسب قولها.

وكانت قد صدرت أحكام عدة بحق هذه المرأة بسبب التسول ومضايقة المارة. وعادةً ما يجلس الرومانيون القرفصاء، واضعين أمامهم صوراً وصلباناً وكوباً بلاستيكياً. في بعض الأحيان، يلجأ الشبان إلى حمل الأكواب والتجول بين المارة عند محطات الباصات، طالبين النقود بلغتهم الأصلية. ويرى البعض أن هؤلاء يساهمون في تشويه صورة البلاد".


ويُلاحظ أنّ بعض النساء يتجولن على المقاهي التي يجلس فيها سيّاح، ويضعن غطاء الرأس ويدعين أنهن من سورية لاستدرار العطف، قبل أن يجري توقيف بعضهن، بحسب الضابط في مدينة آرهوس وسط البلاد. والتسوّل ليس المشكلة الوحيدة، إذ يتّهم بعض الرومانيين بالسرقة ضمن عصابات منظمة". وعانت الدنمارك والسويد بسبب تدفق هؤلاء ضمن مجموعات خلال السنوات التي تلت انضمام رومانيا إلى الاتحاد الأوروبي، خصوصاً بعدما تحولت وجهة الكثيرين منهم خلال العام الماضي من بريطانيا إلى إسكندنافيا.

ويعدّ الحكم الصادر بالإبعاد، الأوّل من نوعه منذ بدء تطبيق القانون الجديد في 21 يونيو/ حزيران السابق. ويستند القضاة إلى نص مفاده بأنه يمكن إبعاد المحكوم "إذا ما أظهر سلوكاً يعتبر تهديداً خطيراً وحقيقياً وفوريا للمصالح الأساسية للمجتمع".

وتشهد الدنمارك زيادة في عدد المشردين الأجانب من دول أوروبا الشرقية، وتحديداً رومانيا، وسط خوف من تحوّل المناطق التي يقيمون فيها إلى مخيمات، على غرار ما حدث في ضواحي بعض المدن السويدية. ويتعرّض الرومانيون، الذين يبيتون في العراء، إلى هجمات من شبان دنماركيّين، وهو ما يشكو منه المشردون في البلاد. وتعمد دوريات الشرطة إلى إيقاظ المشردين واصطحابهم إلى مراكز الشرطة للتحقيق معهم وتسجيلهم في نظام الشرطة ومعرفة أسباب وجودهم في الدنمارك". وبحسب بيانات الشرطة، هناك حرص على "تطبيق منع التسول والمخالفات القانونية ونشر الأمان بين المواطنين".

وبعد تعديل القانون، بات لدى الشرطة صلاحيات كبيرة لملاحقة الفئة "المسافرة والمقيمة في العراء". ويشكو المواطنون الدنماركيون بسبّب تجمّع أجانب ونومهم في حدائق أو تحت الجسور وفي مواقف السيارات. ووفقاً لبيانات الشرطة، أُزيل 29 مخيّماً وتجمّعاً، وقد صدرت أحكام بحقّ 129 شخصاً، وأبعد 19 شخصاً ممن انتهت فترة زيارتهم إلى البلد.

إضافة إلى التسوّل والسرقة، يجمع الرومان الزجاجات الفارغة ويبيعونها. ويتنقل الرومان بين رومانيا وكوبنهاغن عبر حافلات تنطلق يومياً من وإلى كوبنهاغن. ويتهم دنماركيّون سائقين بالعمل على "قبول نقل حقائب مسروقة في مقابل حصولهم على ما بين 20 و30 يورو عن الحقيبة". وشدّدت الرقابة على الحافلات من خلال اعتماد أسلوب التفتيش الفجائي على الطرقات السريعة.

وليس الرومانيون وحدهم فقراء. فوفقاً لبيانات الشرطة الدنماركية، "بتنا نرى المزيد من مواطني الاتحاد الأوروبي من دول أوروبا الشرقية، منهم بولنديون يقيمون في العراء ويحاولون إيجاد أي عمل ولو بسيطاً، على غرار جمع الزجاج وبيعه لإعادة التدوير".