رمضانيات تلفزيون النظام السوري: تشبيح ومسابقات مزوّرة

31 مايو 2017
إعلام النظام السوري بين واجب الصيام والانضمام لجيشه (Getty)
+ الخط -
بات المنهج الذي تتبعه القنوات التابعة للنظام السوري من تشبيح وكذب وفبركة واضحاً للجميع. إلا أن هذه القنوات، على ما يبدو، لا تزال تمتلك القدرة وتفاجئنا يوماً بعد يوم بقدرتها على الابتكار بتسييس كافة نواحي الحياة ببرامجها التلفزيونية، وتحويل كل خبر وحدث إلى حجة ترضي وتخدم مصالح النظام، وتدخل في إطار الحرب الإعلاميّة التي يشنُّها هذا النظام على الشعب السوري منذ ست سنوات وحتّى الآن.
ومع بدء الموسم الرمضاني، أطلت قناة "سما" الفضائية التابعة للنظام السوري بحلة جديدة تناسب الشهر الفضيل، من خلال تقديمها مجموعة من المسلسلات الجديدة والبرامج الدينية والترفيهية. وما يميز القناة هذه السنة عن الأعوام الماضية، أنها قامت بتسييس كل البرامج، حتى برامجها الدينية الخاصة بشهر رمضان، بما في ذلك الفقرة المخصصة لأذان المغرب، والدعاء الذي يليه، إذ جهزت القناة دعاءً خاصاً للجيش السوري، تبثه بعد أذان المغرب مباشرةً. ويرد في هذا الدعاء العبارات التالية: "اللهم إنّا نسألك أن تنصر جيش البلاد، وتبسط له الجبال سهلاً والأرض طوعاً، وتأخذ بيد قادته للنصر. اللهم أيد بالحق كرّه وفرّه، وشد بالتوفيق أركانه. اللهم اجمع به الشمل، ووحد به الصف، واجعل جنده مباركين أينما حلوا. اللهم سهل لهم الأمور. اللهم ارفع ذكرهم وأملأ صدورهم نوراً، وأيامهم توفيقاً وحضوراً".

يرافق هذا الدعاء، الذي يتزامن بثه مع لحظات اجتماع الأسرة السورية على موائد الإفطار، صور وفيديوهات لتدريبات الجيش العربي السوري، تندمج مع صور للمساجد العريقة لمدينة دمشق ودخول المصلين إليها، وكأن القناة توحي للمسلمين في سورية أن الالتحاق بالجيش السوري فرض على السوريين كالصلاة والصيام. وبأنّ واجب الدفاع عن النظام السوري ليس "واجباً وطنياً" فقط، بل "واجب جهاديٌّ" أيضاً.
لا يقتصر فشل القناة على تسييسها لبرامجها فقط، وإنما يبدو الفشل واضحاً بالحشو المعتمد لملأ ساعات بث القناة، ونتج عن ذلك ظهور برامج غير مدروسة على القناة ذاتها، تحتوي على كم كبير من المعلومات المغلوطة، أثارت استهزاء متابعيها على مواقع التواصل الاجتماعي، كبرنامج "رمضان يجمعنا" الذي تضمن فقرة مسابقات، يطرح بها مُقدِّمَا البرنامج أسئلة للمتابعين عبر الهاتف. ومن ضمن هذه الأسئلة: "من هو زرداشت؟" وأرفق بالسؤال خيارين، وهما "شاعر فرنسي" و"فيلسوف ألماني". طبعاً لم يستغرب المقدمان من الأجوبة المطروحة، وذلك إن كان يدل على شيء، فهو يدل على عدم أهليتهما كإعلاميين، فهما بعيدان كل البعد عن الثقافة والفلسفة والأدب والتاريخ، بل إن السؤال مرّ بسلام، وانتهت الفقرة بتهنئة المشاركة، التي أجابت "فيلسوف ألماني". ورغم الفضيحة التي حدثت للقناة على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن البرنامج استمر في اليوم التالي وكأن شيئاً لم يكن، فولاء العاملين في القناة التابعة للنظام السوري هو المؤهل الوحيد للعمل فيها، ولن تؤثر أي فضيحة على مسيرتهم المهنية، وستستمر سياسة القناة طيلة شهر رمضان، وسيستمع متابعو القناة كل يوم إلى أدعية الجيش السوري وهم يفطرون، ويستمعون للأذان الذي ترعاه شركة سورية رائدة في صناعة القهوة، ودعم بروباغندا الأسد.
المساهمون