رواية "شهيد الزيتون": رصاصة إسرائيلية قطفت أحلام بهاء

19 أكتوبر 2014
والدة بهاء أثناء وداعه الأخير (عصام ريماوي/الأناضول)
+ الخط -

لن تستطيع عائلة بدر الفلسطينية، إكمال موسم قطف ثمار الزيتون، بعد أن قطفت رصاصة الاحتلال طفلها بهاء (13عاماً) من وسطها، في طريق عودته إلى المنزل بعد أن وضعت يداه القبلة الأخيرة على أغصان الزيتون الراسخة في تلك الأرض.

ستذكره أمه وأشقاؤه السبعة في الموسم المقبل، وسيفتقدون ضحكته البريئة التي كانت تنتشر كعطر في المنزل، وستشغل حقيبته المدرسية حيزاً في ذلك الفراغ الذي يتركه رحيله وسريره المركون في زاوية الغرفة الفارغة من بعده.

استشهد بهاء، برصاصة أطلقها جندي إسرائيلي، يوم الثلاثاء الماضي، أثناء عودته برفقة عائلته بعد إكمالهم يومهم المتعب، خلال قطفهم ثمار الزيتون في أرضهم الواقعة في قرية شقبا، شمال غربي رام الله.

وبحسب العائلة، فقد تأخر بهاء، في العودة إلى البيت قليلاً، في الوقت الذي اندلعت فيه مواجهات عنيفة بالقرب من طريق المنزل، قبل أن تخطفه رصاصة أصابت صدره لتقتله وأحلامه.

يقول والد بهاء، سمير بدر، وغصة الحزن تُقطّع أوصال صوته لـ "العربي الجديد"، "عُدنا من أرضنا جميعاً، بعد أن أنجزنا يومنا في قطف الزيتون، وكان بهاء برفقتنا في طريق العودة، لكن القدر أخّره عنا قليلاً لنعود نحن، بينما جاءنا خبر إصابته الحرجة ثم استشهاده".

تلقّت العائلة الخبر كالصاعقة، ويؤكد الوالد، أن "بهاء كان يحلم بالشهادة، ونالها، لكن هذه الجريمة قتلت أحلامه وقتلت طفولته، والجندي مجرم ويجب أن يحاكم".

وكان بهاء قد وصل إلى الصف السابع الأساسي في تحصيله العلمي، وكان يحب دراسته كثيراً، وغالباً ما كان يحدث العائلة عن نيته إكمال دراسته الجامعية، من دون أن يحدد ماذا سيدرس، تاركاً مهنته المستقبلية إلى القدر المجهول.

ويشير الأب، بعد صمت طويل لوالد لم يمرّ أكثر من دقائق على تشييع جثمان طفله، أن "ابنه كان مواظباً على الصلاة في المسجد وملتزماً بصوم شهر رمضان، وهو ذو طبع اجتماعي ويحبه جميع من في الحي ولديه أنشطة رياضية كثيرة ويمارس كرة القدم باستمرار".

رحل بهاء، وترك لأمه وأبيه وأشقائه ذكريات وتفاصيل سيعيشون معها لوقت طويل قبل أن يعتادوا ذلك الرحيل، في الوقت الذي لم يستطع فيه الوالد قول أي شيء لـ"العربي الجديد"، مردداً اسمه كثيراً، ومتسلحاً بالصمت بعد أن نال سلاح المحتل من طفولة ابنه البريئة وسرقه من حضنه إلى الأبد.

لم تخرج العائلة بعد من صدمة الموقف، ويقول خال بهاء، خالد شبلي، إنه "بغض النظر عن المكان الذي استشهد فيه بهاء، سواء كان تحت أشجار الزيتون، أم خلال العودة في الطريق، وحتى لو في الملعب وهو يمارس نشاطه الرياضي، فطفل بسنه يقتل بالرصاص الحي في صدره. هذا لا يعبر إلا عن جريمة اعتاد جنود الاحتلال ارتكابها بحق الفلسطينيين وأطفالهم".

 ستبقى تفاصيل بهاء، وأشياؤه حاضرة في ذاكرة عائلته، كما آلاف الأطفال الذين قتلتهم رصاصات الاحتلال التي يطلقها جنوده على فلسطينيين عزل يطالبون بأرضهم وحقهم في الحرية والحياة.