تواصل روسيا تحركاتها للدفع بقضية عودة اللاجئين السوريين الذين فرّوا من بلادهم خلال السنوات الماضية نتيجة مخاطر الحرب، بدعوى أن "الحرب انتهت أو تكاد"، وأن "الحياة بدأت تعود إلى مجاريها، ولا مبرر لبقائهم خارج الحدود"، خصوصاً في ضوء الظروف الصعبة التي يعيشها معظمهم في دول الجوار السوري.
وحاولت روسيا، في الآونة الأخيرة، تقديم هذا الملف كأولوية، وهو ما ظهر بوضوح في المباحثات المتتالية، سواء في الجولة الأخيرة من محادثات أستانة التي عقدت في سوتشي قبل أيام أو حتى في قمة هلسنكي الفنلندية بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب في 16 يوليو/تموز الماضي، في محاولة للايحاء بأن الخطط الروسية بشأن اللاجئين تحظى بدعم.
لكن روسيا الضالعة أصلاً في تهجير هؤلاء الناس، سواء عبر دعمها للنظام أو مشاركتها مباشرة في عملياته العسكرية، من المستبعد أن يكون تحركها نابعاً من حرصها على مصلحة اللاجئين أو تأمين حياة كريمة لهم، بل يذهب مراقبون للقول إن هدفها هو استغلال قضية اللاجئين وتوظيفها لصالح إقناع الدول الغربية بضرورة رفع العقوبات المفروضة على النظام، ومد الأخير بالمساعدات لتمكينه من إعادة بناء البنية التحتية بذريعة تأمين مساكن وخدمات للمواطنين العائدين.
وعبرت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، بوضوح عن أهداف المسعى الروسي بقولها إن "عودة اللاجئين طواعية تتطلب إعادة إعمار مرافق البنية الاقتصادية والاجتماعية وخلق فرص عمل جديدة، إضافة إلى نزع الألغام، وهي مهام يصعب على الحكومة السورية تنفيذها لوحدها". وطالبت المجتمع الدولي "برفع العقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة على دمشق، باعتبارها تضر بالشعب السوري وتعيق عملية إعادة إعمار سورية الاقتصادي والاجتماعي".
وحاولت روسيا، في الآونة الأخيرة، تقديم هذا الملف كأولوية، وهو ما ظهر بوضوح في المباحثات المتتالية، سواء في الجولة الأخيرة من محادثات أستانة التي عقدت في سوتشي قبل أيام أو حتى في قمة هلسنكي الفنلندية بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب في 16 يوليو/تموز الماضي، في محاولة للايحاء بأن الخطط الروسية بشأن اللاجئين تحظى بدعم.
لكن روسيا الضالعة أصلاً في تهجير هؤلاء الناس، سواء عبر دعمها للنظام أو مشاركتها مباشرة في عملياته العسكرية، من المستبعد أن يكون تحركها نابعاً من حرصها على مصلحة اللاجئين أو تأمين حياة كريمة لهم، بل يذهب مراقبون للقول إن هدفها هو استغلال قضية اللاجئين وتوظيفها لصالح إقناع الدول الغربية بضرورة رفع العقوبات المفروضة على النظام، ومد الأخير بالمساعدات لتمكينه من إعادة بناء البنية التحتية بذريعة تأمين مساكن وخدمات للمواطنين العائدين.
وعبرت المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، بوضوح عن أهداف المسعى الروسي بقولها إن "عودة اللاجئين طواعية تتطلب إعادة إعمار مرافق البنية الاقتصادية والاجتماعية وخلق فرص عمل جديدة، إضافة إلى نزع الألغام، وهي مهام يصعب على الحكومة السورية تنفيذها لوحدها". وطالبت المجتمع الدولي "برفع العقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة على دمشق، باعتبارها تضر بالشعب السوري وتعيق عملية إعادة إعمار سورية الاقتصادي والاجتماعي".
ولم يتأخر النظام السوري في ملاقاة روسيا، إذ خصص مجلس وزراء النظام السوري، أمس الاثنين، الحيز الأكبر من جلسته الأسبوعية لبحث مسألة عودة المهجرين السوريين في الخارج، وبحسب وكالة أنباء النظام السوري "سانا"، فقد "تمّت الموافقة على إحداث (هيئة تنسيق لعودة المهجرين في الخارج) إلى مدنهم وقراهم، التي هُجّروا منها بفعل الإرهاب، وذلك من خلال تكثيف التواصل مع الدول الصديقة لتقديم كل التسهيلات واتخاذ الإجراءات الكفيلة بعودتهم وتمكينهم من ممارسة حياتهم الطبيعية ومزاولة أعمالهم كما كانت قبل الحرب". وأضافت "سانا" أن تشكيل الهيئة يأتي "تأكيداً على أن سورية التي انتصرت في حربها على الإرهاب وتحمّلت مسؤوليتها تجاه المهجرين في الداخل، ستتخذ ما يلزم من إجراءات لتسوية أوضاع جميع المهجرين وتأمين عودتهم في ظل عودة الأمان وإعادة الخدمات الأساسية إلى مختلف المناطق".
في هذا السياق، تبرز تساؤلات حول إمكان سماح النظام وإيران بعودة اللاجئين إلى مناطقٍ محددة عمل النظام على تهجير أهلها، بغية تنفيذ تغيير ديمغرافي فيها، مثل جنوب دمشق. كما أصدر النظام القانون رقم 10 الذي يستهدف الاستيلاء على أملاك المهجرين في بعض المناطق في ريف دمشق وحمص وحماة ومناطق أخرى، وهو القانون الذي أثار قلقاً دولياً، وتقدّمت 40 دولة بشكوى إلى مجلس الأمن ضد النظام باعتبار هذا القانون يعرقل عودة اللاجئين السوريين في العالم.
وجاء إعلان النظام عن تشكيل هيئة تنسيق لعودة المهجرين في الخارج بعدما كان قد ساد صمت من جانب مسؤولي النظام الذين يفترض أنهم المعنيون بالأمر أكثر من روسيا، ولم تصدر سوى تصريحات شحيحة مبهمة من جانب مسؤولي النظام، لم تتضمن أية تطمينات بسلامتهم وعدم تعرضهم للملاحقة، بل على العكس كانت هناك تسريبات من مسؤولين كبار في النظام، تتوعد اللاجئين المعارضين بالعقاب والملاحقة، مقرونة بإجراءات فعلية على الأرض، من خلال مصادرة أملاك بعضهم، واعتقال بعض العائدين وسوقهم للتحقيقات الأمنية.
بدورها لم تفصح روسيا عن طبيعة التطمينات أو الضمانات لإقناع ملايين اللاجئين الهاربين من الحرب ومن بطش أجهزة النظام الأمنية، التي تلاحق الشبان منهم، إما بشبهة المعارضة أو من أجل سوقهم إلى الخدمة العسكرية، التي تعني زجهم في معارك النظام المفتوحة إلى أجل غير مسمى.
لكن ما تكشف حتى الآن من الخطة الروسية يتضمن إنشاء مركز لاستقبال اللاجئين وتوزيعهم وإيواءهم، يتولى مراقبة إعادة جميع النازحين واللاجئين السوريين من الدول الأجنبية إلى مواقع إقاماتهم الدائمة أو المؤقتة.
تتضمن الخطة الروسية أيضاً تأسيس لجان في كل من لبنان والأردن وتركيا، للتنسيق والمتابعة مع الجانب الروسي بشأن العودة وآلياتها. بالإضافة إلى إبلاغ الدول المعنية بأن "موسكو نسّقت مع النظام السوري، وأنّ لديها ضمانات بعدم التعرض للعائدين، وأن إعادة الإعمار في سورية تحتاج إلى دعم مالي، وقد طلبوا من الأميركيين والأوروبيين المساهمة فيه، إضافة إلى تأسيس مراكز روسية في سورية، يفترض أن ينتقل إليها العائدون في المرحلة الأولى، ومنها إلى قراهم بعد إعادة إعمارها".
وحسب بعض المعطيات، يبدو أن روسيا تركز على لبنان في المرحلة الأولى لتنفيذ خطتها نظراً لسوء أوضاع اللاجئين السوريين هناك. وهو ما تلاقى مع جهود مبذولة من أكثر من جهة رسمية وغير رسمية في لبنان لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، بعد أن بات هذا الملف مادة للتراشق الداخلي اللبناني، وسط محاولات لتحميل اللاجئين السوريين وزر الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها لبنان. وقد حضر وفد روسي إلى بيروت، أخيراً، ملتقياً كبار المسؤولين هناك لمناقشة تنسيق الجهود في هذا الإطار، بالتزامن مع عودة بضع دفعات من اللاجئين السوريين في لبنان بناء على مبادرات محلية، وبالتنسيق مع النظام السوري. وأسفرت المحادثات الروسية في لبنان عن اتفاق على تشكيل مجموعة عمل تضم ممثلين عن موسكو وبيروت ودمشق.
اقــرأ أيضاً
من جهتها، ذكرت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، ليزا أبو خالد، أن "العدد الحالي للاجئين السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية هو 976065 لاجئاً سورياً مسجلاً لدى المفوضية في لبنان، ويعانون أوضاعاً صعبة". وأضافت في تصريحات صحافية أنه "استناداً إلى دراسة مسح قامت بها المفوضية تبين أن الأغلبية يؤيدون العودة إلى سورية"، مشيرة إلى أن "المفوضية لم تبدأ بتنظيم عودة اللاجئين السوريين إلى سورية، ولكنها لا تقف بوجه أي لاجئ يقرر العودة". وشدّدت على ضرورة أن "يكون هذا القرار مبنياً على معلومات كافية عن أوضاع المناطق التي سيعودون إليها، وأن تكون العودة طوعية".
والبلد الآخر الذي تركز عليه الجهود الروسية هو الأردن، وتعتزم موسكو افتتاح مركز هناك لتسهيل عودة اللاجئين. وتتوقع مصادر أردنية أن "يكون مركز (العودة الطواعية) للاجئين السوريين إلى بلادهم ضمن قضاء السرحان لقربه من الحدود السورية من جهة وتوافر الأماكن التي تتناسب وراحة الراغبين بمغادرة البلاد".
لكن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن كما في لبنان، قالت إنه "لا يوجد تنسيق معها لتنظيم عودة اللاجئين السوريين إلى أراضيهم"، مشيرة إلى أن "معدلات عودة اللاجئين السوريين من الأردن هي في إطارها الطبيعي ولا تتجاوز 150 لاجئاً أسبوعياً". ونفت وجود أي علاقة بين تقليص حجم المساعدات اللاجئين السوريين ودفعهم للعودة إلى بلادهم. كما أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن "مصر تبدي رغبة في الانضمام إلى عملية عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم".
أما تركيا التي تضم العدد الأكبر من اللاجئين السوريين، فلم يصدر عن مسؤوليها مواقف محددة إزاء الجهود الروسية بهذا الصدد، لكن صحيفة "يني شفق" المقربة من الحكومة ذكرت أن "القوات التركية في مناطق شمالي سورية الخاضعة لسيطرة المعارضة، هي في حالة تأهب تحضيراً لعودة محتملة لنحو 1.6 مليون لاجئ سوري إلى بلادهم خلال عام واحد".
وكشفت الصحيفة أن "أنقرة تواصل إرسال العناصر العسكرية والعربات المدرّعة إلى جبهات إدلب ومنبج وتل رفعت، بالتزامن مع إجراء محادثات دولية، من أجل ضمان عودة 400 ألف مدني سوري إلى أراضيهم، خلال النصف الثاني من 2018"، مشيرة إلى أن "الهدف هو تأمين الظروف في مناطق شمال سورية لعودة 1.6 مليون سوري إلى منازلهم". وأضافت أن "تركيا تعتزم فتح طريق جديد يربط بين بلدة الراعي على الحدود التركية وحلب، من شأنه أن يتيح لـ5 ملايين مدني مقيمين في مناطق المعارضة، في إدلب وعفرين وريف حلب وحماة، حرية الوصول إلى حلب ودير الزور والرقة، من دون الاضطرار للعبور من نقاط الوحدات الكردية، التي تفرض الإتاوات على مرور المدنيين والشاحنات التجارية".
وإضافة إلى دول الجوار، سعت روسيا إلى إقناع بعض الدول الأوروبية المضيفة للاجئين السوريين للمساهمة في عودتهم، لاعبة على وتر الجدل الذي أثارته قضية اللاجئين في المجتمعات الأوروبية، بهدف الحصول على مساعدات اقتصادية من تلك الدول مقابل إزاحة عبء اللاجئين أو جزء منهم عن كاهلها.
وسعت أيضاً إلى كسب تعاون الولايات المتحدة في هذا الملف بعد قمة هلسنكي، في محاولة للإيحاء بأن الخطط الروسية بشأن اللاجئين كانت من نتائج القمة المذكورة. الأمر الذي نفته واشنطن. لكن الروس استمروا في ذلك، ووجّه رئيس أركان الجيش الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف رسالة إلى رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال جوزيف دانفورد، حث فيها واشنطن على التعاون في هذا الملف، مبدياً استعداد موسكو للتعاون في إزالة الألغام في سورية.
لكن الادارة الأميركية لم تبد حماسة للعرض الروسي قائلة إن "الوضع الحالي في سورية غير ملائم لعودة اللاجئين". وتكرّر الموقف نفسه مع ألمانيا وفرنسا اللتين وعدتا بتقديم مساعدات للنازحين داخلياً، واللاجئين العائدين لمناطق إقامتهم الدائمة، بعدما أوقفتا جميع أشكال المساعدات الإنسانية للمناطق الخاضعة لسيطرة النظام.
ورأى عضو اللجنة السياسية في الائتلاف السوري المعارض ياسر الفرحان في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "روسيا تطرح مثل هذه المشاريع لكسب دعم الاتحاد الأوروبي في إعادة الإعمار"، معتبراً أن "هذا غير ممكن لأن دول أوروبا موقّعة على اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1951 وبروتوكول 1967 الخاصين بوضع اللاجئين. وهذا يستدعي بالضرورة تحقيق بيئة آمنة وإزالة الأسباب التي دفعت السوريين لمغادرة مناطقهم". وشدّد فرحان على "ضرورة أن تكون العودة طوعية وآمنة".
اقــرأ أيضاً
في هذا السياق، تبرز تساؤلات حول إمكان سماح النظام وإيران بعودة اللاجئين إلى مناطقٍ محددة عمل النظام على تهجير أهلها، بغية تنفيذ تغيير ديمغرافي فيها، مثل جنوب دمشق. كما أصدر النظام القانون رقم 10 الذي يستهدف الاستيلاء على أملاك المهجرين في بعض المناطق في ريف دمشق وحمص وحماة ومناطق أخرى، وهو القانون الذي أثار قلقاً دولياً، وتقدّمت 40 دولة بشكوى إلى مجلس الأمن ضد النظام باعتبار هذا القانون يعرقل عودة اللاجئين السوريين في العالم.
وجاء إعلان النظام عن تشكيل هيئة تنسيق لعودة المهجرين في الخارج بعدما كان قد ساد صمت من جانب مسؤولي النظام الذين يفترض أنهم المعنيون بالأمر أكثر من روسيا، ولم تصدر سوى تصريحات شحيحة مبهمة من جانب مسؤولي النظام، لم تتضمن أية تطمينات بسلامتهم وعدم تعرضهم للملاحقة، بل على العكس كانت هناك تسريبات من مسؤولين كبار في النظام، تتوعد اللاجئين المعارضين بالعقاب والملاحقة، مقرونة بإجراءات فعلية على الأرض، من خلال مصادرة أملاك بعضهم، واعتقال بعض العائدين وسوقهم للتحقيقات الأمنية.
بدورها لم تفصح روسيا عن طبيعة التطمينات أو الضمانات لإقناع ملايين اللاجئين الهاربين من الحرب ومن بطش أجهزة النظام الأمنية، التي تلاحق الشبان منهم، إما بشبهة المعارضة أو من أجل سوقهم إلى الخدمة العسكرية، التي تعني زجهم في معارك النظام المفتوحة إلى أجل غير مسمى.
تتضمن الخطة الروسية أيضاً تأسيس لجان في كل من لبنان والأردن وتركيا، للتنسيق والمتابعة مع الجانب الروسي بشأن العودة وآلياتها. بالإضافة إلى إبلاغ الدول المعنية بأن "موسكو نسّقت مع النظام السوري، وأنّ لديها ضمانات بعدم التعرض للعائدين، وأن إعادة الإعمار في سورية تحتاج إلى دعم مالي، وقد طلبوا من الأميركيين والأوروبيين المساهمة فيه، إضافة إلى تأسيس مراكز روسية في سورية، يفترض أن ينتقل إليها العائدون في المرحلة الأولى، ومنها إلى قراهم بعد إعادة إعمارها".
وحسب بعض المعطيات، يبدو أن روسيا تركز على لبنان في المرحلة الأولى لتنفيذ خطتها نظراً لسوء أوضاع اللاجئين السوريين هناك. وهو ما تلاقى مع جهود مبذولة من أكثر من جهة رسمية وغير رسمية في لبنان لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، بعد أن بات هذا الملف مادة للتراشق الداخلي اللبناني، وسط محاولات لتحميل اللاجئين السوريين وزر الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي يعاني منها لبنان. وقد حضر وفد روسي إلى بيروت، أخيراً، ملتقياً كبار المسؤولين هناك لمناقشة تنسيق الجهود في هذا الإطار، بالتزامن مع عودة بضع دفعات من اللاجئين السوريين في لبنان بناء على مبادرات محلية، وبالتنسيق مع النظام السوري. وأسفرت المحادثات الروسية في لبنان عن اتفاق على تشكيل مجموعة عمل تضم ممثلين عن موسكو وبيروت ودمشق.
من جهتها، ذكرت المتحدثة باسم مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان، ليزا أبو خالد، أن "العدد الحالي للاجئين السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية هو 976065 لاجئاً سورياً مسجلاً لدى المفوضية في لبنان، ويعانون أوضاعاً صعبة". وأضافت في تصريحات صحافية أنه "استناداً إلى دراسة مسح قامت بها المفوضية تبين أن الأغلبية يؤيدون العودة إلى سورية"، مشيرة إلى أن "المفوضية لم تبدأ بتنظيم عودة اللاجئين السوريين إلى سورية، ولكنها لا تقف بوجه أي لاجئ يقرر العودة". وشدّدت على ضرورة أن "يكون هذا القرار مبنياً على معلومات كافية عن أوضاع المناطق التي سيعودون إليها، وأن تكون العودة طوعية".
لكن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن كما في لبنان، قالت إنه "لا يوجد تنسيق معها لتنظيم عودة اللاجئين السوريين إلى أراضيهم"، مشيرة إلى أن "معدلات عودة اللاجئين السوريين من الأردن هي في إطارها الطبيعي ولا تتجاوز 150 لاجئاً أسبوعياً". ونفت وجود أي علاقة بين تقليص حجم المساعدات اللاجئين السوريين ودفعهم للعودة إلى بلادهم. كما أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن "مصر تبدي رغبة في الانضمام إلى عملية عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم".
أما تركيا التي تضم العدد الأكبر من اللاجئين السوريين، فلم يصدر عن مسؤوليها مواقف محددة إزاء الجهود الروسية بهذا الصدد، لكن صحيفة "يني شفق" المقربة من الحكومة ذكرت أن "القوات التركية في مناطق شمالي سورية الخاضعة لسيطرة المعارضة، هي في حالة تأهب تحضيراً لعودة محتملة لنحو 1.6 مليون لاجئ سوري إلى بلادهم خلال عام واحد".
وكشفت الصحيفة أن "أنقرة تواصل إرسال العناصر العسكرية والعربات المدرّعة إلى جبهات إدلب ومنبج وتل رفعت، بالتزامن مع إجراء محادثات دولية، من أجل ضمان عودة 400 ألف مدني سوري إلى أراضيهم، خلال النصف الثاني من 2018"، مشيرة إلى أن "الهدف هو تأمين الظروف في مناطق شمال سورية لعودة 1.6 مليون سوري إلى منازلهم". وأضافت أن "تركيا تعتزم فتح طريق جديد يربط بين بلدة الراعي على الحدود التركية وحلب، من شأنه أن يتيح لـ5 ملايين مدني مقيمين في مناطق المعارضة، في إدلب وعفرين وريف حلب وحماة، حرية الوصول إلى حلب ودير الزور والرقة، من دون الاضطرار للعبور من نقاط الوحدات الكردية، التي تفرض الإتاوات على مرور المدنيين والشاحنات التجارية".
وسعت أيضاً إلى كسب تعاون الولايات المتحدة في هذا الملف بعد قمة هلسنكي، في محاولة للإيحاء بأن الخطط الروسية بشأن اللاجئين كانت من نتائج القمة المذكورة. الأمر الذي نفته واشنطن. لكن الروس استمروا في ذلك، ووجّه رئيس أركان الجيش الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف رسالة إلى رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال جوزيف دانفورد، حث فيها واشنطن على التعاون في هذا الملف، مبدياً استعداد موسكو للتعاون في إزالة الألغام في سورية.
لكن الادارة الأميركية لم تبد حماسة للعرض الروسي قائلة إن "الوضع الحالي في سورية غير ملائم لعودة اللاجئين". وتكرّر الموقف نفسه مع ألمانيا وفرنسا اللتين وعدتا بتقديم مساعدات للنازحين داخلياً، واللاجئين العائدين لمناطق إقامتهم الدائمة، بعدما أوقفتا جميع أشكال المساعدات الإنسانية للمناطق الخاضعة لسيطرة النظام.
ورأى عضو اللجنة السياسية في الائتلاف السوري المعارض ياسر الفرحان في تصريح لـ"العربي الجديد" أن "روسيا تطرح مثل هذه المشاريع لكسب دعم الاتحاد الأوروبي في إعادة الإعمار"، معتبراً أن "هذا غير ممكن لأن دول أوروبا موقّعة على اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1951 وبروتوكول 1967 الخاصين بوضع اللاجئين. وهذا يستدعي بالضرورة تحقيق بيئة آمنة وإزالة الأسباب التي دفعت السوريين لمغادرة مناطقهم". وشدّد فرحان على "ضرورة أن تكون العودة طوعية وآمنة".