رقائق عصبية لتعزيز قدرات الأجهزة

22 فبراير 2018
ستستفيد العديد من الأجهزة مستقبلاً من قدرات الذكاء الاصطناعي(تويتر)
+ الخط -
إن دمج شبكة صغيرة من الخلايا العصبية الاصطناعية، قد يجعل الهواتف الذكية أكثر "ذكاءً"، كما ستصبح السيارات ذاتية القيادة قادرة على توقع مخاطر الطريق المختلفة. فهل سيؤدي وصول وحدات المعالجة العصبية (Neural Processing Unit) إلى جعل الآلات أقوى من الإنسان؟

في الآونة الأخيرة، لم يتوقف الحديث عن الذكاء الاصطناعي، وعلى وجه الخصوص، عن أحد أفرعه، وهو التعلم الآلي. ويستخدم هذا الفرع من الذكاء الاصطناعي لتطوير عمليات التعلم التي تسمح للآلة باقتراح استنتاجات وتفسيرات تقارب في صحتها ما يفعله الإنسان.
إذا صدقت توقعات جميع المصنعين، مثل أنتل وAMD وغيرهم، وأيضاً رواد التكنولوجيات الجديدة، فإن العديد من الأجهزة الاستهلاكية والواسعة الانتشار ستستفيد من قدرات التعلم الذاتي من خلال بنية معمارية جديدة، يتم تركيبها في هذه الأجهزة.

ففي أواخر سبتمبر من العام الماضي، كشفت شركة هواوي خلال حدث ضخم ضمن فعاليات معرض IFA 2017، عن معالجها الجديد Kirin 970 والذي تم تقديمه كأول معالج في عالم الهواتف الذكية يتكون من وحدة معالجة خاصة بالذكاء الاصطناعي. وتم تصنيع وحدة المعالجة العصبية (NPU)، من قبل شركة TSMC بتقنية حفر 10 نانومتر، حيث تحتوي على 5.5 مليارات ترانزستور في مساحة 1 سنتيمتر مربع.

وذكرت هواوي أن قدرات معالجها في ما يخص الذكاء الاصطناعي والتعامل مع المهام اليومية مثل الأوامر الصوتية، والتعرف على الصور المتحركة يتم التعامل معها بذكاء شديد ودون الحاجة لأي خدمات سحابية.

بالإضافة إلى ذلك ذكرت الشركة أن المعالج الجديد سيكون أقوى في الأداء والكفاءة بنسبة 25% وأقل في استهلاك الطاقة بنسبة 50% من المعالجات السابقة.
وسيقوم معالج Kirin 970 على تحسين الصور آلياً في البيئة ذات الإضاءة المنخفضة، وأيضاً التقاط صور أكثر ثباتاً في الوضع المتحرك، وأيضاً المساهمة في زيادة سرعة التركيز التلقائي.

ليست هذه المرة الأولى التي يتم الكشف فيها عن مثل هذا النوع من المعمارية الذكية. ففي عام 2013، قدم مؤسس شركة كوالكوم الأميركية معالجه Zeroth، وهو عبارة عن رقاقة مستوحاة، بالمقاربة إلى عمل العقل البشري. ورغم أن هذه الشريحة مثيرة للاهتمام، غير أن تصنيعها لم يتعد المختبر.

- فهل تستطيع اليوم حاجة الابتكارات التكنولوجية زيادة انتشار معالجات الشبكة العصبية؟
على كل حال، يسعى عمالقة الحاسوب إلى محاولة إقناع العالم بذلك ومنهم: إنتل وAMD وnVidia وبطبيعة الحال شركة IBM. وبدأت هذه الأخيرة منذ عام 2004 في تطوير رقائق عصبية. وبعد خمس سنوات، استطاعت تصنيع نموذج حاسوبي بحجم دماغ قطة. وأما في عام 2011، توصلت إلى تصنيع نموذج آخر يحتوي على 256 خلية عصبية رقمية.
حالياً، تطور IBM معالجا يسمى 4096 Core TrueNorth والذي يحاكي عمل مليون خلية عصبية بشرية مع 256 مليون نقطة اشتباك عصبي، حيث يقدر على تصنيف بيانات الصور بسرعة تصل إلى ما بين 1200 إلى 2600 صورة في الثانية، باستهلاك طاقة ما بين 25 إلى 275 ملي واط فقط.

كما يستطيع المعالج التعرف وتحديد عناصر معينة ضمن صور يتم إنشاؤها من 50 إلى 100 كاميرا بواقع 24 صورة في الثانية.

ويمكن استغلال هذه القدرات في مجال تصنيع السيارات ذاتية القيادة، حيث تسمح وحدة المعالجة العصبية (NPU)، بتحكيم السيطرة وتصحيح مسار السيارة على الطريق، وكذلك التعرف وقراءة لوحات إشارات المرور، وصولاً إلى توقع وجود أخطار قد تطرأ على مسار السيارة أثناء تحركها.

ومن بين التطبيقات الواسعة لهذه الشريحة المبتكرة، ما يدخل في الهواتف الذكية الشهيرة. حيث أن شركة آبل قامت بدمج شريحة عصبية رقمية في هاتفها أيفون X، تسمى بمحرك عصبي بيوني A11. ويتميز هذا الأخير بنواتين، وهو قادر على إنجاز 600 مليار عملية في الثانية وفقاً للأرقام التي قدمتها آبل. وتعتبر هذه الشريحة هي المسؤولة عن تنفيذ عملية التعرف العائلي FaceID وكذلك تلعب دوراً في استخدام الرسومات المتحركة Animoji.
ما هي الاستخدامات الأخرى لهذا النوع من الرقائق في الهواتف؟

على سبيل المثال، يمكن لهذه المعالجات أن تسهل عملية تحرير ملفات الفيديو. تخيل أنك تقوم بتصوير ابنك وهو يلعب في كرة القدم. في نهاية اللقاء، يمكنك أن تطلب من هاتفك الذكي الخاص، عن طريق الأوامر الصوتية، إنشاء ملخص للفيديو، يحتوي فقط على لقطات يتواجد فيها ابنك، لكي تلاحظ نقاط ضعفه أو تقدمه في اللعب!

كما تفيد الرقاقة (NPU) أيضاً السياح الذين يزورون بلداناً لا يعرفون لغتها بشكل جيد. حيث تعمل شركة مايكروسوفت بالفعل مع شركة هواوي لتحسين قدرات تطبيقها Translator من دون الحاجة للإنترنت، وهو مثبت مسبقاً على هواوي MATE 10، حيث يسمح بالترجمة السريعة وذات جودة، حتى عندما لا يتم توصيل الجهاز إلى شبكة الإنترنت.

على المدى الطويل، لا يزال طموح شركة أي بي إم كبيراً، لأنها تأمل في تطوير جهاز كمبيوتر ذكي يشبه ذكاء الإنسان مع قدرات في اتخاذ القرار مماثلة. ووفقاً لاختبارات الأداء، فإن رقاقة ترونورث (TrueNorth) هي أسرع وأكثر كفاءة في استخدام الطاقة من المعالجات وبطاقات الرسومات الحالية. وذكرت أنها ستكون قادرة على تعلم المفاهيم المعقدة واتخاذ القرارات من خلال تجميع مجموعة "أفكار" وحساب الاحتمالات، بطريقة تشبه عمل الدماغ البشري.

وحتى الوقت الراهن، لا يزال معالجها سرياً. حيث تتواجد هذه الشريحة فقط في مختبر (Lawrence Livermore) لورانس ليفرمور للبحوث الذرية في الولايات المتحدة، وذلك لمساعدة الباحثين على تحليل نتائج المحاكاة الخاصة بأعمالهم.
المساهمون