ويؤيد بعض المسلمين اعتماد الأدلة العلمية لتحديد بداية رمضان ورؤية الهلال عبر حسابات علم الفلك ومقاييسه، أو باستخدام المناظير الفلكية، أي التلسكوب، لما توفره من دقة في الرؤية ومواعيدها. في حين يرى بعضهم الآخر أن العين المجردة هي الحاسم في رؤية الهلال، لذلك لا يتوحد تاريخ بدء الصوم بين كل المسلمين في العالم، وكذلك الحال بالنسبة لإعلان يوم العيد.
ويرجح كثيرون السبب الرئيس في عدم توحيد طريقة رصد هلال رمضان إلى الاختلاف في تطبيق الحديث النبوي الذي ورد في صحيح البخاري "صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته". لذلك يرى بعضهم أن تعيين أول أيام شهر الصوم، استناداً إلى الحديث المذكور، يكون بالتأكيد البصري لكل منطقة جغرافية على حدة، ويرى آخرون أن الحسابات الفلكية والأخرى العلمية هي الأكثر دقة، وتوحد مسلمي العالم في يوم صيامهم واحتفالهم بالعيد.
أما بالنسبة لرصد القمر اليوم وغدا، أكّد مدير مركز الفلك الدولي المهندس محمد شوكت عودة، في تصريح صحافي، أن رؤية الهلال اليوم، الثلاثاء 15 مايو/ أيار، مستحيلة من جميع المناطق الشمالية من العالم وبعض المناطق الوسطى، وهذا يشمل قارات أوروبا وأستراليا وآسيا، ومن الدول العربية يشمل العراق وبلاد الشام والجزيرة العربية، وذلك بسبب غروب القمر قبل أو مع غروب الشمس".
وأشار إلى أنه "في ما تبقى من مناطق العالم الإسلامي، فإن رؤية هلال شهر رمضان منها اليوم الثلاثاء غير ممكنة إطلاقاً بسبب غروب القمر بعد الشمس بدقائق معدودة لا تسمح برؤية الهلال حتى باستخدام أكبر التلسكوبات الفلكيّة".
الرصد بالعين المجردة
لم تعد رؤية الهلال بالعين المجردة بوضوح مسألة سهلة مع اتساع المدن والعمران. وباتت العوائق كثيرة اليوم مقارنة مع الماضي، ورصد القمر يحتاج إلى توفر منطقة مشرفة عالية، بعيدًا عن المناطق ذات الكثافة السكانية العالية والمباني الشاهقة، والعوائق الطبيعية أو التي من صنع الإنسان وتحجب الرؤية، مثل الجبال والتلال وناطحات السحاب. وتضاف إلى ذلك كله العوامل الجوية مثل الرطوبة والغيوم والغبار وغيرها.
وتتعذر رؤية القمر بالعين المجردة بعد مرور 15 ساعة على بدء دورته حول الأرض. كما أن الرؤية المجردة باتت مقترنة بمصادقة علماء الفلك على نتائجها.
الرصد الفلكي
تطورت وسائل الرصد الفلكي بما يسمح بمستوى أعلى من الدقة لتحديد موقع القمر ورؤيته بعد اكتمال دورته حول الأرض. ومع التطور التكنولوجي والآلي الذي استفاد منه علم الفلك بأطواره المتقدمة، صار بإمكانه توفير معلومات فلكية وتفاصيل دقيقة بزمن قصير ومجهود قليل لمراقبة ودراسة ورصد القمر لتحديد بدء شهر رمضان. وهذا التطور يحسب لعلم الفلك مقارنة بالرؤية المجردة للهلال لمعرفة موعد بدء الصوم.
ويرى علماء فلك مسلمون أن اعتماد الرصد الفلكي لا يوحد بدء شهر رمضان فقط، وإنما ينهي خلاف المسلمين بشأن حساب دخول الأشهر القمرية عموماً، وبالتالي يوحد مواعيد إقامة الصلاة على سبيل المثال من دون الحاجة إلى مراقبة الشمس والزوال وحجم الظل.
التلسكوبات
المناظير أو التلسكوبات شهدت على مر السنوات تطورات قياسية، ويشار إلى أن تحري الهلال في السعودية بدأ منذ عام 1402 هجري (1981) بالاستعانة بالمناظير الفلكية.
وتبيّن نتائج الرصد التلكسوبي في كثير من الأحيان نتائج مختلفة عن تلك التي تعتمد على الرصد التقليدي بالعين المجردة، ما يؤدي في بعض الأحيان إلى تفاوت يصل إلى يومين، وأحياناً إلى ثلاثة أيام في إعلان بدء رمضان وعند تحديد يوم عيد الفطر في الدول الإسلامية.
ويعتبر بعض علماء المسلمين أن الخطأ وارد في حال تحري رؤية الهلال، سواء من طريق العين المجردة أو التلسكوب. وفي حال أكد علماء الفلك أن الهلال يغرب قبل غروب الشمس في موقع التحري، فإن شهادة الشهود تُرد في مثل هذه الحالة.
التقويم الهجري القمري
يستند التقويم الهجري على حركة القمر. تعتمد بداية كل شهر على رؤية القمر في نهاية الشهر السابق، لذلك إن تواريخ التقويم الإسلامي ليست ثابتة. ويبدأ كل شهر بدورة قمرية جديدة.
ويعتمد المسلمون لتحديد بداية الشهر ونهايته على رؤية الهلال الأول للقمر الجديد. لكن الهلال لا يكون مرئيًا دائماً بسبب موقعه في السماء أو نتيجة الطقس الغائم.
واستنادًا إلى الأرصاد الفلكية، يمكن أن يبدأ رمضان هذا العام غداً الأربعاء، الواقع في 16 مايو/أيار، ويستمر مدة 30 يومًا حتى يوم الخميس 14 يونيو/حزيران المقبل. وهذا يعني أن انتهاء الصوم يحلً في اليوم الأول من شهر شوال الذي يكون يوم الجمعة 15 يونيو، ويحتفل فيه المسلمون بعيد الفطر.
ويتكون التقويم الهجري من 12 شهرًا شبيهًا. وتتكون السنة الهجرية من 354 إلى 355 يومًا التي يقابلها 365 أو 366 يومًا في التقويم الميلادي. تبدأ السنة الهجرية مع شهر محرم وتليه تباعاً أشهر صفر، وربيع الأول، وربيع الثاني، وجمادى الأولى، وجمادى الآخرة، ورجب، وشعبان، ورمضان، وشوال، وذو القعدة، وذو الحجة.
ووفق التقويم الهجري يبدأ شهر رمضان متأخرا 11 يوماً عن رمضان الذي سبقه، لذلك من المتوقع على سبيل المثال أن يحل شهر رمضان في إبريل/نيسان بحلول عام 2020، في مارس/آذار بحلول عام 2023، وفي فبراير/شباط بحلول عام 2026.
(العربي الجديد)