يمرّ لبنان في فترة هادئة، بالشكل. انحسرت التفجيرات الانتحارية، وغابت الاشتباكات التي تنقّلت بين طرابلس وبيروت. يرتبط هذا الهدوء، بشكل أو بآخر، "بقرار إقليمي بتجنيب لبنان الحرب السورية"، على ما يقول أحد الوزراء الأساسيين في الحكومة اللبنانية. يشير الوزير بوضوح الى أن التواصل السعودي ـ الإيراني يُعدّ حجر الزاوية في هذا الهدوء. ويعتقد أيضاً، أن قناة التواصل هذه جدية، لكنه لا يوضح إلى أي مدى وصلت، "لذلك من الممكن الوصول الى تسوية في ملف الانتخابات الرئاسية قبل أيام من انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان".
لا يجزم الرجل في هذا الامر. هو يقر بأن معظم الإشارات تدلّ على أن البلد يسير باتجاه الفراغ الرئاسي، "لكن قرار منع نقل الحرب السورية، التي يبدو أنها ستطول، قد يدفع باتجاه تمرير كلمة سر تؤدي الى انتخاب رئيس".
من الواضح أن هذا الرئيس، في حال انتُخب، لن يكون من الأسماء البارزة في الساحة السياسيّة. لا رئيس الهيئة التنفيذيّة في القوات اللبنانيّة، سمير جعجع، يملك حظوظاً جدية، ولا رئيس التيار الوطني الحرّ، النائب ميشال عون، ولا رئيس حزب الكتائب، أمين الجميل. تتغيّر بورصة الأسماء المطروحة يومياً. الواضح أن هناك مَن يسعى "لحرق" حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. إذ نُشرت في بعض وسائل الإعلام الأميركيّة مقالات عن تبييض الأموال في لبنان. يقول أحد العارفين بالشأن الأميركي، إن المصدر قد يكون لبنانياً وليس بالضرورة أميركياً، لكنه يؤكّد أن كلاماً كهذا يُضعف حظوظ سلامة.
يُشير هذا الوزير إلى أن هناك ملفاً يجب معالجته وإلا انفجر بوجه الجميع وعطّل عمل الحكومة، ألا وهو سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام. يبدو أنه مقتنع بتحذيرات حالكم مصرف لبنان، بأن إقرار السلسلة قد يؤدي الى انهيار اقتصادي، لكن هذا لا يمنعه من الجزم بضرورة إعطاء الموظفين بعض ما يطلبونه. لا يبدو أن هناك تصوراً واضحاً عند الحكومة لكيفيّة التعاطي مع هذا الملف، رغم إدراك الجميع أن الخطأ هنا، تحديداً، قد يؤدي إلى نتائج كارثيّة. ملف سلسلة الرتب والرواتب، قد يكون "محرقة" شعبيّة لسلامة، في حال استمر بمعارضته لهذه السلسلة، أو يؤثّر على علاقته بالهيئات الاقتصاديّة، في حال وافق على السلسلة. في الحالتين، لا يُحسد الرجل على هكذا وضع، على أبواب الانتخابات الرئاسيّة.
ومن الأسماء التي ترتفع أسهمها أخيراً في بورصة المرشحين، الوزير السابق جان عبيد. البعض يراه مرشّح تيار المستقبل، ويعتبره آخرون مرشّحاً أميركياً. في المقابل، يقول عبيد، في صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي، أنه "مستقلّ... إلا عن الحق". وقد نشر عبيد، في الفترة الأخيرة، صوراً له مع الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز، إلى جانب صور أخرى تجمعه بوزراء خارجية عدد من الدول. كما اشتكى عبيد من "حملة تشويه منظّمة تطاله".
في مقابل هذا النقاش السياسي، لا يزال عدد من المسؤولين اللبنانيين يتلقى تحذيرات أمنية، طلبت منهم الحد من حركتهم. قد تكون هناك مصلحة لطرف ما بـ"تحريك" هذا الهدوء. يقول الوزير إنه تلقى تحذيرات من جهات عدة. آخرون يرددون كلاماً مشابهاً. لا تأكيد لجدية هذه التهديدات، لكن الواقع اللبناني يرجح الخطر دوماً.