ركود حاد يضرب عقارات السعودية

28 فبراير 2015
أغلب السعوديين لا يمتلكون مساكن خاصة بهم (فرانس برس)
+ الخط -
سجلت أسعار العقارات في السعودية هبوطاً حاداً خلال الأشهر الماضية تجاوز أكثر من 30% وفق تقديرات عاملين في القطاع، بسبب التباطؤ الكبير الذي تشهده عمليات البيع والشراء.
ويواجه القطاع العقاري السعودي المزيد من الضغوط، بعد ارتفاعات قياسية، لتسجل مبيعات الفلل في الأسبوع الماضي أدنى رقم لها منذ تسع سنوات، بمبيعات وصلت للصفر، فيما كان عدد الفلل المباعة في الأسبوع السابق اثنتين فقط، في مختلف مدن المملكة.
وحسب مؤسسات مالية دولية، فإن تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية، سيؤثر سلباً على النشاط العقاري في عدة بلدان خليجية ويدفع الأسعار للتراجع، لكن ليس بنفس الدرجة التي حدثت خلال الأزمة المالية العالمية في 2008.
لكنْ خبراء وعاملون في القطاع العقاري، يرون أن عدة قرارات حكومية، كانت أكثر تأثيراً على تراجع أسعار العقارات خلال الفترة الماضية من تهاوي النفط.
وأكد المثمن العقاري، علي الكاشف، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن قرار مؤسسة النقد السعودية في سبتمبر/أيلول الماضي الذي ألزم المصارف بتمويل المقترضين بغرض شراء عقارات بنسبة 70% فقط من قيمة العقار، على أن يوفر المقترض النسبة الباقية البالغة 30% جعل السوق العقارية ترتطم بمزيد من التعقيدات، وتسبب في انخفاض أسعار الأراضي والوحدات ليتجاوز في بعض المناطق الـ 40%، عما كانت عليه قبل ستة أشهر.
وكان القطاع العقاري في المملكة قد شهد ارتفاعاً حاداً في الأسعار بعد انهيار سوق الأسهم في عام 2006، وهي الأزمة التي دفعت بالعقار لتصدر المشهد الاستثماري، على اعتبار أنه أكثر أمانا من الأسهم.
وقال الكاشف، إن معدل تراجع الأسعار في جدة ومكة المكرمة (غرب المملكة) تجاوز 30% بسبب الركود الكبير في السوق، مشيرا إلى أن المالك الذي اشترى عقاره بأسعار مرتفعة لا يريد البيع بخسارة، كما أن المشتري ينتظر المزيد من التراجع ويؤجل قرارات الشراء". وأضاف أن هناك عمائر وأراضيَ تم بيعها بأقل من سعر شرائها، متوقعاً أن يزيد الهبوط خلال العام الجاري على 60%، مقارنة بأسعار العام الماضي 2014".

وتابع أن أهم أسباب تراجع الأسعار هو ما يتم تداوله من أخبار حول قرب إعلان فرض ضرائب على الأراضي داخل المدن، فأكثر من 70% من الأراضي داخل العاصمة الرياض أو جدة أو الدمام؛ وهي المدن الرئيسية في السعودية، أراض غير مستغلة، وبالتالي فرض ضرائب عليها سيدخل ملاكها في خسارة كبيرة ويجبرهم على بيعها بأسعار أقل، وهو أمر سيكون في صالح المشترين لأن العرض سيكون كبيراً.
وقال إن إعلان قرب دخول أكثر من 7300 مخطط عقاري جديد للسوق في مختلف مدن السعودية تسبب في حالة قلق كبيرة بين تجار العقارات، فدخول ملايين الأمتار في السوق سيزيد من الضغط على الأسعار، فضلا عن المشروعات الحكومية المتعلقة بتسليم شقق للمحتاجين.
وأضاف الكاشف أن كل هذه العوامل تسببت في ركود الأسواق، فلم يعد كثيرون يشترون الأراضي أو الشقق، لدرجة أن هناك عمائر معروضة في جدة منذ أكثر من عام ولا تجد من يشتري شققها، على الرغم من أن البائع خفض السعر حتى لامس قيمة التكلفة؛ ومع ذلك ما تزال شاغرة.
وأكد أن "العائد على الاستثمار العقاري انخفض لأقل من 7% سنوياً وهو أمر ليس جيداً، للسوق الذي كان العائد فيه يزيد على 15% قبل عامين، ولو استمر الوضع على ما هو عليه سترتفع نسبة الركود أكثر".
وسجلت مبيعات الفلل السكنية الجديدة في السعودية الأسبوع الماضي، الانخفاض الأكبر في المبيعات منذ تسع سنوات، فلم يتم بيع أي وحدة من أكثر من 150 ألف وحدة معروضة للبيع في مختلف مدن المملكة، في وقت سجلت فيه البيوت المستعملة تراجعاً كبيراً أيضا بنسبة 25.9%، والشقق السكنية بنسبة 12%، وفق بيانات السوق.
ومنذ ستة أشهر تعاني السوق من حالة ركود كبيرة، وتراوحت أعداد الفلل المباعة أسبوعياً ما بين 6 و12 فيلا فقط في مختلف مناطق السعودية، فيما كان معدل البيع في عام 2010 نحو 166 فيلا أسبوعياً.
وقال مدير الأصول في شركة بلوم السعودية العقارية، فادي الخلف، إن إحجام المواطنين عن الشراء، يأتي لتوقع المزيد من هبوط الأسعار، لكن هذا الأمر سيجر الأسعار للمزيد من الانخفاض.


اقرأ أيضا: توقعات برفع السعودية أسعار الوقود قريباً

وأضاف الخلف لـ "العربي الجديد" أنه من الصعب توقع ماذا سيحدث في بقية العام، فكل القطاعات العقارية تعاني من ركود وانخفاض في الأسعار؛ وهي مرشحة لأن تهبط بشكل أكبر مستقبلاً.
وبحسب تقرير لشركة "كابيتاس غروب" العاملة في بناء المشاريع العقارية وتتخذ من جدة مقراً لها، فإن أسعار الفيلات الصغيرة في السعودية البالغ مساحتها 350 متراً، بلغت نحو مليوني ريال منذ ثلاث سنوات، لكنها تباع حالياً بحوالي 1.25 مليون ريال.
وقال عضو اللجنة العقارية الوطنية، فهد الرشيد، إن العزوف الكبير عن الشراء، سيزيد من الهبوط، وهو أمر إن حدث فسيضر كثيراً بالمستثمرين في القطاع.
وأضاف الرشيد في تصريح خاص "سيجبر الواقع الجديد الشركات على التعامل مع وضع مختلف وغير معتاد"، مشيراً إلى أن الشركات ستكون مضطرة إلى تحقيق أرباح عبر بيع كميات أكبر بأسعار أقل، على عكس ما كان متبعاً في السابق.
وأشار إلى أن هذا الركود في المبيعات وتراجع الأسعار لا يتماشى مع وضع السوق السعودية ذات القوائم الاقتصادية الضخمة والحاجة الكبير للمساكن".
وتؤكد أحدث الدراسات العقارية، أن 78% من السعوديين لا يمتلكون مساكن خاصة بهم ويعيشون في شقق مستأجرة، في مقابل 22% فقط يمتلكون منازل خاصة.
ووفق خبراء اقتصاد، فإن التضخم الكبير في أسعار العقارات في المملكة خلال السنوات الأخيرة، أصبح منفراً إلى حد كبير، ما تسبب في عزوف المشترين وزيادة العرض على الطلب، وهو ما دفع الأسعار إلى أن تتهاوى مؤخراً.

اقرأ أيضا: عقوبات الخليج تزج اليمن في هاوية الإفلاس
المساهمون