روسيا ترفع قيمة قرضها للمفاعل النووي المصري إلى 45 مليار دولار

22 أكتوبر 2018
ديون مصر لمستويات غير مسبوقة في عهد السيسي(فرانس برس)
+ الخط -

كشف الخطاب السنوي الذي ألقاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للإعلام الأجنبي عن العلاقات الخارجية لحكومته، عن اتفاقه مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على زيادة قرض إلى مصر يخصص لإنشاء محطة الطاقة النووية بمنطقة الضبعة شمال غربي مصر، من 25 مليار دولار إلى 45 ملياراً، من دون الكشف عن تفاصيل أخرى تتعلق بالسداد أو حجم الفائدة.

وجاء في الخطاب الذي نشرته صحف غربية منها "فايننشال تايمز" أن القرض سيخصص لتمكين مصر من إنشاء المفاعل، من دون الإفصاح عن أي تفاصيل جديدة، ودون الإشارة للقرض السابق البالغ 25 مليار دولار، والذي وقعه الطرفان في نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، وصدر به قرار جمهوري في البلدين في مايو/ أيار 2016.

وقالت مصادر حكومية مصرية لـ"العربي الجديد" إن "هناك مباحثات بالفعل بشأن زيادة القرض وتوقيع اتفاق قرض جديد بـ 20 مليار دولار، تسددها مصر بفائدة 3% مثل القرض السابق، على 40 عاماً".

وأوضحت المصادر أن المشكلة التي أدت إلى احتياج روسيا ممثلة في شركة "روس آتوم" الحكومية إلى مزيد من الأموال التي ترجمت إلى اتفاقية اقتراض، هي زيادة أسعار السلع والخامات والخدمات المرفقية الضرورية لإنشاء المفاعل المصري، قياساً بسعر السوق العالمية، بسبب تعويم الجنيه المصري في نهاية 2016، وليس زيادة أسعار التكنولوجيا والخبرات والأيدي العاملة الروسية نفسها.

وأضافت أن القرض الجديد سيخصص لتمويل الأعمال والخدمات والشحنات الخاصة بخامات الإنشاء والتشغيل لوحدات الطاقة والأيدي العاملة والتسكين ومد المرافق، وغيرها من الأعمال التي لا تشمل ما شمله القرض السابق الذي ينصب على تمويل الأعمال والخدمات والشحنات الخاصة بالمعدات سواء للإنشاء أو التشغيل.

وأوضحت المصادر أن القرض السابق بقيمة 25 مليار دولار كان يمثل في 2015 نسبة 85% من قيمة عقود تنفيذ الأعمال بين المؤسسات المصرية والروسية، لكن بسبب التعويم وزيادة أسعار النفط والعديد من الخامات والمعدات المستوردة انخفضت نسبة مساهمة القرض من القيمة الفعلية إلى نحو 65% الأمر الذي استدعى من الجانب الروسي مطالبة مصر بعقد لجان لإعادة التقييم وإيجاد مصادر للتمويل وجدولتها.

وتخضع تفاصيل القرض لتغيير دائم بين البلدين، فبعدما كان من المقرر أن تبدأ روسيا في منح مصر دفعات القرض منذ 2016 تم تأخيرها إلى 2018 مع تعويض غياب الدفعات الأولى بزيادة المبالغ في الدفعات اللاحقة، إذ كان من المتفق عليه أن تستخدم مصر القرض لمدة 13 عاما بين عامي 2016 و2028.

لكن النائب الأول لرئيس الوزراء الروسي أنطون سيلوانوف قال في تصريحات الأسبوع الماضي إنه قد يتم تمويل القرض من صندوق الثروة الوطني بدلاً من الخزانة العامة، وأن الدفعة الواحدة ستتراوح بين 3 و4 مليارات دولار، أي أكثر من معظم دفعات القرض المنصوص عليها في اتفاق 2015.


وفي ظل التجاهل الكامل للبرلمان المصري في المفاوضات، أكدت مصادر حكومية أن هناك مخاوف يثيرها وزراء من التوسع في الاقتراض والآثار السلبية التي قد تترتب على سمعة السوق المصرية، بالإضافة إلى تصدير الأعباء للحكومات المستقبلية، خاصة أن المبالغ المستخدمة في القرض الأول ستسدد الدفعة الأولى منها بعد 10 سنوات، وتحديداً في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2029. 

وفي سياق العلاقات بين البلدين أيضاً، كشفت مصادر بوزارة الطيران المصرية أن المحادثات بين السيسي وبوتين لم تشهد جديداً على صعيد مستقبل الطيران والسياحة بين البلدين، بسبب تأخر روسيا في استئناف رحلاتها الجوية إلى مطاري شرم الشيخ والغردقة (على ساحل البحر الأحمر)، الأكثر حيوية بالنسبة للسائح الروسي وللاقتصاد المصري، رغم محاولة السيسي انتزاع قرار من بوتين بتحديد موعد نهائي لاستئناف الرحلات المباشرة للمطارات الإقليمية المصرية، وذلك من خلال إطلاعه على آخر المستجدات التي أدخلت على نظم إدارة المطارات.

وذكرت المصادر أن بوتين والمسؤولين الروس طلبوا من المصريين "إبداء مزيد من التعاون مع سلطات الطيران الروسي، التي ترى أنه يجب الانتظار حتى الربيع للبت في مدى استعداد المطارات الإقليمية، وتحديد ما إذا كانت مصر ستشتري بعض الأنظمة الأمنية الحديثة من روسيا لتدعيم إجراءات التفتيش والمراقبة".

وتعتمد السياحة في مدن البحر الأحمر بنسبة 92% على الطيران المباشر، وليس الطيران الداخلي، فضلاً عن أن إجبار السائحين الروس على استخدام الطيران الداخلي من القاهرة إلى أي مدينة أخرى للوصول إلى محل إقامتهم، يؤثر سلباً بنسبة تصل إلى 70% على إقبال الروس على الحجوزات الفندقية، علماً بأن الروس ما زالوا يمثلون نحو 40% من إشغال الفنادق في مدن البحر الأحمر، مما يعني أن استمرار الوضع الحالي يحرم مصر من فرص كبيرة في زيادة عوائدها السياحية.

ولم تقر روسيا حتى الآن بسلامة الإجراءات الأمنية في المطارات المصرية، بل إن آخر جولة تفتيشية تمت في يونيو/حزيران الماضي، الأمر الذي يشي بإمكانية استمرار الوضع كما هو حتى نهاية العام على الأقل، وهذا يثير مخاوف مصرية من إصرار روسي محتمل على إبرام بروتوكول أو وثائق تكميلية جديدة خاصة بالمطارات المحلية وحدها، تأثراً بكارثة سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء في العام 2015، والتي لم ينته التحقيق فيها حتى الآن بسبب تخوف مصر من فرض تعويضات عليها.