روسيا تعدّل عقيدتها القتالية: توجّه نحو النووي

06 سبتمبر 2014
الجيش الروسي يستعدّ لأي تهديد (سيفا كركان/الاناضول/Getty)
+ الخط -

لم يساعد التوصل إلى اتفاق على وقف القتال في أوكرانيا في تنفيس الاحتقان القائم في أوروبا، فروسيا لا تزال على سلاحها وهي تعيد النظر في عقيدتها العسكرية، وفي المقابل قرر حلف شمال الأطلسي تشكيل قوة رد سريع والإبقاء على "حضور دائم" في شرق أوروبا.

ومن المقرر أن تنتهي السلطات الروسية من مراجعة عقيدتها العسكرية وتعديلها قبل نهاية العام الحالي. وتشير الأخبار المتداولة في هذا الشأن إلى أن استخدام السلاح النووي سيدخل في العقيدة الروسية الجديدة كواجب في حال تعرض مصالح روسيا لتهديد عميق.

أما عن أسباب هذا الأمر، فيقول نائب رئيس مجلس الأمن الفيدرالي الروسي ميخائيل بوبوف، كما نقلت عنه وكالة "ريا نوفوستي"، إنه "يعود بالدرجة الأولى إلى بروز مخاطر وتهديدات عسكرية لروسيا الاتحادية، ظهرت مع أحداث "الربيع العربي"، ومع النزاع المسلح في سورية، وكذلك نتيجة الوضع في أوكرانيا وحولها".

كذلك أوردت الوكالة نفسها تعليقاً لعضو أكاديمية العلوم الروسية أليكسي أرباتوف، على مشروع تعديل العقيدة العسكرية الروسية، يلفت فيه الى أنه "تم اعتماد العقيدة السابقة سنة 2010، ومنذ ذلك الحين طرأت تغيرات جدية على الوضع، وبالتالي من المنطقي إجراء تعديلات جوهرية عليها.

ففي عقيدة 2010، لم يتم ذكر حلف شمال الأطلسي (الناتو) بصورة مباشرة، فقد ورد فيها: توسيع حدود أحلاف عسكرية أخرى نحو الحدود الروسية، وتوسيع بنية الأحلاف الأخرى. وأما الآن فسوف يصار إلى ذكر حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة الأميركية صراحة في العقيدة الجديدة كتهديدين رئيسيين".

وأورد موقع "mk.ru" تعليق رئيس تحرير مجلة "كورير الصناعة العسكرية" ميخائيل خوداريونك على الأمر، الذي قال "لقد أعلنا سابقاً، أننا مهما حصل لن نكون من يبدأ باستخدام السلاح النووي، وبعدها ظهرت إضافة تقول بأنه يمكن أن تظهر حالات لا تُبقي أمامناً خياراً آخر سوى استخدام السلاح النووي. والآن، يمكن الافتراض إلى حد بعيد أنه سيصار إلى تعديل الصياغة باتجاه استخدام روسيا الاتحادية السلاح النووي في حال تطورت الأوضاع نحو تهديد عميق لمصالحها القومية".

بوتين نحو رئاسة لجنة الصناعة العسكرية

وفي إطار الاستجابة لتصاعد التوتر بين الغرب وموسكو، نقلت صحيفة "كوميرسانت" عن مصدر خاص لم تذكر اسمه، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيترأس في أقرب وقت لجنة الصناعة العسكرية الروسية، علماً بأنّ هذه اللجنة تعمل الآن تحت رئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء ديمتري روغوزين، الذي مع ترؤس بوتين للجنة سيصبح نائباً وحيداً له.

ويشار هنا إلى أن هذه اللجنة التي شكّلها في يونيو/حزيران من العام 1999، رئيس الوزراء في ذلك الحين سيرغي ستيباشين، بقيت لفترة طويلة من دون أن تقوم بدور ملحوظ، إلى أن كلّفها بوتين عام 2006 بمرسوم رئاسي، بتحديد الطلب الحكومي على السلاح من أجل الدفاع عن الدولة.

واليوم، تُعد هذه اللجنة الهيئة المسؤولة عن إقرار الحلول المبدئية بخصوص مشاريع وبرامج الدفاع. ونقلت "كوميرسانت" عن مصدرها قوله إن بوتين يترأس، حتى اليوم، لجنة فائقة الأهمية بالمعنى الاستراتيجي لروسيا الاتحادية هي لجنة تطوير مجمّع الوقود والطاقة، التي يعمل سكرتيراً تنفيذياً لها رئيس شركة روس نفط إيغور سيتشين، وتعمل بكفاءة عالية، كما تقول صحيفة "كوميرسانت".

"الأطلسي" يردع روسيا أم يجرها إلى نزاع مسلح؟

القلق الروسي من نوايا حلف شمال الأطلسي تشكيلَ قوات تدخّل سريع رادعة تحوّل الى أمر واقع مع إعلان الأمين العام للحلف أندرس فوغ راسموسن، أمس الجمعة، أن الدول الاعضاء في الحلف قررت تشكيل قوة رد سريع يمكن أن تنشر لبضعة أيام في حال حدوث أزمة، كما قررت الإبقاء على "حضور دائم" في شرق أوروبا.

واتُخذت هذه القرارات التي قُدّمت باعتبارها رداً على سلوك روسيا في أوكرانيا، من قِبل مجلس الحلف الاطلسي في قمة نيوبورت في ويلز.

وأكد راسموسن، كما نقلت وكالة "فرانس برس"، أن "إحدى نتائج خطة الرد السريع أن يكون الحلف حاضراً بشكل أوضح في الشرق"، مضيفاً "أعتقد أن هذا يبعث برسالة بالغة الوضوح الى موسكو".

وكانت وكالة "إيتار تاس" قد نقلت عن صحيفة "تايمز" البريطانية قول نائب القائد الأعلى لقوات حلف الأطلسي في أوروبا الجنرال البريطاني أدريان برادشو، إن قوات التدخل السريع في الحلف مدعوّة إلى "ردع روسيا عن القيام بأعمال خطيرة ضد الدول الأعضاء في الحلف"، وإن هذه القوات ستري روسيا كيف أنها ستدخل في "نزاع خطير" إذا ما هاجمت أياً من الدول الأعضاء في الحلف.

ومن المنتظر أن يشارك في قوات التدخل السريع حوالى عشرة آلاف مقاتل من القوات الجوية والبحرية، وأن تعمل تحت قيادة بريطانية.

كما أن قرار الحلف الإبقاء على "حضور دائم" في شرق أوروبا كان أمراً شغل الإعلام الروسي، إذ إن موقع " ديو.دي" كشف في وقت سابق أن حلف الأطلسي يخطط لإقامة خمس قواعد جديدة في بلدان البلطيق وبولونيا، وأن كل قاعدة ستضم 300 الى 600 من جنود الحلف. وفي السياق نفسه، يقوم حوالى 1300 جندي من 15 دولة بمناورات عسكرية قرب مدينة "لفوف" الأوكرانية، في الفترة الممتدة بين 16 و26 سبتمبر/أيلول الحالي، كما نقلت وكالة "إيتار تاس" عن ممثل القيادة الأوروبية للقوات المسلحة الأميركية، غريغوري هيكس.

ووفقاً لهيكس، فإلى جانب الضباط والجنود الأوكرانيين، سيشارك في المناورات جنود من أذربيجان وبلغاريا وكندا وجورجيا وألمانيا وبريطانيا ولاتفيا وليتوانيا ومولدوفا والنرويج وبولونيا ورومانيا وإسبانيا والولايات المتحدة الأميركية. وسوف يحضر هذه المناورات ممثلون عن حلف شمال الأطلسي.

ونقلت وكالة "ريا نوفوستي" عن الخبير العسكري الروسي الجنرال ليونيد إيفاشوف قوله تعليقاً على المناورات التي سيجريها حلف الأطلسي في أوكرانيا إنها "تحمل بوضوح طابعاً استفزازياً، وتهدف إلى الضغط على روسيا، علماً بأن أوكرانيا ليست حتى مرشحة لعضوية الحلف إلى الآن".

كل التطورات السابقة أبرزت قناعة في الأوساط الروسية أن المطلوب هو توريط روسيا في حرب تنهكها اقتصادياً وتقطع طريق تطورها، وتعيدها تابعة للغرب والولايات المتحدة، كما كانت في عهد الرئيس الروسي الراحل بوريس يلتسين، لكن ذلك ما لن يسمح به الروس عموماً، وليس فقط رئيسهم بوتين.

المساهمون