زادت صحف سودانية، يوم الإثنين الماضي، نسبة 50 في المئة على تعرفة الصحف اليومية، فقد بلغ سعر الصحيفة ثلاثة جنيهات سودانيّة، بدلاً عن جنيهين.
وبرر ناشرون ورؤساء تحرير، الخطوة، بأنّها تأتي لإنقاذ الصحافة من الزوال، بالنظر إلى الكلفة العالية لصناعتها وتأثرها المباشر بالوضع الاقتصادي المتأزم، لا سيما أنّ الصحافة تعتمد بنسبة 90 في المئة من صناعتها على مدخلات (مواد أوليّة) تستورد من الخارج بالعملات الصعبة.
يعاني السودان من شحّ في العملات الصعبة، وارتفاع متصاعد لأسعارها مقابل الجنيه المحلي، إذ تخطّى الدولار في السوق الموزاي (السوداء)، يوم الثلاثاء الماضي، حاجز الخمسة عشر جنيهًا.
ويرجح مراقبون أن تُسهم خطوة زيادة أسعار الصحف في تراجع توزيعها، الذي يُعاني أصلاً من حالة تراجع مضطرد منذ خمسة أعوام متتالية.
وارتفعت أسعار الصحف منذ انفصال جنوب السودان في العام 2011، وتكوين دولته المستقلة وانسحاب البترول جنوبًا، وهو الذي كان يشكل نحو 70 في المئة إلى 500 في المئة من خزينة الدولة، حيث كانت تباع وقتها النسخة بخمسين قرشًا.
ووفق آخر إحصائية صادرة من مجلس الصحافة والمطبوعات، فإنّ توزيع الصحف السودانية بلغ 52 في المئة فقط.
وتعاني الصحافة السودانية في الأساس، من أزمة حريات وهجمة شرسة من قبل الأجهزة الأمنيّة، التي تعمد من وقت لآخر إلى فرض رقابة قَبْلية وبعدية، وأخرى مباشرة على الصحف.
هذا فضلاً عن مصادرة أعدادها بعد الطبع، كنوع من العقاب في حال نشرها لمواد لا يرضى عنها الأمن، من دون أن يحاول أن يبرر خطوة المصادرة.
وانتقد قراء سودانيون خطوة الصحف بزيادة أسعارها. ورأى البعض أنّ الصحف أصبحت، كما الحكومة، تلجأ لحلّ مشاكالها عبر المواطن البسيط، مؤكدين أنّها ستقود كثيرين لهجرة الصحافة الورقية والاكتفاء بالاطلاع على مجريات الأخبار والأحداث عبر المواقع الإخبارية والوسائط المختلفة، لا سيما أنّها أصبحت مواكبة وتنقل الحدث وقت وقوعه.
ويقول محمد أحمد (موظف): "عندما ارتفع ثمن الصحف قبل أعوام اكتفيت بشراء صحيفة واحدة، والاطلاع على عناوين بقية الصحف في المكتبة. ومع الزيادة الأخيرة، أعتقد أنني سأوفر المبلغ لشراء الخبز، فمبلغ ثلاثة جنيهات يمكن أن أشتري به ستة أرغفة لأسدّ جوع صغاري".
أما عبدالله إبراهيم (تاجر)، فيرى أنّ "من حق الصحف أن ترفع من تعرفتها بالنظر للغلاء الحاصل في البلاد، لا سيما أنّ هناك مجهودا يُبذل في إصدارها"، رغم إقراره بتأثير الخطوة على توزيعها. وأضاف "شخصيًا، أعتقد أنّ قراءة الصحف أمر مهم وسأشتريها بأي ثمن طالما أنني قادر على ذلك، فهي عندي لا تقل أهمية عن الخبز وخلافه".
ومع زيادة أسعار الصحف بدأت مكتبات سودانية في ترتيب وضعيتها الجديدة، عبر التقليل من كمية الصحف التي تعمل على بيعيها بالنظر لتأثير الزيادات على حركة البيع.
ويقول حافظ عبدالله، وهو صاحب مكتبة، إنّ الزيادة أثرت سلبًا على حركة البيع منذ الاثنين، حيث تراجعت القوة الشرائية التي هي في الأساس متراجعة. وأوضح قائلاً "من كان يشتري مني يوميًا خمس صحف الآن قلصها لثلاث ومن يشتري عشر خفضها إلى خمس. وهناك من يأتي ويسأل عن السعر ويكتفي فقط بتصفح العناوين والذهاب من دون أن يشتري". وأكد أنه هو نفسه قام بتخفيض كمية الصحف بنسبة 50 في المئة، مضيفاً "من مائة صحيفة سياسية خفضتها إلى خمسين، ومن أربعين جريدة رياضية اكتفيت بعشرين فقط".
من جانبه، رأى رئيس تحرير صحيفة "التيار السودانية"، عثمان ميرغني، أن الزيادة كانت ضرورية باعتبار أنّ الصحافة في الخرطوم تقف في مفترق طرق. وأوضح: "إما أن نواصل العمل، عبر إقرار الزيادة ليصبح سعر الجريدة ثلاثة جنيهات بدل جنيهين، ونحافظ على إمكانية الصدور، أو لا نواصل وتتوقف الصحافة بشكل نهائي". وأضاف "الزيادة لا تستفيد منها الصحف بشكل مباشر بقدر ما أنها تغذي ماكينات الطباعة التي عادة لا تتبع للصحف وتعتبر شركات قائمة بذاتها".
وذكر ميرغني أن صناعة الصحافة في السودان تأثرت بالوضع الاقتصادي العام للبلاد، لا سيما ارتفاع العملات الصعبة مقابل الجنيه المحلي، والذي بدوره قاد إلى ارتفاع مدخلات الطباعة المستوردة من الخارج، ما رفع من كلفة الصحيفة.
وأقرّ بتأثر عملية التوزيع بالزيادة، بالنظر إلى محدودية قدرة المواطن، ولكنه أكد أنه "لم يكن هناك مخرج غير تلك الزيادة، على اعتبار أنّ المخرج الآخر المتمثل في الإعلانات، تأثر بالأوضاع الاقتصادية فضلاً عن تأثره بالمعطيات السياسية".
اقــرأ أيضاً
يعاني السودان من شحّ في العملات الصعبة، وارتفاع متصاعد لأسعارها مقابل الجنيه المحلي، إذ تخطّى الدولار في السوق الموزاي (السوداء)، يوم الثلاثاء الماضي، حاجز الخمسة عشر جنيهًا.
ويرجح مراقبون أن تُسهم خطوة زيادة أسعار الصحف في تراجع توزيعها، الذي يُعاني أصلاً من حالة تراجع مضطرد منذ خمسة أعوام متتالية.
وارتفعت أسعار الصحف منذ انفصال جنوب السودان في العام 2011، وتكوين دولته المستقلة وانسحاب البترول جنوبًا، وهو الذي كان يشكل نحو 70 في المئة إلى 500 في المئة من خزينة الدولة، حيث كانت تباع وقتها النسخة بخمسين قرشًا.
ووفق آخر إحصائية صادرة من مجلس الصحافة والمطبوعات، فإنّ توزيع الصحف السودانية بلغ 52 في المئة فقط.
وتعاني الصحافة السودانية في الأساس، من أزمة حريات وهجمة شرسة من قبل الأجهزة الأمنيّة، التي تعمد من وقت لآخر إلى فرض رقابة قَبْلية وبعدية، وأخرى مباشرة على الصحف.
وانتقد قراء سودانيون خطوة الصحف بزيادة أسعارها. ورأى البعض أنّ الصحف أصبحت، كما الحكومة، تلجأ لحلّ مشاكالها عبر المواطن البسيط، مؤكدين أنّها ستقود كثيرين لهجرة الصحافة الورقية والاكتفاء بالاطلاع على مجريات الأخبار والأحداث عبر المواقع الإخبارية والوسائط المختلفة، لا سيما أنّها أصبحت مواكبة وتنقل الحدث وقت وقوعه.
ويقول محمد أحمد (موظف): "عندما ارتفع ثمن الصحف قبل أعوام اكتفيت بشراء صحيفة واحدة، والاطلاع على عناوين بقية الصحف في المكتبة. ومع الزيادة الأخيرة، أعتقد أنني سأوفر المبلغ لشراء الخبز، فمبلغ ثلاثة جنيهات يمكن أن أشتري به ستة أرغفة لأسدّ جوع صغاري".
أما عبدالله إبراهيم (تاجر)، فيرى أنّ "من حق الصحف أن ترفع من تعرفتها بالنظر للغلاء الحاصل في البلاد، لا سيما أنّ هناك مجهودا يُبذل في إصدارها"، رغم إقراره بتأثير الخطوة على توزيعها. وأضاف "شخصيًا، أعتقد أنّ قراءة الصحف أمر مهم وسأشتريها بأي ثمن طالما أنني قادر على ذلك، فهي عندي لا تقل أهمية عن الخبز وخلافه".
ومع زيادة أسعار الصحف بدأت مكتبات سودانية في ترتيب وضعيتها الجديدة، عبر التقليل من كمية الصحف التي تعمل على بيعيها بالنظر لتأثير الزيادات على حركة البيع.
ويقول حافظ عبدالله، وهو صاحب مكتبة، إنّ الزيادة أثرت سلبًا على حركة البيع منذ الاثنين، حيث تراجعت القوة الشرائية التي هي في الأساس متراجعة. وأوضح قائلاً "من كان يشتري مني يوميًا خمس صحف الآن قلصها لثلاث ومن يشتري عشر خفضها إلى خمس. وهناك من يأتي ويسأل عن السعر ويكتفي فقط بتصفح العناوين والذهاب من دون أن يشتري". وأكد أنه هو نفسه قام بتخفيض كمية الصحف بنسبة 50 في المئة، مضيفاً "من مائة صحيفة سياسية خفضتها إلى خمسين، ومن أربعين جريدة رياضية اكتفيت بعشرين فقط".
من جانبه، رأى رئيس تحرير صحيفة "التيار السودانية"، عثمان ميرغني، أن الزيادة كانت ضرورية باعتبار أنّ الصحافة في الخرطوم تقف في مفترق طرق. وأوضح: "إما أن نواصل العمل، عبر إقرار الزيادة ليصبح سعر الجريدة ثلاثة جنيهات بدل جنيهين، ونحافظ على إمكانية الصدور، أو لا نواصل وتتوقف الصحافة بشكل نهائي". وأضاف "الزيادة لا تستفيد منها الصحف بشكل مباشر بقدر ما أنها تغذي ماكينات الطباعة التي عادة لا تتبع للصحف وتعتبر شركات قائمة بذاتها".
وذكر ميرغني أن صناعة الصحافة في السودان تأثرت بالوضع الاقتصادي العام للبلاد، لا سيما ارتفاع العملات الصعبة مقابل الجنيه المحلي، والذي بدوره قاد إلى ارتفاع مدخلات الطباعة المستوردة من الخارج، ما رفع من كلفة الصحيفة.
وأقرّ بتأثر عملية التوزيع بالزيادة، بالنظر إلى محدودية قدرة المواطن، ولكنه أكد أنه "لم يكن هناك مخرج غير تلك الزيادة، على اعتبار أنّ المخرج الآخر المتمثل في الإعلانات، تأثر بالأوضاع الاقتصادية فضلاً عن تأثره بالمعطيات السياسية".