يرى الكرملين أن العقوبات المفروضة على روسيا من الغرب الأطلسي وحلفائه، تهدف إلى قلب نظام الحكم في روسيا، عبر التضييق على المواطنين اقتصادياً ودفعهم إلى الاحتجاج، وتنظيم "ميدان" جديد، تستعد واشنطن لإدارته على طريقتها، فيما تتحضّر روسيا لمنع تشكّله، ومواجهته في حال حدوثه، بكل السبل المُتاحة.
وأظهرت روسيا نواياها، عبر تحرّر مؤسسة الدبلوماسية الروسية من لغة المجاملات، وإعلان أفكارها علناً، كي يعلم الغرب، الاستعدادات الروسية للمواجهة، في موازاة خطاب "بوتيني" يتصاعد في تعريته مواقف الغرب من روسيا منذ مؤتمر "ميونيخ" 2007.
وكانت البداية مع وزير الخارجية، سيرغي لافروف، الذي تحدّث في اجتماع الجمعية العامة الثانية والعشرين لـ"مجلس السياسة الخارجية والدفاع"، في 22 نوفمبر/تشرين الثاني، عن محاولات الغرب تغيير النظام في روسيا، عبر العقوبات وتخفيض أسعار النفط، ومحاولة إعادة روسيا إلى الوراء وكسر شراكتها مع الصين.
كما تحدث لافروف عن ازدواجية المعايير في مواقف الغرب من إبادة الشعوب، والمماطلة في تسوية قضية الشرق الأوسط وإقامة الدولة الفلسطينية، وغير ذلك. ويُعتبر "مجلس السياسة الخارجية والدفاع" منظمة غير حكومية، تأسس في 25 فبراير/شباط عام 1992 في موسكو، ويضم مجموعة من السياسيين ورجال الأعمال والشخصيات الاجتماعية، وأعضاء سابقين في الوزارات الأمنية والعسكرية والصناعية، وممثلين عن مؤسسات علمية ووسائل إعلامية روسية. ويترأسه حالياً فيدور لوكيانوف، ويُعدّ منتدى "فالداي" للحوار أحد مشاريعه الكبرى، والذي أعلن عبره الرئيس فلاديمير بوتين، مواقف حادّة تجاه الغرب الشهر الماضي.
لم يكن حديث لافروف عابراً، ومرّ على تجاربه السابقة في الأمم المتحدة، فقال "حين كانت تُقرّ العقوبات سابقاً، وكنت ما أزال أعمل ممثلاً دائماً لروسيا في الأمم المتحدة، كان شركاؤنا الغربيون، إذا ما دار الحديث عن كوريا وغيرها من البلدان، يتحدثون عن ضرورة صياغة القيود، من أجل مراعاة الحدود الإنسانية، وألا تضرّ بالوضعين الاجتماعي والاقتصادي، إنما أن تكون موجهة للضغط على النخبة".
ويضيف "أما الآن فكل شي يسير عكس ذلك، فزعماء الغرب يعلنون على الملأ أن العقوبات يجب أن تدمّر الاقتصاد الروسي، وتدفع إلى احتجاجات شعبية. وقد تحدثت عن ذلك مراراً، ولدينا تأكيدات عدة بأن السفراء والمبعوثين الأميركيين في جميع أنحاء العالم، يحاولون ترتيب لقاءات على أرفع المستويات، ويقولون إن بلدان تواجدهم، ملزمة بمعاقبة روسيا، وإلا فإنهم سيخلصون إلى استنتاجات بشأنها. وهذه المحاولات تجري في جميع البلدان، من دون استثناء، بما في ذلك مع أقرب شركائنا".
وانتقل لافروف إلى مناقشة وضع تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) والشرق الأوسط والأقليات الدينية فيه، ويقول "الإرهابيون الآن، بمن فيهم داعش، يطمحون إلى وضعية الدولة. وعلى هذه الأرضية، يتم تهجير الأقليات بمن فيهم المسيحيون. ومن غير اللائق سياسياً الحديث حول هذا الموضوع في أوروبا، فهم يشعرون بالخجل حين ندعوهم في منظمة الأمن والتعاون الأوروبي لفعل شيء في هذا الشأن. ويتساءلون: لماذا تضخيم قضية المسيحيين؟ عن أي تضخيم يدور الحديث؟ في منظمة الأمن والتعاون الأوروبي، تجري سلسلة من الفعاليات من أجل عدم جواز نسيان الهولوكوست (المحرقة النازية بحق اليهود). وفي هذه المنظمة وبمبادرة من الأوروبيين، صارت تُنظّم إجراءات ضد كراهية الإسلام. وعلى مثالها، سنقترح إجراء تحليل للعمليات التي تقود إلى كراهية المسيحيين".
ويكشف أنه "في 4 و5 ديسمبر/كانون الأول المقبل، ستُنظّم اجتماعات على مستوى وزراء منظمة الأمن والتعاون في بازل (سويسرا)، وهناك سنقدم هذا الاقتراح". وأضاف "في أسباب كراهية المسيحيين، ما له علاقة بسلوك الغرب الأطلسي المسيحي تجاه فلسطين. من الخطورة بقاء الصراع العربي الإسرائيلي عالقاً من دون حلّ".
ولفت إلى أنه اتفق مع نظيره الأميركي جون كيري، على "الحديث في هذا الموضوع. من المهم فهم أنه لا يجوز ترك مسألة الدولة الفلسطينية بشكل دائم في جمود عميق. فعدم تسويتها على مدى قرابة 70 عاماً شكّل أحد أهم الحجج للذين يجنّدون المتطرفين في صفوفهم".
وشدّد "ليس هناك أية عدالة، فقد تم الوعد بإنشاء دولتين. أُقيمت الدولة اليهودية، أما العربية فلن يقيموها أبداً. مثل هذه الحجج في الشارع العربي الجائع تبدو خطيرة جداً، وبذلك تتعالى نداءات للنضال من أجل العدالة بأساليب أخرى". وانطلاقاً من كلام لافروف، يحسم الكرملين بضرورة وضع قواعد جديدة للعلاقات الدولية وإدارة العالم. وبدوره، يبني لافروف رأيه في هذا الشأن على ما سبق أن قاله بوتين في منتدى "فالداي".
ويمرّ لافروف على كلمة بوتين في منتدى "فالداي" (24 أكتوبر/تشرين الأول الماضي)، ليؤكد أن "كلمة بوتين حول ضرورة إقامة بنية جديدة من التبعية المتبادلة ملحّة للغاية. فمن الضروري أن تجلس الدول الكبرى إلى طاولة المباحثات، وتتفق على كيفية ربط مصالح جميع اللاعبين الرئيسيين في بنية واحدة جديدة، لا أدري ما سيكون اسمها، ولكن يجب أن تستند إلى ميثاق الأمم المتحدة، من أجل تحقيق ضبط معقول للنفس، وإدارة المخاطر المشتركة في سياق العلاقات الدولية الديمقراطية. فبنية العالم الجديدة لا يمكن أن تكون إلا متعددة الأقطاب وتعكس تنوع العالم الحديث ثقافياً وحضارياً".
وفي السياق، يجدر التذكير بما سبق أن قاله بوتين، في مقابلة مع وكالة "تاس" في 13 نوفمبر/تشرين الثاني في فلاديفوستوك بين قمتي"آبيك" و"العشرين"، "انظروا إلى تاريخنا من ألف عام، فما أن ننهض، حتى يقولون يجب تحريك روسيا قليلاً. إعادتها إلى مكانها. ردعها. نظرية الردع؟ متى وُجدت؟". وفي المقابلة نفسها قال "ببساطة، نحن أقوى من الجميع. لأننا على حق. القوة في الحق. حين يشعر الإنسان الروسي بأن الحق معه، فإنه لا يقهر".
ولما كانت "قوة الحق" لا تكفي في عالم اليوم، يؤكد لافروف، أنه تمّ اتخاذ "قرارات كبرى على المستوى الثنائي مع الصين، تسمح بالحديث عن حلف روسي ـ صيني في مجال الطاقة، بل أكثر من ذلك. فهناك مزيد من الأسس للحديث عن تشكل حلف تكنولوجي روسي ـ صيني. فوجودنا اليوم، جنباً إلى جنب مع بكين، أحد أهم العوامل في الحفاظ على الاستقرار الدولي وتحقيق بعض التوازن في الشؤون الدولية، وسيادة القانون الدولي".
واستناداً إلى كلام لافروف، تبدو روسيا وكأنّها تعدّ العدة للحرب على كافة المستويات، بما في ذلك اقتراح وزير الدفاع، سيرغي شويغو، إجراء تدريبات لمؤسسات الدولة للعمل في ظروف الحرب، إلا أن روسيا تخشى مزيداً من تدهور أسعار النفط، مما قد يصيب اقتصادها في مقتل، على الرغم من نفي بوتين إمكانية أن يكون الضرر مميتاً، في مقابلته مع "تاس"، حين سأل "هل تخفيض أسعار النفط يلحق بنا ضرراً؟ جزئياً، ولكنه غير مميت. فإذا كان يتمّ تخفيض سعر النفط عمداً، فهو يضرّ بمن يقرّر هذه القيود أيضاً".
سبق للاتحاد السوفييتي أن انهار بضربة النفط، بعد مستنقع أفغانستان وسباق للتسلح استنفد موارده، فهل تنجو روسيا من حالة مشابهة تتعرض لها الآن؟ ربما، لكن من المؤكد أن البلاد تمرّ في أدقّ مرحلة منذ ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.
وأظهرت روسيا نواياها، عبر تحرّر مؤسسة الدبلوماسية الروسية من لغة المجاملات، وإعلان أفكارها علناً، كي يعلم الغرب، الاستعدادات الروسية للمواجهة، في موازاة خطاب "بوتيني" يتصاعد في تعريته مواقف الغرب من روسيا منذ مؤتمر "ميونيخ" 2007.
وكانت البداية مع وزير الخارجية، سيرغي لافروف، الذي تحدّث في اجتماع الجمعية العامة الثانية والعشرين لـ"مجلس السياسة الخارجية والدفاع"، في 22 نوفمبر/تشرين الثاني، عن محاولات الغرب تغيير النظام في روسيا، عبر العقوبات وتخفيض أسعار النفط، ومحاولة إعادة روسيا إلى الوراء وكسر شراكتها مع الصين.
كما تحدث لافروف عن ازدواجية المعايير في مواقف الغرب من إبادة الشعوب، والمماطلة في تسوية قضية الشرق الأوسط وإقامة الدولة الفلسطينية، وغير ذلك. ويُعتبر "مجلس السياسة الخارجية والدفاع" منظمة غير حكومية، تأسس في 25 فبراير/شباط عام 1992 في موسكو، ويضم مجموعة من السياسيين ورجال الأعمال والشخصيات الاجتماعية، وأعضاء سابقين في الوزارات الأمنية والعسكرية والصناعية، وممثلين عن مؤسسات علمية ووسائل إعلامية روسية. ويترأسه حالياً فيدور لوكيانوف، ويُعدّ منتدى "فالداي" للحوار أحد مشاريعه الكبرى، والذي أعلن عبره الرئيس فلاديمير بوتين، مواقف حادّة تجاه الغرب الشهر الماضي.
ويضيف "أما الآن فكل شي يسير عكس ذلك، فزعماء الغرب يعلنون على الملأ أن العقوبات يجب أن تدمّر الاقتصاد الروسي، وتدفع إلى احتجاجات شعبية. وقد تحدثت عن ذلك مراراً، ولدينا تأكيدات عدة بأن السفراء والمبعوثين الأميركيين في جميع أنحاء العالم، يحاولون ترتيب لقاءات على أرفع المستويات، ويقولون إن بلدان تواجدهم، ملزمة بمعاقبة روسيا، وإلا فإنهم سيخلصون إلى استنتاجات بشأنها. وهذه المحاولات تجري في جميع البلدان، من دون استثناء، بما في ذلك مع أقرب شركائنا".
وانتقل لافروف إلى مناقشة وضع تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) والشرق الأوسط والأقليات الدينية فيه، ويقول "الإرهابيون الآن، بمن فيهم داعش، يطمحون إلى وضعية الدولة. وعلى هذه الأرضية، يتم تهجير الأقليات بمن فيهم المسيحيون. ومن غير اللائق سياسياً الحديث حول هذا الموضوع في أوروبا، فهم يشعرون بالخجل حين ندعوهم في منظمة الأمن والتعاون الأوروبي لفعل شيء في هذا الشأن. ويتساءلون: لماذا تضخيم قضية المسيحيين؟ عن أي تضخيم يدور الحديث؟ في منظمة الأمن والتعاون الأوروبي، تجري سلسلة من الفعاليات من أجل عدم جواز نسيان الهولوكوست (المحرقة النازية بحق اليهود). وفي هذه المنظمة وبمبادرة من الأوروبيين، صارت تُنظّم إجراءات ضد كراهية الإسلام. وعلى مثالها، سنقترح إجراء تحليل للعمليات التي تقود إلى كراهية المسيحيين".
ويكشف أنه "في 4 و5 ديسمبر/كانون الأول المقبل، ستُنظّم اجتماعات على مستوى وزراء منظمة الأمن والتعاون في بازل (سويسرا)، وهناك سنقدم هذا الاقتراح". وأضاف "في أسباب كراهية المسيحيين، ما له علاقة بسلوك الغرب الأطلسي المسيحي تجاه فلسطين. من الخطورة بقاء الصراع العربي الإسرائيلي عالقاً من دون حلّ".
ولفت إلى أنه اتفق مع نظيره الأميركي جون كيري، على "الحديث في هذا الموضوع. من المهم فهم أنه لا يجوز ترك مسألة الدولة الفلسطينية بشكل دائم في جمود عميق. فعدم تسويتها على مدى قرابة 70 عاماً شكّل أحد أهم الحجج للذين يجنّدون المتطرفين في صفوفهم".
وشدّد "ليس هناك أية عدالة، فقد تم الوعد بإنشاء دولتين. أُقيمت الدولة اليهودية، أما العربية فلن يقيموها أبداً. مثل هذه الحجج في الشارع العربي الجائع تبدو خطيرة جداً، وبذلك تتعالى نداءات للنضال من أجل العدالة بأساليب أخرى". وانطلاقاً من كلام لافروف، يحسم الكرملين بضرورة وضع قواعد جديدة للعلاقات الدولية وإدارة العالم. وبدوره، يبني لافروف رأيه في هذا الشأن على ما سبق أن قاله بوتين في منتدى "فالداي".
ويمرّ لافروف على كلمة بوتين في منتدى "فالداي" (24 أكتوبر/تشرين الأول الماضي)، ليؤكد أن "كلمة بوتين حول ضرورة إقامة بنية جديدة من التبعية المتبادلة ملحّة للغاية. فمن الضروري أن تجلس الدول الكبرى إلى طاولة المباحثات، وتتفق على كيفية ربط مصالح جميع اللاعبين الرئيسيين في بنية واحدة جديدة، لا أدري ما سيكون اسمها، ولكن يجب أن تستند إلى ميثاق الأمم المتحدة، من أجل تحقيق ضبط معقول للنفس، وإدارة المخاطر المشتركة في سياق العلاقات الدولية الديمقراطية. فبنية العالم الجديدة لا يمكن أن تكون إلا متعددة الأقطاب وتعكس تنوع العالم الحديث ثقافياً وحضارياً".
وفي السياق، يجدر التذكير بما سبق أن قاله بوتين، في مقابلة مع وكالة "تاس" في 13 نوفمبر/تشرين الثاني في فلاديفوستوك بين قمتي"آبيك" و"العشرين"، "انظروا إلى تاريخنا من ألف عام، فما أن ننهض، حتى يقولون يجب تحريك روسيا قليلاً. إعادتها إلى مكانها. ردعها. نظرية الردع؟ متى وُجدت؟". وفي المقابلة نفسها قال "ببساطة، نحن أقوى من الجميع. لأننا على حق. القوة في الحق. حين يشعر الإنسان الروسي بأن الحق معه، فإنه لا يقهر".
واستناداً إلى كلام لافروف، تبدو روسيا وكأنّها تعدّ العدة للحرب على كافة المستويات، بما في ذلك اقتراح وزير الدفاع، سيرغي شويغو، إجراء تدريبات لمؤسسات الدولة للعمل في ظروف الحرب، إلا أن روسيا تخشى مزيداً من تدهور أسعار النفط، مما قد يصيب اقتصادها في مقتل، على الرغم من نفي بوتين إمكانية أن يكون الضرر مميتاً، في مقابلته مع "تاس"، حين سأل "هل تخفيض أسعار النفط يلحق بنا ضرراً؟ جزئياً، ولكنه غير مميت. فإذا كان يتمّ تخفيض سعر النفط عمداً، فهو يضرّ بمن يقرّر هذه القيود أيضاً".
سبق للاتحاد السوفييتي أن انهار بضربة النفط، بعد مستنقع أفغانستان وسباق للتسلح استنفد موارده، فهل تنجو روسيا من حالة مشابهة تتعرض لها الآن؟ ربما، لكن من المؤكد أن البلاد تمرّ في أدقّ مرحلة منذ ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.