روسيا: انتقادات للناطقة باسم وزارة الخارجية بعد تهربها من مناظرة مع معارض

03 مايو 2020
مناظرة تحولت إلى معركة على مواقع التواصل (فيسبوك)
+ الخط -

تراجعت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، عن "مواجهة مباشرة" مع  المعارض الأبرز للكرملين ألكسي نافالني، ما عرضها لموجة من الانتقادات اللاذعة، واتهامات بالجبن والتملص، خوفاً من إراقة ماء وجهها، أو تحت تأثير ضغوط من جهات أعلى.

وبدأ الخلاف بين ممثلة الخارجية الروسية والمعارض أليكسي نافالني، بعد أن نشر الأخير عبر قناته على موقع "يوتيوب"، تسجيل فيديو انتقد فيه تصريحات لزاخاروفا، هاجمت فيها المواطنين الروس العالقين في الخارج بسبب أزمة كورونا "الذين استقلوا الطائرات وسافروا للسياحة ولأغراض أخرى، دون امتلاك مال".

وفي لقاء مصور أجراه معها الصحفي ميخائيل زيغار، انتقدت زاخاروفا المواطنين الروس الذين "يذهبون في رحلات خارجية، ولا يدركون المخاطر المحتملة ولا يستعدون لها، ثم يحمّلون الدولة مسؤولية إنقاذهم في المواقف الحرجة"، مؤكدة أن "الرحلة الخارجية مسألة جادة ومحفوفة بالمخاطر للغاية.. من أجل تأمين نفسك، يجب أن يكون لديك مبلغ كبير من المال أو علاقات قوية في أوساط معينة".

واعتبر نافالني تصريحات المسؤولة الروسية "مقززة، لدرجة أنني بكل سعادة مستعد للحديث معك عن ذلك شخصياً"، واصفاً زاخاروفا بأنها "عار على البلاد وعلى وزارة الخارجية".

كذلك انتقد عدد كبير من الروس تصريحات ممثلة الخارجية التي "تحمّل السياح العالقين في الخارج مسؤولية الأزمة التي يمرون بها، وتعتبر أن السفر يجب أن يقتصر على الأغنياء وأصحاب النفوذ فقط".

وبعد انتهاء بثّ الحلقة، كتبت زاخاروفا في صفحتها على فيسبوك: "رفيق نافالني، هل انتهى الأليغارشيون... أنا جاهزة للحديث وليس في المحاكم، حيث يمكن الاختباء وراء الصياغات والمحامين، بل على الهواء، ولكنك سوف تظهر جبنك. لقاؤنا في 1 مايو/ أيار وحديث مباشر".

نافالني لم يفوت الفرصة، وأعرب عن استعداده الحديث مع زاخاروفا، مقترحاً أي منصة تابعة له أو للديبلوماسية الروسية على "لايف" أو "إنستغرام" أو "يوتيوب".

وبدأ بعض مناصريه بترتيب المناظرة المرتقبة، واقترح من طريق المحامية المعارضة لوبوف سوبول القضايا الإجرائية، كما اتفق مع إعلامي لإدارة وتنظيم الحوار.

لكن زاخاروفا فضلت الرد على نافالني عبر لقاءات صحافية مع محطات التلفزة الفيدرالية، وعدم إدراج محطات راديو من ضمنها إذاعة "ايخو موسكفا" المعارضة، وبعض وسائل الإعلام الغربية، بعد اتهامها نافالني بالتهرب من اللقاء تارة، وتحديد شروط غير مقبولة مثل تحديد وقت المداخلة بدقيقتين لكل طرف، والتركيز على قضايا محددة.

وحاولت زاخاروفا إلقاء اللوم على نافالني في تراجعها عن المناظرة السياسية، وقالت عبر صفحتها في "فيسبوك" إن "نافالني لا يريد ذلك (المناظرة)"، والدليل أنه اقترح تحديد شخصية تدير المناظرة، وتحديد مدة دقيقتين لكل جهة للإجابة عن الأسئلة، مؤكدة أنه "بدأ بفرض الشروط" واصفة إياه بـ"الجبان، والنذل" الذي "يماطل في خوض معركة حتى مع امرأة".

وهذه ليست المرة الأولى التي تتحدث فيها زاخاروفا بشكل صادم عن المواطنين الروس العالقين في دول أجنبية، إذ أبدت نهاية شهر مارس/ آذار الماضي "شماتة" بالروس المقيمين في دول أجنبية، والذين "نفضوا الغبار عن جوازات سفرهم الروسية" ويقفون "الآن في طوابير الانتظار في المطارات العالمية ويصرخون: نحن مواطنو روسيا! نحن مواطنون بموجب القانون"، داعية إياهم إلى "البدء بالأساسيات واحترام البلد وشعبه" قبل طلب المساعدة في العودة إلى بلادهم.

 وماريا زاخاروفا، (مواليد 1975)، عُينت ناطقةً رسمية باسم الخارجية منذ 2015، واشتهرت بجرأتها في بعض القضايا، وفي 2019 ظهرت وهي تؤدي رقصة قوقازية معروفة في منتدى للشباب.

لكن رقصتها الأشهر أدتها في ختام مندى أسيان في 2016، ورقصت على أنغام أغنية "كالينكا" الفلكلورية الروسية "كالينكا" وفاءً لوعد سابق للصحافيين في مؤتمر صحافي سابق.

وفيما عنونت صحيفة "موسكوفسكي كمسوموليتس" مقالة حول المناظرة الضائعة بأن "نفالني انتصر على زاخاروفا حتى من دون مناظرة"، كانت لافتةً آلاف التعليقات اللاذعة بحق "حسناء" الخارجية الروسية، في صفحتها على فيسبوك.

وانتقدها الموالون قبل المعارضين على استخدامها "ألفاظاً وأسلوباً لا يليق بمسؤولة حكومية وممثلة للديبلوماسية الروسية"، مع إشارة أحد المعلقين إلى أن "زاخاروفا أخطأت مكان العمل، فمكانها في السيرك وليس في وزارة الخارجية".

وكتب معلق آخر: "ماريا فلاديميروفنا، أنا لست معجباً البتة بنافالني، ولكن بعد مشاهدة مقابلتك مع زيغار، كل شيء بات واضحاً".

وظهرت على صفحتها تعليقات عدة تتهمها بـ"الجبن والتملص من مناظرة، لم يكن لها أن تخرج منها منتصرة"، وكتب أحد المعلقين: "زاخاروفا تتحجج بأن قواعد المناظرة لا تعجبها. ألست الممثل الرسمي لوزارة الخارجية، ما يعني امتلاكك القدرة على التفاوض".

فيما كتب معلق آخر: "ألحقت العار بنفسك مرتين في أسبوع. في دولة متحضرة، كان يجب عليك على الأقل أن تعتذري عن تصريح الرعاع العالقين في الخارج، أو على الأرجح أن تطيري (تفقدي) منصبك. لكن هذا ممكن أن يحدث في دولة محترمة وليس في دولة بوتين، فهذه الشخصيات هي السائدة في الحياة الحالية عار".

ورغم ظهورها في برنامج حواري، مساء الجمعة 1 مايو/ أيار، ضمن برنامج "المساء" على قناة "روسيا 1"، ومحاولتها التأكيد أن "نافالني هو من تهرب من المناظرة"، إلا أن تصريحات زاخاروفا لم تقنع حتى وسائل الإعلام الموالية للسلطة في روسيا، التي لفت عدد منها إلى أن نافالني لم يكن ليفوت فرصة الظهور في مناظرة علنية مع شخصية حكومية بارزة، الأمر الذي كان يمكن أن يمكنه حتماً من رفع أسهمه لدى المواطنين الروس، مرجحين أن تكون زاخاروفا قد تلقت تعليمات من رؤسائها بعدم إجراء المناظرة.

وفي صباح يوم السبت 2 مايو/ أيار، نشرت زاخاروفا صوراً لعودة 106 من الروس من مطار فرانكفورت الألماني إلى موسكو، وكتبت: "بدلاً من ألف كلمة فارغة نعمل.. اليوم 106 يعودون من فرانكفورت".

وتثير تعليقات نافالني الصحافية وحلقاته على "يوتوب" غضب السلطات الروسية. ودعا رئيس الحرس الوطني الروسي فيكتور زولوتوف في 2018 المعارض أليكسي نافالني إلى المبارزة، وتوعد أن يحوله في دقائق إلى "قطع لحم"، وذلك بعد كشف صندوق محاربة الفساد الذي يديره نافالني فساد زولولتوف الذي يعد من أقرب المقربين إلى الرئيس فلاديمير بوتين.

دلالات
المساهمون