يحاول الشبّان الفلسطينيون أن ينمّوا مواهبهم في الموسيقى. ولكن، دائماً، تواجههم عوائق التعلّم، وخاصة في المخيمات الفلسطينية، إلا أن هناك من استطاع أن يشق طريقه الفنيّ. رواد زيدان (18 عاماً)، فلسطيني من مدينة رام الله، مقيم مع أهله في لبنان، في الصف الثالث ثانوي، ويرغبُ في أن يكمل دراسته في كلية الطب أو الهندسة، رغم أنه يملك موهبة في عزف الموسيقى على آلتي الغيتار والكمان.
يقول رواد لـ"العربي الجديد": "بدأت التعلّم على عزف الموسيقى منذ عام 2010. وبدأت القصة بالصدفة، إذ كنت أشاهد أحد الأفلام على قناة ديزني، وكانت هناك مجموعة من الشبان يعزفون على آلة الغيتار، واعتاد والداي على أن يحضرا لي هدية عند انتهاء العام الدراسي، فطلبت منهما في تلك السنة أن يهدياني غيتارا. فأحضر والدي لي غيتارا، وبدأ بتعليمي على العزف خلال فترة الصيف، كونه أستاذ موسيقى، وأصر على أن تكون الدروس يومية، إلى أن صرت أعزف بطريقة احترافيّة وإبداعيّة، وهي تعتمد على تنفيذ أي فكرة من خلال الموسيقى، لكي أستطيع أن أعزف أي مقطوعة موسيقيّة تستهويني أو تعجبني. وعلَّمني أيضاً طريقة تقنية، وهي ارتباط العزف بالإحساس، أي أن أعزف ما أشعر به. ولكل إحساس عزف خاص به.
مشاعر الصدمة لها لونها الموسيقي مثلاً، كذلك الحزن والفرح، كل له طريقة عزف كي يظهر هذا الإحساس، إذ يجبُ أن أركِّز على الفكرة قبل العزف".
ويضيف رواد: "تعلمت أكاديمياً، أيضاً، العزف على آلة الكمان، وكان معلمي الأستاذ محمد اللبَّان، لمدة ثلاث سنوات. وخضعت لامتحانات في معهد الموسيقى "الكونسرفتوار"، والكمان فيه انضباط أكثر من الغيتار الذي يتحمَّل عفوية، ويمكن عزف ما يسمّى بالتعبير الإبداعي. أما الكمان فله عقليّة معيّنة تعتمد على الانضباط والالتزام، إضافة إلى الإبداع".
يلفتُ رواد بأنَّ آلة الكمان هي الأقرب إلى قلبه، وخاصة أن هناك العديد من عازفي الغيتار، ولكن عازفي آلة الكمان عددهم محدود بشكل عام، وهناك افتقار لعازفين عندهم نزعة إبداعية في العزف على هذه الآلة. وعادة التعلّم على أي آلة موسيقيّة يحتاج إلى وقت، أما أن يكون العازف مبدعاً في آلته، فهذا يحتاج إلى تحدٍ كبير، و"هذا ما أقوم به، وحلمي أن أضع بصمتي الخاصة في العزف على آلة الكمان، وطموحي أن يصير لي اسم يشتهر عالمياً من خلال العزف، وأن أتميّز بالعزف بطريقة خاصة، وأن أستطيع إدخال آلة الكمان إلى جانب آلات أخرى قد تكون بعيدةً عنها. لكن، يمكن أن تتوالف معها من خلال معزوفات موسيقيّة فنيّة".
ويختتم رواد: "الإبداع لا يقف عند حد معين، ومثال ذلك عازف الكمان الفنان الفلسطيني جهاد عقل، الذي وصل إلى النجوميّة والعالميّة من خلال عزفه وتقنيته العالية وطريقته المميّزة في العزف".
ويؤكد زيدان على أنه لن يتخلى عن العزف والموسيقى حتى لو تخرّج من كلية الطب أو الهندسة، ولا مانع لديه من أن يكون طبيباً عازفاً أو مهندساً عازفاً، وأنّ الظروف السيئة التي يعيشها الشباب الفلسطيني في ظل الاحتلال الإسرائيلي لم تكن عائقاً أمامه في المحاولة والتحدي.