27 سبتمبر 2018
روسيا تدافع عن الشرعية الدولية؟
كلما جرى الحديث عن تنحية بشار الأسد، تقدّم روسيا خطابها المعهود، حيث إنها تتمسّك بالشرعية الدولية، ولا تقبل بقلب النظم، أو تغيير الرؤساء، فبشار الأسد رئيس شرعي، ولا يقرّر مصيره إلا الشعب السوري. وبالتالي، ليس مصير الأسد مطروحاً في محادثات السلام، وكأن الأمر يتعلق بحرب أهلية يكون حلها بعقد صفقة تعيد "المتمرّدين" إلى الشرعية مع تحقيق بعض مطالبهم.
إقرار شرعية بشار الأسد يعني أن ما حصل هو تمرّد عليه، فإما أن يُخمد بالقوة أو عبر حل سياسيٍّ يقوم على إشراك المتمردين في الحكومة. ولا شك في أن روسيا تعمل على إخماد "التمرّد" بالقوة، في وقتٍ تفاوض لإشراك بعض من الفصائل التي تشكلت، وبعض أطراف المعارضة، والمعارضة المزيّفة في حكومة "وحدة وطنية".
ما تريد تناوله هذه السطور لا يتعلق بذلك، إلا من زاوية الخطاب الروسي المتمسّك بـ "الشرعية". وهو تمسّكٌ نابعٌ من عنصرين، يتمثل الأول في أن الروس لا يريدون الإقرار بوجود ثورةٍ، فما جرى مؤامرة. وهذا ناتجٌ عن رفضهم الجوهري كل ثورة، لأن من يحكم في روسيا هو رأسمالية مافيا، تعرف أنها ستواجه ثورة. وبالتالي، يجب "كسر الثورات المخملية"، كما صرّح وزير الدفاع شويجو. تخاف الرأسمالية الثورة، لهذا ترفض الاعتراف بحدوثها في أيّ بُقعة في العالم. ويتمثل الثاني في أن وجودهم العسكري في سورية الذي بات يشكّل احتلالاً لا يكون "شرعياً"، إلا بتأكيد شرعية النظام. ولأنهم لا يقرّون أنهم محتلون يريدون تأكيد شرعية قدومهم بطلب من "رئيس شرعي".
لهذا لم يُعترف بالثورة، لأنها تعني إسقاط شرعية "الرئيس المنتخب".
لكن روسيا التي تتمسّك إلى هذا الحد بـ "الشرعية الدولية"، وقرارات مجلس الأمن، ترفض أولاً ما ورد في هذه القرارات، حيث إنها تنصّ على تشكيل هيئة حكم انتقالي، تقود مرحلة انتقالية، بالتالي، لا يكون لبشار الأسد موقع فيها. لكنها ثانياً تمارس ما يناقض كل خطابها "الشرعاني" هذا، حيث إنها تدخلت عسكرياً في جورجيا، فاحتلت أوستينيا الجنوبية. وتدخلت في أوكرانيا، حيث ضمّت شبه جزيرة القرم بدون قرار دولي. وأرسلت قواتٍ لمساعدة حلفائها في شرق أوكرانيا التي باتت مقسّمةً بين حكومة منتخبة وحكومة سابقة أسقطتها الثورة. طبعاً بالنسبة لروسيا الثورة في أوكرانيا هي "ثورة برتقالية" هذه المرة، بعكس المرة السابقة (سنة 2004) التي أسقطت "عملاء الغرب"، وسمحت باستحواذ حلفائها على السلطة، على الرغم من أن الشعب هو ذاته الذي قام بالثورتين.
وإذا كانت أميركا، منذ ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، باتت تتدخل من دون قرار دولي، وقد احتلت أفغانستان والعراق، وتدخلت في ليبيا، وكان الخطاب الروسي يدين الخروج على الشرعية الدولية، على الرغم من أنه كان يوافق أو يلوذ بالصمت، فإن روسيا مارست السياسة ذاتها في محيطها، أي في البلدان التي كانت ضمن الاتحاد السوفييتي، حيث تعتبر أن هذا "مجالها الحيوي". وهي هناك، كما في سورية، ادعت شرعيةً لتبرير تدخلها (كما فعلت أميركا كذلك)، حيث كان لها "عملاء" يستطيعون "استدعاءها" لكي تحمي "الشرعية".
ما يُراد الوصول إليه، هنا، أن خطاب الشرعية غطاءٌ ما دامت روسيا تمارس عكسه، ولا تلتزم بـ "قرارات الشرعية الدولية"، والهدف منه تبرير تدخلها واحتلالها ليس أكثر، فدولة تخرج "الشرعية الدولية" وتعتدي على أمم أخرى لا يعني شيئاً تمسّكها بـ "الشرعية الدولية"، حين يخدم هذا الخطاب مصالحها. لقد لفظته، وهي تحتل شبه جزيرة القرم، وتتدخل في شرق أوكرانيا، وقبل ذلك حينما احتلت أوستينيا الجنوبية. وبالتالي، فهي تتمسّك به في سورية بالضبط لتغطية احتلالها، ولتبرير تدخلها. وهي هنا، مثل أميركا، تحتكم لمنظور إمبريالي، يبرّر كل عملية تدخل أو احتلال أو نهب.
إقرار شرعية بشار الأسد يعني أن ما حصل هو تمرّد عليه، فإما أن يُخمد بالقوة أو عبر حل سياسيٍّ يقوم على إشراك المتمردين في الحكومة. ولا شك في أن روسيا تعمل على إخماد "التمرّد" بالقوة، في وقتٍ تفاوض لإشراك بعض من الفصائل التي تشكلت، وبعض أطراف المعارضة، والمعارضة المزيّفة في حكومة "وحدة وطنية".
ما تريد تناوله هذه السطور لا يتعلق بذلك، إلا من زاوية الخطاب الروسي المتمسّك بـ "الشرعية". وهو تمسّكٌ نابعٌ من عنصرين، يتمثل الأول في أن الروس لا يريدون الإقرار بوجود ثورةٍ، فما جرى مؤامرة. وهذا ناتجٌ عن رفضهم الجوهري كل ثورة، لأن من يحكم في روسيا هو رأسمالية مافيا، تعرف أنها ستواجه ثورة. وبالتالي، يجب "كسر الثورات المخملية"، كما صرّح وزير الدفاع شويجو. تخاف الرأسمالية الثورة، لهذا ترفض الاعتراف بحدوثها في أيّ بُقعة في العالم. ويتمثل الثاني في أن وجودهم العسكري في سورية الذي بات يشكّل احتلالاً لا يكون "شرعياً"، إلا بتأكيد شرعية النظام. ولأنهم لا يقرّون أنهم محتلون يريدون تأكيد شرعية قدومهم بطلب من "رئيس شرعي".
لهذا لم يُعترف بالثورة، لأنها تعني إسقاط شرعية "الرئيس المنتخب".
لكن روسيا التي تتمسّك إلى هذا الحد بـ "الشرعية الدولية"، وقرارات مجلس الأمن، ترفض أولاً ما ورد في هذه القرارات، حيث إنها تنصّ على تشكيل هيئة حكم انتقالي، تقود مرحلة انتقالية، بالتالي، لا يكون لبشار الأسد موقع فيها. لكنها ثانياً تمارس ما يناقض كل خطابها "الشرعاني" هذا، حيث إنها تدخلت عسكرياً في جورجيا، فاحتلت أوستينيا الجنوبية. وتدخلت في أوكرانيا، حيث ضمّت شبه جزيرة القرم بدون قرار دولي. وأرسلت قواتٍ لمساعدة حلفائها في شرق أوكرانيا التي باتت مقسّمةً بين حكومة منتخبة وحكومة سابقة أسقطتها الثورة. طبعاً بالنسبة لروسيا الثورة في أوكرانيا هي "ثورة برتقالية" هذه المرة، بعكس المرة السابقة (سنة 2004) التي أسقطت "عملاء الغرب"، وسمحت باستحواذ حلفائها على السلطة، على الرغم من أن الشعب هو ذاته الذي قام بالثورتين.
وإذا كانت أميركا، منذ ما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، باتت تتدخل من دون قرار دولي، وقد احتلت أفغانستان والعراق، وتدخلت في ليبيا، وكان الخطاب الروسي يدين الخروج على الشرعية الدولية، على الرغم من أنه كان يوافق أو يلوذ بالصمت، فإن روسيا مارست السياسة ذاتها في محيطها، أي في البلدان التي كانت ضمن الاتحاد السوفييتي، حيث تعتبر أن هذا "مجالها الحيوي". وهي هناك، كما في سورية، ادعت شرعيةً لتبرير تدخلها (كما فعلت أميركا كذلك)، حيث كان لها "عملاء" يستطيعون "استدعاءها" لكي تحمي "الشرعية".
ما يُراد الوصول إليه، هنا، أن خطاب الشرعية غطاءٌ ما دامت روسيا تمارس عكسه، ولا تلتزم بـ "قرارات الشرعية الدولية"، والهدف منه تبرير تدخلها واحتلالها ليس أكثر، فدولة تخرج "الشرعية الدولية" وتعتدي على أمم أخرى لا يعني شيئاً تمسّكها بـ "الشرعية الدولية"، حين يخدم هذا الخطاب مصالحها. لقد لفظته، وهي تحتل شبه جزيرة القرم، وتتدخل في شرق أوكرانيا، وقبل ذلك حينما احتلت أوستينيا الجنوبية. وبالتالي، فهي تتمسّك به في سورية بالضبط لتغطية احتلالها، ولتبرير تدخلها. وهي هنا، مثل أميركا، تحتكم لمنظور إمبريالي، يبرّر كل عملية تدخل أو احتلال أو نهب.