رفض نواب لجنة القوى العاملة في البرلمان المصري قانون الخدمة المدنية، الصادر من الرئيس، عبد الفتاح السيسي، في مارس من العام الماضي، وأقرت الحكومة لائحته التنفيذية في نوفمبر قبل شهر واحد من انعقاد المجلس النيابي، ضمن حزمة التشريعات الصادرة من السلطة التنفيذية في غيبة البرلمان. وأوصت اللجنة برفض القانون خلال عرضه على المجلس في جلسته العامة الأحد المقبل.
واشتبك عدد من نواب اللجنة مع وزير التخطيط، أشرف العربي، خلال اجتماعهم، اليوم الخميس، لدفاع الأخير عن القانون، وادعاء أن رفضه يُعيد الدولة سنوات للوراء، وأنه لا يوجد رفاهية الوقت لاتخاذ مثل هذه المواقف، ولو عند النواب تعديلات "تبقى بعدين، أو على لائحته التنفيذية، البلد مش هاتستحمل، وإقرار القانون مصلحة عليا"، بحد قوله.
الأمر الذي دفع النائب المستقل، هشام مجدي، إلى مواجهة الوزير بأن إقرار القانون يعني عدم تعديله إلا بعد انتهاء الفصل التشريعي، أي بعد عام كامل، لأنه لا يجوز نظر نفس القانون في ذات الفصل التشريعي، متهماً الوزير بأنه "يعيش في كوكب آخر، وأن الترهل في الجهاز الإداري للدولة يرجع لسياسات الحكومات المتعاقبة، وليس المواطن". ورد عليه العربي: إنت اللي عايش في كوكب تاني. فعقّب النائب: أنا لم أخطئ في أحد، ولي الحق أقول رأيي كاملاً.
وطالب العربي النواب بضرورة الموافقة على القانون حتى لا تنعدم آثاره، محذراً من تبعات عدم إقراره، وما سيترتب عليه في بند الأجور والمرتبات، الأمر الذي رفضه أغلب النواب، وفي مقدمتهم رئيس اللجنة، صلاح عيسى، الذي قال، إن رفض القانون، من حيث المبدأ، نابع من ارتباط النواب بالشارع والمواطنين والعمال، وإن الخلاف ليس مع الوزير أو الحكومة.
اقرأ أيضاً: مصر: نواب السيسي يتأهبون للانقضاض على جنينة
فضيحة على الهامش
وانسحب النائب المستقل، محمود عز، من اجتماع اللجنة، بعد كشفه في خطاب عقب انسحابه أن رئيس اللجنة وقّع تأشيرة، قبل الاجتماع، من الوزير لمشروع بمحافظة الإسكندرية بقيمة 50 مليون جنيه، من إجمالي 100 مليون جنيه، لصالح إحدى الشركات التي له علاقة بها.
وزعم الوزير أمام اللجنة، أن القانون مرتبط بقانون المعاشات والتأمينات الذي يُعد حالياً من وزارته، وأنه لا يُمكن إغفال وجود عمالة زائدة وبطالة مُقنعة في الهيكل الإداري للدولة، البالغة ستة ملايين و500 ألف موظف، وأن مصر تخلفت كثيراً على صعيد التنمية بسبب الجهاز الإداري للدولة، الذي يُعد أكبر معوقات التقدم، بحد قوله.
وأضاف أن القانون يستهدف تحكيم الكفاءة في تعيين الموظف، وترقيته في عمله بعيداً عن الوساطة والمحسوبية، كما يعالج نظام الأجور غير العادل الذي تشوبه تشوّهات تسمح بتفاوتات في الدخول، مدعياً أن القانون أغلق الأبواب الخلفية المتعلق بالفساد في التعيين بمؤسسات الدولة، في ظل وجود 800 ألف حالة تعيين غير شرعية حدثت عقب 25 يناير 2011.
نائب "الوطني" معترض
نائب الحزب الوطني السابق، جبالي المراغي، اعترض، أيضاً، على القانون، قائلاً، إنه مليء بالمشاكل والأخطاء، ووُضع خصيصاً لفصل العمال، والأفضل العودة لقانون 47 السابق، لحين وضع قانون جديد يعالج الفساد الإداري في الدولة. وقالت النائبة مايسة عطوة إن العلاوة المقررة بالقانون البالغة 5%، لا تتناسب مع معدل التضخم الذي وصل إلى 10.6%، وإن استمرار القانون يفتح الباب الخلفي للتعاقد، خاصة في البنوك.
اقرأ أيضاً: مصر: لجان برلمان "موافقون" تُقرّ قوانين منصور والسيسي
مخالف للدستور
وقال نائب حزب المحافظين، محمد وهب الله، إن المادة 9 من الدستور نصت على "تكافؤ الفرص بين المواطنين"، وهو ما خالفه القانون باستثناء عدد من الجهات مثل رئاسة الجمهورية، ومجلس الوزراء، مضيفاً أن إصدار القانون في غياب البرلمان، أو حدوث حوار مجتمعي أو عمالي بشأن مواده، تسبب في خروجه بهذا الشكل المعيب.
22 سبباً للرفض
في سياق متصل، قال نائب الحزب المصري الديمقراطي، خالد شعبان، إنه أودع مذكرة باللجنة تتضمن 22 سبباً لرفض القانون، سيتضمنها تقرير اللجنة بشأن رفض القانون، الذي سيُعرَض على نواب المجلس في الجلسة العامة الأحد المقبل.
واستنكر شعبان في تصريح خاص محاولات "تسويف الحكومة بشأن تعديلات القانون في وقت لاحق"، وأن القانون يجب ألا يمرر خلال الجلسة العامة، وهو ما دفع أعضاء اللجنة للتواصل مع بقية النواب من اللجان الأخرى، لإقناعهم برفض القانون عند الأخذ بالتصويت.
ضغوط جهات عليا
من جانبه، قال النائب المستقل هيثم الحريري، إن الإشكالية تتمثل في ائتلاف "دعم مصر" الذي يسعى لأغلبية المجلس وفقاً للمعطيات الحالية، ويرغب في تمرير كل القوانين الصادرة من الرئيس السيسي، وسلقها، بدون مناقشة، بعد أن حاولت قياداته بالتنسيق مع رئيس المجلس علي عبدالعال، تشكيل 6 لجان خاصة، شكلوا أعضاءها في الغرف المغلقة، ورفضها المجلس.
وأضاف الحريري في تصريح خاص، أنه من المرجح تمرير "الخدمة المدنية" خلال الجلسة العامة، على الرغم من رفض أعضاء لجنة القوى العاملة له، نظراً لأن هناك ضغوطاً من جهات عليا على المجلس ورئيسه، لا تنحاز للمواطن، بل للنظام الحاكم، وهو ما يتطلب ضرورة تكاتف النواب لرفع أيدي السلطة التنفيذية عن المجلس التشريعي.
اقرأ أيضاً: تشريعية النواب المصري تقر 24 قانوناً بشعار "ممنوع النقاش"