رمضان في بغداد: صيف لاهب وملاحقة قانونية

09 يونيو 2016
(في بغداد، تصوير: أحمد الربيعي)
+ الخط -

لم تكن أسواق بغداد في رمضان هذا العام كما بدت من قبل، إذ غاب عن محال بيع المواد الغذائية زحامها المعتاد، واكتفت بمعدلات شراء طبيعية أو فوق الطبيعية بقليل، كما وصف ذلك أصحاب هذه المحال.

الوضع الأمني الهش والأزمة الاقتصادية سلبت رمضان الكثير من أجوائه، كما فعل طقس الصيف الذي أجبر العديد من ذوي المهن الشاقة على الإفطار.

وزارة الداخلية العراقية نشرت بياناً تطالب فيه المواطنين "إبلاغ السلطات عن أي عنصر مسيء يحاول الإخلال بالأمن والسكينة وتعكير صفو الأجواء الإيمانية"، واضعة قائمة من الممنوعات التي يترتب على من لا يلتزم بها عقوبات بالسجن ودفع الغرامة، ومن بين هذه الممنوعات: الإفطار العلني، فتح أكشاك الطعام والمقاهي في وقت الصيام، وإقامة النشاطات الفنية التي لا تنسجم مع قدسية هذا الشهر الكريم بعد الإفطار، بحسب وصفها.

في حديثٍ إلى "جيل العربي الجديد"، يقول عامل البناء مرتضى: "ذروة عملنا اليومي تكون وقت الظهيرة، إذ تصل درجة الحرارة في بغداد إلى أكثر من 45 درجة مئوية. أنا أصوم في الأيام التي أكون فيها ببيتي، لكن كما تعلم إن عملنا يقوم على جهد جسدي كبير، وفي ظل حرارة مرتفعة كهذه لا يمكن لغالبيتنا الصوم، فنحن نحتاج لشرب كميات كبيرة من الماء، وهذا ما لا نستطيع فعله الآن خوفاً من الملاحقة القانونية".

وأعربت الناشطة المدنية ميسم الوديع عن امتعاضها من قانون منع الإفطار العلني: "في الوقت الذي انشغلت فيه وزارة الداخلية بمعاقبة المفطرين، قمنا بتوزيع وجبات طعام على الكثير من العائلات المتعففة والنازحة في العديد من أحياء بغداد".

تضيف: "نحن لسنا منظمة أو مؤسسة، أنا وصديق لي نجمع التبرعات عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي لإعانة المحتاجين، وعملنا ينشط في شهر رمضان لكنه لا يقتصر عليه".

وترى الوديع أن "الكثير من المهن التي يعمل بها الشباب شاقة ومرهقة، تمنعهم من الصيام، وأن هؤلاء الشباب لولا حاجتهم لما عملوا بسيارات أجرة وعمال بناء في ظهيرة العراق اللاهبة".

من جانب آخر، اشتكى شاب رفض الكشف عن اسمه، من الصيام الإجباري الذي يفرضه عليه أهله، إذ يقول: "لست متديناً، وما زلت صغيراً، ولا أستطيع تقبّل فكرة الصيام في الصيف العراقي، لكن والداي لا يفهمان ذلك، فأضطر لأمثّل أمامهما دور الصائم وآكل وأشرب خفية"، مؤكداً أن "هناك كثيرين غيري يعانون من المشكلة ذاتها. عرفت ذلك حين كتبت عن الأمر في حسابي على فيسبوك، فعلّق الكثير من الأصدقاء بأنهم مثلي".

المساهمون