مع خروج روسيا التدريجي من نظام الحجر الصحي، تتزايد مخاوف الخبراء من ارتفاع معدلات الجريمة تزامناً مع تفاقم المشاكل الاقتصادية وارتفاع نسبة البطالة إلى أعلى مستوياتها منذ ثماني سنوات، بحسب الأرقام الصادرة عن هيئة الإحصاء الروسية "روس ستات". مع ذلك، لم تشهد فترة الحجر الصحي خلال شهري إبريل/ نيسان ومايو/ أيار الماضيين في معظم الأقاليم أي زيادة في معدلات الجريمة، بل سجلت في مايو/ أيار الماضي تراجعاً بنسبة 5.6 في المائة مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي. في هذا الإطار، يعزو مدير مركز دراسة التهديدات والتحديات الجديدة للأمن القومي الروسي في مدينة فلاديفوستوك أقصى شرق البلاد، ألكسندر سوخارينكو، تراجع معدلات الجريمة إلى فرض الحجر الصحي ووجوب الحصول على تصاريح للحركة وفرض غرامات بحق المخالفين، لافتاً في الوقت نفسه إلى تفشي أنواع أخرى من الأعمال غير القانونية مثل الجرائم الإلكترونية والمخدرات وغيرها. ويقول سوخارينكو لـ"العربي الجديد": "على الرغم من التوقعات المتشائمة، إلا أننا لم نشهد زيادة تذكر في معدلات الجريمة حتى الآن، وهذا أمر واضح في ظل الحجر الصحي الذي دام شهرين. أضف إلى ذلك الحصول على تصاريح للحركة وفرض غرامات في حال المخالفة. ويمكن القول إنه تم تعليق الجريمة الجنائية العامة أو ما يعرف بجرائم الشارع. على الرغم من ذلك، هناك تزايد في عدد الجرائم الإلكترونية والتطرف ووالاغتصاب وإنتاج وتوزيع المخدرات".
وبحسب أرقام وزارة الداخلية الروسية، فإن عدد الجرائم الإلكترونية التي تندرج تحت المادة 159.3 من القانون الجنائي الروسي (احتيال باستخدام وسائل الدفع الإلكتروني)، سجل في مايو/ أيار الماضي قفزة تزيد عن الضعف مقارنة بالشهر ذاته من العام الماضي. أما الجرائم المتعلقة بالفساد، فسجلت زيادة مطردة بلغت نسبتها 74 في المائة في قضايا العمولات في قطاع مشتريات الدولة و11 في المائة في قضايا دفع رشاوى، وفق بيانات النيابة العامة الروسية.
ويعلق سوخارينكو على الوضع الراهن قائلاً: "بقاء الناس في منازلهم واستخدام الإنترنت بكثرة أديا إلى زيادة غير مسبوقة في عدد الجرائم الافتراضية، كما أن الوضع لم يتغير كثيراً بالنسبة للجناة من أصحاب الياقات البيضاء (مصطلح غربي يطلق على أولئك الناس الذين يقومون بعمل ذهني مكتبي مثل المديرين والمتخصصين) والفاسدين، ومن الواضح أن هناك توجهاً لتوسع رقعة الفساد في مجال مشتريات الدولة المتعلقة بالمعدات الطبية والأدوية. وبصورة خاصة، سيزداد الموظفون الحكوميون والشركات ذات الصلة بهم في الأقاليم الأكثر تضرراً من الوباء ثراء، والتي خُصصت مبالغ طائلة من الميزانية لدعمها". ويرى سوخارينكو أن "الفيروس ليس عقبة أمام الرشوة"، مشيراً إلى أن "كبار الموظفين انفصلوا تماماً عن الشعب وباتوا منذ فترة طويلة في حالة حجر صحي".
ومع إغلاق الحدود الروسية لمنع تمشي كورونا في النصف الثاني من مارس/ آذار الماضي، وجد المغتربون من الجمهوريات السوفييتية السابقة في آسيا الوسطى أنفسهم في مشكلة نتيجة تأثر القطاعات التي يعملون فيها بالجائجة مثل النقل والبناء وتعذر العودة إلى أوطانهم من جهة أخرى، ما زاد من مخاوف توسع رقعة الجرائم بضلوع مهاجرين.
وفي بداية إبريل الماضي، أبلغت الوكالة الفدرالية الروسية لشؤون القوميات حكام الأقاليم باحتمال تفاقم الوضع حول المغتربين الذين باتوا في ظروف صعبة بعد فرض إجراءات لمواجهة الفيروس. مع ذلك، يلفت سوخارينكو إلى احتمال تزايد المخالفات وحالات الابتزاز بحق المهاجرين أنفسهم في ظروف الركود الاقتصادي وتنامي البطالة، بما فيها إصدار تسجيلات وهمية في محل الإقامة، وهو إجراء يطلب من أبناء الجمهوريات السوفييتية السابقة الذين لا يحتاجون إلى تأشيرات الدخول إلى روسيا. وفي ظلّ تردّي الأوضاع الاقتصادية في الجمهوريات السوفييتية السابقة في آسيا الوسطى، لا يجد ملايين الشباب بديلاً عن التوجه إلى روسيا بحثاً عن مصدر رزق وحياة أفضل، مساهمين بتحويلاتهم المالية بحصة مهمة من الناتج المحلي الإجمالي لبلدانهم الأصلية.
وفي وقت سابق من يونيو/ حزيران الماضي، أعرب الرئيس السابق، رئيس الوزراء السابق ونائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري مدفيديف، عن قلقه من وضع الأمور في مجال الهجرة، مشيراً إلى أن الأجانب ارتكبوا نحو 15 ألف جريمة في روسيا هذا العام. كما حذر رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين من أن تسفر الجائحة والأزمة الاقتصادية عن زيادة في معدلات الجريمة في بعض المجالات، بما في ذلك بين المهاجرين، قد تستمر طويلاً.
لقاح مضاد للفيروس
أعلنت وزارة الصحة الروسية أن البلاد بدأت بالفعل إنتاج لقاح مضاد لفيروس كورونا على الرغم من حملة تشكيك في نجاعته وأمنه على المستخدمين. وتقول روسيا إن اللقاح الذي طوره معهد "غاماليا" في موسكو ووزارة الدفاع الروسية، وهو الأول الذي يبدأ إنتاجه لعلاج فيروس كورونا، سيطرح في نهاية شهر أغسطس/ آب الجاري. وكان الرئيس فلاديمير بوتين قد أكد أن بلاده أول دولة تصادق على لقاح مضاد للفيروس.