في الوقت الذي انتقد فيه الرئيس الإسرائيلي، روفي ريفلين، بشكل غير مسبوق استراتيجية رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، في إحباط الاتفاق النووي، رأت أوساط إسرائيلية أن سياسة الرئيس باراك أوباما، ليست كفيلة فقط في إحباط المشروع النووي، بل تضمن أيضاً التأثير على موازين القوى داخل نظام الحكم الإيراني، بشكل يقلّص من قوة التيار المتشدد.
وأوضح الصحافي ران إيدليست أن انفتاح واشنطن على طهران بعد الاتفاق، سيمنح قوة الولايات المتحدة "الناعمة" الفرصة لتحقيق اختراقات في قلب إيران، وستكون نتائجها أهم وأخطر بكثير من تلك التي يمكن أن تسفر عنها عمليات عسكرية أو مقاطعة اقتصادية. وفي مقال بعنوان "ماكدونالد تنتصر"، نشرته صحيفة "معاريف" في عددها الصادر في 5 أغسطس/ آب الحالي، أشار إيدليست إلى أن هناك مؤشرات تدلّ على استعداد الشارع الإيراني للاختراق الأميركي، منوّهاً إلى أن نتائج تحقيق أميركي أظهرت أن الإيرانيين يفضّلون المنتجات الأميركية. وتوقع إيدليست أن تتمثل ذروة تأثير القوة الأميركية "الناعمة" في فتح شبكة المطاعم الأميركية "ماكدونالد" فروعاً لها في طهران، معتبراً أنّها ستكون مقدمة لإضعاف البيئة التي يستفيد منها التيار المحافظ في طهران.
وهاجم إيدلست نتنياهو، "لأنه وافق على أن يوظّف الجمهوريون موقفه من الاتفاق النووي في حملاتهم الانتخابية"، مؤكداً أن موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي المتشدد من الاتفاق النووي لا يخدم مصلحة إسرائيل. وحذّر إيدليست من أن سلوك نتنياهو يمثّل تفريطاً بالمصلحة الإسرائيلية، على اعتبار أن صنّاع القرار في تل أبيب يعون تماماً أن فرص الجمهوريين في إحباط الاتفاق تؤول إلى الصفر، في الوقت الذي تصل فيه نسبة التأييد للاتفاق في أوساط الأميركيين إلى 65 في المائة.
من جهته، أشار الصحافي أمير تيفون، إلى أنّ استراتيجية نتنياهو في إقناع اليهود الأميركيين للعمل على إفشال الاتفاق، تقوم على تذكيرهم بأن موقفه يمثل "الإجماع الصهيوني". وفي مقال نشره موقع "وللا" في 5 أغسطس الحالي، نوّه تيفون إلى أن نتنياهو يذكّر اليهود الأميركيين بأن زعيم المعارضة، إسحاق هيرتزوغ، يتبنى الموقف ذاته من الاتفاق مع إيران، مشيراً إلى أن نتنياهو حوّل هيرتزوغ إلى وزير خارجية في حكومته من دون أن يشغل المنصب بشكل رسمي.
اقرأ أيضاً: الصحف العبرية وخطاب أوباما: إنذار لمستقبل العلاقات الاستراتيجية
وفي السياق، شنّت قيادات في الليكود هجوماً لاذعاً على ريفلين بسبب انتقاداته لسياسة نتنياهو تجاه الاتفاق النووي. ونقلت الإذاعة العبرية، يوم السبت، عن هذه القيادات قولها إن موقف ريفلين يضعف موقف إسرائيل الرسمي ويسهم في تحسين أداء الحملة الإعلامية التي يشنّها أوباما لتمرير الاتفاق.
وقد حرص ريفلين، في المقابلات التي أجراها على محطات تلفزيونية عدّة وبعض الصحف نهاية الأسبوع الماضي، على توجيه انتقاد لنتنياهو، محذّراً من أن طابع معارضته للاتفاق النووي مع إيران يهدد المصالح الإسرائيلية. واعتبر ريفلين أنه لا بديل عن العلاقات الاستراتيجية مع الولايات المتحدة.
في المقابل، طالبت بعض مراكز التقدير الاستراتيجي الإسرائيلي بإدخال تعديلات على الاتفاق النووي بشكل يقلّص من مستويات القلق في تل أبيب، ولا سيما تفكيك القدرات الصاروخية الإيرانية، لتخفيض قدرة طهران على استخدام النووي في حال تمكّنت من إنتاجه مستقبلاً. فقد حذّر "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي من أن برنامج الصواريخ الإيراني يجعل برنامجها النووي أكثر خطورة، باعتبار أنه يشمل صواريخ باليستية إيرانية بإمكانها حمل رؤوس نووية، ما يزيد من قدرة طهران على استخدام هذا السلاح.
ونشر موقع المركز تقريراً في 5 أغسطس الحالي، حذّر فيه من أنه سيكون بإمكان إيران إنتاج السلاح النووي بعد انتهاء مدة السنوات العشر المنصوص عليها في الاتفاق. وتوقع المركز أن تحدث تحوّلات دولية تساعد طهران على خرق الاتفاق، مطالباً بتكثيف جمع المعلومات الاستخبارية عن إيران. وحث المركز في تقريره الولايات المتحدة على إقناع طهران بأنّ الخيار العسكري لا يزال واقعياً. وكشفت صحيفة "معاريف" في عددها الصادر في 5 أغسطس، النقاب عن أنّ إسرائيل رفضت أن يتم نصب صواريخ باليستية أميركية حاملة لرؤوس نووية جنوب إسرائيل، لمواجهة أي محاولة إيرانية.
وفي سياق منفصل، أبدت وسائل الإعلام الإسرائيلية اهتماماً بدلالات قرار إيران منح مراسل صحيفة أميركية يهودية تأشيرة دخول إلى طهران وإعداد تقارير حول مرحلة ما بعد الاتفاق النووي مع الغرب. واعتبر موقع صحيفة "جيروزالم بوست"، يوم السبت، قرار حكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني منح مراسل صحيفة "ذا جوش فوروورد"، تأشيرة دخول إلى طهران بأنه محاولة إيرانية للتأثير على توجهات الرأي العام اليهودي في الولايات المتحدة تجاه الاتفاق النووي. وتعتبر الصحيفة من أقدم الصحف اليهودية في الولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً: الشركات الأميركيّة وإيران: عين على الصفقات وأخرى على الإرهاب