"سيدي رمضان"، هكذا يحب الليبيون أن يسمّوا شهر الصوم إجلالاً وترحيباً به وإشعاراً بقدسيته في نفوس الناشئة. له حظوته ومكانته التي يحتفل بها مجتمعهم. هم الذين يبدأون الترحيب به منذ اختتام حفل ليلة النصف من شعبان.
قديماً، في الأرياف، كانت الأسرة تستعد لـ"سيدي رمضان" بغرس الخضار اللازمة لإفطاراته مثل البقدونس والكرفس والسلك، حتى إذا ما هلّ الشهر الفضيل كانت جاهزة. أما حديثاً فقد أخذ الترحيب شكلاً مختلفاً يتمثل في التسوق لشراء اللوازم المنزلية التي يخصص لها الباعة طاولات أمام المحلات، وفي الأزقة، وعلى مشارف الطرقات لعرضها، خصوصاً مواد تحضير الحلويات. وهي التي تعدّها النساء لسهرات ما بعد التراويح.
وعلى الرغم من ظروف الحرب والفوضى في البلاد، ما زالت أسر كثيرة تحافظ على بعض الطقوس الرمضانية، وأشهرها الاحتفال بـ"يوم الموسم" وهو آخر يوم في شهر شعبان، حيث تذبح الأسرة "شاة الموسم" ويتشارك الجيران والأقارب في إهداء لحومها إلى بعضهم بعضاً. احتفال "يوم الموسم"، وإن حافظت عليه بعض الأسر، إلاّ أنّه مهدد بالاختفاء بسبب إقدام أسر أخرى على شراء لحوم جاهزة من محلات الجزارة في هذا اليوم. أو بسبب عدم قدرتها أساساً على الذبح والشراء معاً بالترافق مع سوء الأحوال المعيشية والنزوح.
ظروف الحرب القائمة في البلاد لم تمنع أسراً تعيش في بعض المناطق والمدن المستقرة نسبياً من الاحتفاظ ببعض العادات. من بينها اجتماع كل أسر الأبناء الذكور المتزوجين لتناول إفطار أول يوم من رمضان في بيت الأب، وهو تقليد كانت تحرص عليه الأسرة الليبية. فحتى الابن المستقر في إحدى المدن البعيدة ملزم بصوم أول أيام رمضان مع أهله.
تحفل المائدة الليبية بمأكولات خاصة بالشهر يكون طبق "الشوربة العربية" أساسياً فيها. وهناك أطباق "البراك والمبطن والفليفلة المحشوة بالأرز والبوريك"، وعدة أنواع من الحلويات على مائدة سهرة ما بعد صلاة التراويح أشهرها "القطايف والزلابية والغريبة". وعادة ما تختفي المأكولات الليبية الأخرى من موائد الصيام كـ"البازين والكسكسي" لتسجل حضورها في ليلة واحدة فقط من هذا الشهر وهي ليلة السابع والعشرين، حيث تعدّ النساء "البازين" في الأرياف و"الكسكسي" في المدن للاحتفال بليلة القدر في المساجد أو في الزوايا والتكايا الصوفية.
اقــرأ أيضاً
تقاليد وعادات الليبيين في رمضان، وإن سجلت اختفاء تدريجياً في العاصمة طرابلس أو في بنغازي بسبب ثقافة المدن المتغيرة والمتجددة، إلا أنّ نكبات النزوح والتهجير كانت سبباً آخر في تواري بعضها خلال السنوات الماضية في الأرياف والمناطق البعيدة عن المدن.
يشتكي معز البهلول، وهو تاجر مستلزمات منزلية في العاصمة، من تراجع الإقبال على التسوق خلال هذه السنة: "لم نتمكن من استيراد بضائع جديدة فأسعار العملات الأجنبية تشهد ارتفاعاً حاداً، كما أنّ المواطن أيضاً يشكو من نقص حاد في السيولة".
من جهته، يتحدث المواطن سالم عوينات، من مصراتة، بأسى عن تراجع اهتمام الناس بالفرح بهذا الشهر: "صراخ الناس من غلاء الأسعار شعار هذه السنة وحديث ساعتهم. بل تحولت جلسات السمر الرمضانية إلى شكوى من قلة ذات اليد". يتابع: "كيف لي أن أجلس مع أسرتي على مائدة إفطار والعشرات في حيي من النازحين قاربوا على التسول بعدما شحت معونات الجمعيات الخيرية". يصف عوينات مشهداً على أطراف المدينة، حيث تجمعت خمس عائلات مهجّرة لتشترك في استئجار خيمة تسكنها وتصوم وتفطر فيها. يأتي ذلك في ظلّ ارتفاع حاد تشهده إيجارات المساكن بمختلف أنواعها، خصوصاً في المدن الرئيسية. وهو ما يترافق مع سيولة باتت شبه مختفية من الجيوب والبنوك، خصوصاً مع استمرار الحرب.
اقــرأ أيضاً
قديماً، في الأرياف، كانت الأسرة تستعد لـ"سيدي رمضان" بغرس الخضار اللازمة لإفطاراته مثل البقدونس والكرفس والسلك، حتى إذا ما هلّ الشهر الفضيل كانت جاهزة. أما حديثاً فقد أخذ الترحيب شكلاً مختلفاً يتمثل في التسوق لشراء اللوازم المنزلية التي يخصص لها الباعة طاولات أمام المحلات، وفي الأزقة، وعلى مشارف الطرقات لعرضها، خصوصاً مواد تحضير الحلويات. وهي التي تعدّها النساء لسهرات ما بعد التراويح.
وعلى الرغم من ظروف الحرب والفوضى في البلاد، ما زالت أسر كثيرة تحافظ على بعض الطقوس الرمضانية، وأشهرها الاحتفال بـ"يوم الموسم" وهو آخر يوم في شهر شعبان، حيث تذبح الأسرة "شاة الموسم" ويتشارك الجيران والأقارب في إهداء لحومها إلى بعضهم بعضاً. احتفال "يوم الموسم"، وإن حافظت عليه بعض الأسر، إلاّ أنّه مهدد بالاختفاء بسبب إقدام أسر أخرى على شراء لحوم جاهزة من محلات الجزارة في هذا اليوم. أو بسبب عدم قدرتها أساساً على الذبح والشراء معاً بالترافق مع سوء الأحوال المعيشية والنزوح.
ظروف الحرب القائمة في البلاد لم تمنع أسراً تعيش في بعض المناطق والمدن المستقرة نسبياً من الاحتفاظ ببعض العادات. من بينها اجتماع كل أسر الأبناء الذكور المتزوجين لتناول إفطار أول يوم من رمضان في بيت الأب، وهو تقليد كانت تحرص عليه الأسرة الليبية. فحتى الابن المستقر في إحدى المدن البعيدة ملزم بصوم أول أيام رمضان مع أهله.
تحفل المائدة الليبية بمأكولات خاصة بالشهر يكون طبق "الشوربة العربية" أساسياً فيها. وهناك أطباق "البراك والمبطن والفليفلة المحشوة بالأرز والبوريك"، وعدة أنواع من الحلويات على مائدة سهرة ما بعد صلاة التراويح أشهرها "القطايف والزلابية والغريبة". وعادة ما تختفي المأكولات الليبية الأخرى من موائد الصيام كـ"البازين والكسكسي" لتسجل حضورها في ليلة واحدة فقط من هذا الشهر وهي ليلة السابع والعشرين، حيث تعدّ النساء "البازين" في الأرياف و"الكسكسي" في المدن للاحتفال بليلة القدر في المساجد أو في الزوايا والتكايا الصوفية.
تقاليد وعادات الليبيين في رمضان، وإن سجلت اختفاء تدريجياً في العاصمة طرابلس أو في بنغازي بسبب ثقافة المدن المتغيرة والمتجددة، إلا أنّ نكبات النزوح والتهجير كانت سبباً آخر في تواري بعضها خلال السنوات الماضية في الأرياف والمناطق البعيدة عن المدن.
يشتكي معز البهلول، وهو تاجر مستلزمات منزلية في العاصمة، من تراجع الإقبال على التسوق خلال هذه السنة: "لم نتمكن من استيراد بضائع جديدة فأسعار العملات الأجنبية تشهد ارتفاعاً حاداً، كما أنّ المواطن أيضاً يشكو من نقص حاد في السيولة".
من جهته، يتحدث المواطن سالم عوينات، من مصراتة، بأسى عن تراجع اهتمام الناس بالفرح بهذا الشهر: "صراخ الناس من غلاء الأسعار شعار هذه السنة وحديث ساعتهم. بل تحولت جلسات السمر الرمضانية إلى شكوى من قلة ذات اليد". يتابع: "كيف لي أن أجلس مع أسرتي على مائدة إفطار والعشرات في حيي من النازحين قاربوا على التسول بعدما شحت معونات الجمعيات الخيرية". يصف عوينات مشهداً على أطراف المدينة، حيث تجمعت خمس عائلات مهجّرة لتشترك في استئجار خيمة تسكنها وتصوم وتفطر فيها. يأتي ذلك في ظلّ ارتفاع حاد تشهده إيجارات المساكن بمختلف أنواعها، خصوصاً في المدن الرئيسية. وهو ما يترافق مع سيولة باتت شبه مختفية من الجيوب والبنوك، خصوصاً مع استمرار الحرب.