رفع التجميد عن المعونة العسكرية لمصر: مكافأة السيسي في "صفقة القرن"؟

27 يوليو 2018
تتناغم خطوات السيسي مع الإرادة الأميركية (جايبين بوتسفورد/ Getty)
+ الخط -



أثار إعلان الخارجية الأميركية الإفراج عن 195 مليون دولار من المعونة العسكرية الأميركية المقدمة لمصر تساؤلات عدة، وقد جاء عقب لقاء جمع مدير جهاز الاستخبارات العامة، اللواء عباس كامل، بمبعوثي الرئيس الأميركي دونالد ترامب للشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، وجاريد كوشنر، صهر ترامب، في العاصمة الأميركية واشنطن. وكانت وكالة "أسوشييتد برس" الأميركية قد أعلنت، مساء الأربعاء، أن "واشنطن قررت الإفراج عن 195 مليون دولار من المعونة العسكرية المقدّمة إلى مصر، والمقدرة قيمتها الإجمالية بـ 1.3 مليار دولار، وذلك بعد تعليقها العام الماضي ارتباطاً بإحراز القاهرة تقدماً في ملفي حقوق الإنسان والديمقراطية". ‎ونقلت الوكالة عن وزارة الخارجية اﻷميركية قولها إن "مصر اتخذت خطوات عدة استجابة لهذه التحفظات اﻷميركية"، مشيرة أيضاً إلى "استمرار بعض التحفظات في ملفي حقوق اﻹنسان والديمقراطية".

كما جاء الإعلان بعد ساعات فقط من جلسة عقدتها اللجنة الفرعية للشرق الأوسط وشمال أفريقيا المنبثقة عن لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي حول "الأمن وحقوق الإنسان والإصلاح في مصر"، شُنّ خلالها هجوم لاذع وتوجيه انتقادات حادة لسجلّ النظام المصري في هذا المجال. ولم تقتصر الانتقادات على سجلّ الحريات أو ما يتعلّق بانتهاكات حقوق الإنسان أو التضييق على الصحافيين، بل امتدت للتشكيك في استراتيجية وتكتيكات وأداء الجيش المصري في شمال سيناء ومواجهة الجماعات الإرهابية هناك. كذلك تطرّقت إلى تراجع الدور المصري في مختلف القضايا الإقليمية، إضافة لعلاقات القاهرة بكوريا الشمالية وروسيا. ورأى أغلب المشاركين في الجلسة أنّ "مصر تحت رئاسة عبد الفتاح السيسي فقدت أهميتها كقوة عسكرية وإقليمية"، وأنّ "الولايات المتحدة تقوم بمساعدتها خوفاً من أن تسقط وتصبح مشكلة لاجئين لأكثر من مائة مليون شخص".

وجاء الإعلان أيضاً بالتوازي مع تطورات عدة تشهدها منطقة الشرق الأوسط في ضوء التحركات الأميركية التي يقوم بها كوشنر وغرينبلات، في إطار ما يُعرف بـ"صفقة القرن". وهو ما دفع الإدارة الأميركية، وفقاً لدبلوماسي مصري سابق، تحدث لـ"العربي الجديد"، إلى "تقديم تسهيلات للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي يؤدي دوراً كبيراً في تنفيذ أجندة ترامب، وصهره".

وبحسب مصادر دبلوماسية أخرى تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن "زيارة كامل على رأس وفد أمني وعسكري للولايات المتحدة تحمل أجندة متخمة، في مقدمتها التشاور حول الملف الأبرز حاليا في الشرق الأوسط، وهو صفقة القرن، التي يسعى ترامب للإعلان عن خطوات عملية على الأرض فيها، في وقت تواجه فيه تلك الخطة عقبات كثيرة".



وجاء ذلك في وقت كتب فيه غرينبلات على حسابه على موقع "تويتر" أن "المفاوضات مع الجانب المصري ضمت العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن، وتحدّث هو وكوشنر مع رئيس الاستخبارات المصرية فيما يتعلق بقطاع غزة".

‎مع العلم أنه في أغسطس/ آب من العام الماضي، قررت الإدارة الأميركية للمرة الأولى إلغاء مبلغ 95.7 مليون دولار من المنح والمساعدات المقدّمة لمصر، بالإضافة إلى تجميد 195 مليون دولار ضمن برنامج المساعدات العسكرية، وذلك بسبب ما سمته "فشل مصر في إحراز تقدم في احترام حقوق الإنسان والمعايير الديمقراطية، تعلقت في المقام الأول بقانون الجمعيات، الذي فرض قيوداً على تلقي تمويلات أجنبية لمنظمات المجتمع المدني، التي تعمل بالأساس في مجال الحريات".

ويعود قرار الإدارة بحجب هذا المبلغ من المعونات العسكرية عن الجيش المصري للسنة المالية 2014، بعد تطبيق قانون نائب رئيس لجنة المخصصات المالية بمجلس الشيوخ في الكونغرس، السيناتور باتريك ليهي، بسبب وجود شبهات حول استخدام الجيش المصري معدات وأسلحة أميركية في عملياته بشبه جزيرة سيناء بشكل تسبب في وقوع خسائر بين المدنيين. وهي الشبهات التي قررت الخارجية الأميركية أنها لن تستطيع الرد عليها قبل انتهاء السنة المالية في 30 سبتمبر/ أيلول من العام الماضي.

يأتي هذا في وقت تقول فيه المصادر المصرية إن "مصر نقلت معظم الملفات التفاوضية المهمة في العديد من القضايا إلى جهاز الاستخبارات، بعد تولي اللواء عباس كامل رئاسته، خصوصاً أن إدارة الجهاز لتلك الملفات تقصّر كثيراً من المسافات لكونه يحمل نفس النهج والخط العام للقيادة المصرية الحالية".

وأشارت المصادر إلى أن "اللواء عباس كامل يحظى بثقة ودعم إدارة ترامب، ومستشاره الخاص، تحديداً في ضوء اتصالات وتحركات ناجحة قام بها أخيراً على صعيد التنسيق في ملف غزة، والحفاظ على منع الفصائل الفلسطينية المسلحة من الاندفاع نحو مواجهة شاملة مع إسرائيل في القطاع على الرغم من الضربات الجوية الإسرائيلية العنيفة التي يتم توجيهها من وقت لآخر".

ولفتت المصادر إلى أن "خطوة رفع التجميد عن المساعدات العسكرية تأتي ربما تقديراً للجهود التي قام بها النظام المصري، وجهاز الاستخبارات العامة، في دعم توجهات ترامب وإدارته في المنطقة، تحديداً في ظل حالة العلاقات المتطورة بين القاهرة وتل أبيب".