نشأت في عائلة كبيرة، أعمام وعمات، وأخوال وخالات، وأقارب عددهم بالمئات، لم يكن يسعني صغيرا حفظ أسماء معظمهم، ولا أظن أنني أتذكر الآن معظم الأسماء التي كنت أحفظها صغيرا.
لم أعرف جدي ولا جدتي لأبي، ولا جدي لأمي، ثلاثتهم ماتوا قبل ولادتي بسنوات، فقط عرفت جدتي لأمي، كانت طويلة ممشوقة القوام جميلة الوجه، رغم سنوات عمرها، وكانت قوية البنية صارمة الطباع، رغم ثقافة المجتمع الذكورية السائدة.
في المقابل، كان لدي من الأقارب أجداد وجدات كثيرون، وكنت أحب صحبة بعضهم ممن يروون حكايات عن الراحلين، أو قصصا عن مواقف تعرضوا لها.
كان اليوم الأول من رمضان عائلياً بامتياز، يجتمع كثيرون في بيت العائلة الكبير، يأتي كل منهم مصطحبا زوجته وأولاده، ومحملا بأنواع من الأطعمة، الجاهزة أو غير الجاهزة.
كنت أحب هذا التجمع وأنتظره سنويا، ففيه ألتقي أشخاصا لا ألتقيهم كثيرا، وفيه أسمع قصصا وحكايات، وفيه لهو مختلف وحياة مختلفة.
تبدأ الأنشطة الجماعية بعد أذان العصر، يخرج الرجال جميعا إلى المسجد، ومعهم الأطفال الكبار، وتصطف النساء ليصلّين ومعهن الأطفال الصغار.
بعد الصلاة، تتجمع النساء في ساحة البيت الواسعة لتجهيز الطعام، يتبارين في إظهار المهارة. كنت أرقب عن كثب تلك المباراة الدائرة في الساحة لتجهيز المأكولات، وأرقب أيضا نظرات وإيماءات متبادلة تكشف عن طبيعة علاقتهن ببعضهن، لم تكن كل العلاقات لطيفة طبعا، لكن أيضا، لا تجرؤ إحداهن على إفساد اليوم بأي حال.
على الجانب الآخر، يتجمع رجال وشباب العائلة في القاعة الكبرى لتبادل الحكايات،. كنت أطرب لهذا التجمع، أترك أقراني من الأطفال يلعبون وأجلس بين الكبار لأسمع. عادة أسأل أو أستوضح الراوي عن بعض التفاصيل، وأحيانا يطلبون أن أروي لهم قصة سبق أن سمعتها بطريقتي، وطريقتي حسب الاعتقاد السائد في العائلة محببة، لأنني أضيف إلى القصة تفصيلات وتوضيحات.
كنت أحيانا أروي القصص من وجهة نظري، وليس كما سمعتها. كان أبي دائما يحذرني من ذلك، لكنني كنت أكرر نفس الأمر، لتتحول القاعة إلى ساحة نقاش يحتد أحيانا لينتهي بقرار صارم من أحد الكبار إلى الضحك في معظم الأحيان.
يؤذن للمغرب، فيصطف الجميع للصلاة، رجالا ونساء وأطفالا، ثم يوضع الطعام، الرجال في القاعة الكبرى، والنساء في قاعة أخرى، والأطفال مقسومون بينهم.
يستمر الأكل حتى أذان العشاء تقريبا، فيخرج الرجال للصلاة، وتبدأ النساء في صنع الحلويات. لتبدأ بعد صلاة العشاء والتراويح فترة ثانية من السمر الجماعي.
لا شيء يعوض رمضان العائلة الغائب، عسى أن يعود!
إقرأ أيضاً: يا نايم وحّد الدايم
لم أعرف جدي ولا جدتي لأبي، ولا جدي لأمي، ثلاثتهم ماتوا قبل ولادتي بسنوات، فقط عرفت جدتي لأمي، كانت طويلة ممشوقة القوام جميلة الوجه، رغم سنوات عمرها، وكانت قوية البنية صارمة الطباع، رغم ثقافة المجتمع الذكورية السائدة.
في المقابل، كان لدي من الأقارب أجداد وجدات كثيرون، وكنت أحب صحبة بعضهم ممن يروون حكايات عن الراحلين، أو قصصا عن مواقف تعرضوا لها.
كان اليوم الأول من رمضان عائلياً بامتياز، يجتمع كثيرون في بيت العائلة الكبير، يأتي كل منهم مصطحبا زوجته وأولاده، ومحملا بأنواع من الأطعمة، الجاهزة أو غير الجاهزة.
كنت أحب هذا التجمع وأنتظره سنويا، ففيه ألتقي أشخاصا لا ألتقيهم كثيرا، وفيه أسمع قصصا وحكايات، وفيه لهو مختلف وحياة مختلفة.
تبدأ الأنشطة الجماعية بعد أذان العصر، يخرج الرجال جميعا إلى المسجد، ومعهم الأطفال الكبار، وتصطف النساء ليصلّين ومعهن الأطفال الصغار.
بعد الصلاة، تتجمع النساء في ساحة البيت الواسعة لتجهيز الطعام، يتبارين في إظهار المهارة. كنت أرقب عن كثب تلك المباراة الدائرة في الساحة لتجهيز المأكولات، وأرقب أيضا نظرات وإيماءات متبادلة تكشف عن طبيعة علاقتهن ببعضهن، لم تكن كل العلاقات لطيفة طبعا، لكن أيضا، لا تجرؤ إحداهن على إفساد اليوم بأي حال.
على الجانب الآخر، يتجمع رجال وشباب العائلة في القاعة الكبرى لتبادل الحكايات،. كنت أطرب لهذا التجمع، أترك أقراني من الأطفال يلعبون وأجلس بين الكبار لأسمع. عادة أسأل أو أستوضح الراوي عن بعض التفاصيل، وأحيانا يطلبون أن أروي لهم قصة سبق أن سمعتها بطريقتي، وطريقتي حسب الاعتقاد السائد في العائلة محببة، لأنني أضيف إلى القصة تفصيلات وتوضيحات.
كنت أحيانا أروي القصص من وجهة نظري، وليس كما سمعتها. كان أبي دائما يحذرني من ذلك، لكنني كنت أكرر نفس الأمر، لتتحول القاعة إلى ساحة نقاش يحتد أحيانا لينتهي بقرار صارم من أحد الكبار إلى الضحك في معظم الأحيان.
يؤذن للمغرب، فيصطف الجميع للصلاة، رجالا ونساء وأطفالا، ثم يوضع الطعام، الرجال في القاعة الكبرى، والنساء في قاعة أخرى، والأطفال مقسومون بينهم.
يستمر الأكل حتى أذان العشاء تقريبا، فيخرج الرجال للصلاة، وتبدأ النساء في صنع الحلويات. لتبدأ بعد صلاة العشاء والتراويح فترة ثانية من السمر الجماعي.
لا شيء يعوض رمضان العائلة الغائب، عسى أن يعود!
إقرأ أيضاً: يا نايم وحّد الدايم