جدد الرئيس الإيراني حسن روحاني، اليوم الثلاثاء، التأكيد على رفض التفاوض مع الإدارة الأميركية، منتقداً خصومه السياسيين لما اعتبره "سوء الفهم" لتصريحاته الأخيرة بهذا الشأن، رابطاً أي تفاوض معها بـ"رفع جميع العقوبات" على إيران، مع الإعلان أن مفاوضات بلاده مع فرنسا "مستمرة لكنها لم تتوصل إلى اتفاق بعد"، ليهدد بأنه ما لم يحصل ذلك حتى الخميس المقبل "ستنفذ إيران المرحلة الثالثة من تقليص تعهداتها النووية".
وقال روحاني خلال جلسة البرلمان الإيراني لتقديم وزيري التعليم والتربية، والتراث الثقافي والسياحة، لنيل ثقة البرلمان، إن إيران "تواجه اليوم ظروفاً معقدة تستدعي قيام جميع السلطات بدورها"، معتبراً أن العقوبات والضغوط الاقتصادية الأميركية على بلاده "غير مسبوقة خلال العقود الماضية ولم تتعرض أي دولة لمثلها".
واعتبر أن المؤشرات الاقتصادية تظهر أن وضع بلاده أفضل من العام الماضي، متحججاً بذلك ليقول إن "صمود الشعب الإيراني قد أثمر"، موضحاً أنّ استراتيجية طهران تجاه السياسات الأميركية "تقوم على المقاومة الداخلية والدبلوماسية الفعالة"، معتبراً أنه "من دون المقاومة، فالدبلوماسية تواجه طريقاً صعباً".
وفي هذا السياق، انتقد منتقدي سياسات حكومته في إيران، قائلاً إن "الدبلوماسية والمقاومة مكملتان لبعضهما البعض ولا ينبغي الفصل بينهما"، داعياً هؤلاء إلى "ألا تتحول حناجرهم إلى أبواق للأعداء". كما انتقد خصومه السياسيين لحملهم تصريحاته الأخيرة والتي أعلن فيها أنه مستعد للقاء مع "أي شخص" على أنه قصد بذلك التفاوض مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، معتبراً أن هذا التفسير لتصريحاته ناتج من "سوء الفهم"، ليؤكد مجدداً أن "التفاوض مع أميركا ليس مطروحاً، ولم ولن يكون هناك أي قرار في هذا الصدد، وردّنا على جميع الاقتراحات خلال السنوات الأخيرة للتفاوض معها كان سلبياً".
كما عرج روحاني على تصريحات نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال المؤتمر الصحافي مع الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الأسبوع الماضي، في ختام قمة مجموعة السبع بمدينة بياريتز الفرنسية، والتي أشار فيها ماكرون إلى استعداد الرئيس الإيراني للقاء مع ترامب، قائلاً إن "الأجانب أحياناً يخطئون في الفهم"، إلا أنه حمّل المترجم مسؤولية "خطأ" ماكرون في فهم حديثه، خلال اتصال هاتفي جرى بينهما، قبل تصريحات الأخير في المؤتمر الصحافي، وذلك من خلال القول إن "المترجمين أحياناً يغيّرون الكلام".
وأوضح روحاني أن المرشد الإيراني علي خامنئي، هو الذي "يحدد السياسات العامة" للبلاد، في إشارة إلى أنه الوحيد الذي يملك الصلاحية حول موضوع التفاوض مع واشنطن، نافياً "وجود خلاف" بين أركان الحكم في إيران حول "المصالح الوطنية". إلا أن روحاني ربط موافقة بلاده على التفاوض مع الإدارة الأميركية بـ"رفع جميع العقوبات"، قائلاً إن "أميركا يمكنها الحديث معنا في إطار مجموعة 5+1 حول القضايا النووية، لكن بشرط أن ترفع كافة العقوبات، سواء عادت إلى الاتفاق النووي أو لم تعد".
المباحثات مع فرنسا
وأشار روحاني في تصريحاته اليوم الثلاثاء، إلى مباحثات بلاده مع فرنسا بشأن تنفيذ الاتفاق النووي، قائلاً: "لم نتوصل إلى اتفاق نهائي بعد، والمفاوضات مستمرة"، مهدداً في الوقت نفسه بأنه "إذا لم نصل إلى نتيجة نهائية، سننفذ المرحلة الثالثة من تقليص التعهدات"، من دون أن يوضح طبيعة التعهدات النووية التي ستوقفها إيران.
وأضاف أنه "إذا نفذت أوروبا جزءاً من تعهداتها، قد نعيد النظر في تقليص التزاماتنا النووية"، مشدداً على أنه "في حال لم تتخذ أوروبا خطوة مهمة، ستقلص بلاده تعهداتها"، إلا أنه أشار في الوقت ذاته إلى أن خطوات إيران "سهلة للعودة إلى الوراء، ولذلك سنواصل المفاوضات بعد تنفيذ المرحلة الثالثة أيضاً".
وأوضح الرئيس الإيراني أن مباحثات بلاده مع الدول الأوروبية "تتركز على شراء النفط الإيراني سواء نقداً أو من خلال دفع عوائدها سلفاً... هذا يسهل الظروف"، على حدّ تعبيره.
وكالة إيرانية: هذه خطوات المرحلة الثالثة من خفض التعهدات
في وقت، تتصاعد فيه التهديدات الإيرانية حول تنفيذ المرحلة الثالثة من تقليص التعهدات النووية، من دون الكشف رسمياً عن الخطوات التي يمكن أن تتخذها طهران خلال هذه المرحلة على عكس المرحلتين السابقتين، حيث تم إذاعة الخطوات سلفاً، إلا أن وكالة إيرانية كشفت، اليوم الثلاثاء، عن خطوات قالت إنه يتوقع أن تتضمنها المرحلة الثالثة.
وأضافت الوكالة أن "أهم ما يمكن توقع أن يتم تنفيذه خلال المرحلة الثالثة هو تطوير وإنتاج الجيل السادس من أجهزة الطرد المركزي"، معلنة أن "بحوثاً علمية جيدة قد أجريت في هذا الصدد".
وفي السياق، استشهدت الوكالة بتصريح لرئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي، الذي قال إن المنظمة "أنشأت صالة لتجميع أجهزة الطرد المركزي الجديدة والمتطورة، حيث تم تجميع قرابة 20 جهازا من طرازIR6".
وفي الذكرى السنوية الأولى للانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي في الثامن من مايو/أيار الماضي، أعلنت إيران قرارات "مرحلية" لتخفيض تعهداتها النووية، ونفذت إلى الآن مرحلتين منها، أوقفت فيهما تعهدات طاولت إنتاج اليورانيوم والمياه الثقيلة وكذلك رفع مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 4.5 %، مع منح مهل مدة كل منها ستين يوماً.
وفي السابع من يونيو/تموز الماضي، وفيما أعلنت السلطات الإيرانية، تدشين المرحلة الثانية من وقف تعهدات نووية، بعد انتهاء مهلة الستين يوماً الأولى، منحت مهلة ثانية بالمدة نفسها، تنتهي في الخامس من أيلول/سبتمبر المقبل، لتبدأ في هذا اليوم المرحلة الثالثة. لكن مع الفارق، أنها لم تكشف عن الخطوات التي ستتخذها خلالها، لتبقيها رهن الغموض والتكهنات، وذلك على عكس السياسة الإعلامية التي تبعتها في إذاعة الخطوات التي تتضمنها المرحلتان الأولى والثانية، قبل تنفيذهما.
وبحسب التقارير الإيرانية، فإن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب بنسبة 4.5 % قد وصل إلى 25 كيلوغرام، بعدما تجاوزت الحد المنصوص عليه للتخصيب في الاتفاق النووي، وهو 3.67%.
Twitter Post
|
والأسبوع الماضي، أعلن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، أن إنتاج إيران من اليورانيوم قد ارتفع من 10 أطنان إلى 30 طنا خلال السنوات الأخيرة، قائلا: "سنوصل هذا المقدار إلى 50 طناً".