أصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، تقريراً بعنوان "خمس سنوات من القهر والإخضاع"، رصدت فيه انتهاكات حقوقية في مصر خلال الخمس سنوات الأخيرة منذ أحداث الثالث من يوليو/تموز 2013 حتى الآن، وأكدت فيه مقتل 3110 أشخاص خارج إطار القانون.
وقالت المنظمة، اليوم الأربعاء: "سقط هذا الكم من القتلى في مختلف المحافظات المصرية عدا سيناء والمفرد لها رصد مستقل، ومن بين الأعداد المذكورة قتل 2194 شخصاً نتيجة الاعتداءات الأمنية على تجمعات سلمية، كما قضى 717 شخصا داخل مقار الاحتجاز المختلفة، بينهم 122 قتلوا جراء التعذيب من قبل أفراد الأمن، و480 توفوا نتيجة الإهمال الطبي و32 نتيجة التكدس وسوء أوضاع الاحتجاز و83 نتيجة فساد إدارات مقار الاحتجاز، بالإضافة إلى مقتل 169 شخصا بالتصفية الجسدية المباشرة على يد قوات الأمن المصرية، كما نفذت السلطات حكم الإعدام بحق 20 شخصاً على خلفية اتهامهم في قضايا معارضة للسلطات".
وأوضح التقرير أنّ "عدد الذين تعرضوا للاعتقال التعسفي خلال فترة عملهم هو 61262 شخصاً، بينهم 629 امرأة و1143 قاصراً، وكعادة السلطات الأمنية في مصر، فقد تعرض معظم هؤلاء المعتقلين للاختفاء القسري لمدة تزيد عن 24 ساعة على الأقل، بينما استمر تعريض بعضهم للاختفاء القسري حتى الآن".
وتحدث التقرير عن قيام النظام المصري بإغلاق أكثر من 20 وسيلة إعلامية من القنوات الفضائية والصحف بغرض الإجهاز على حرية الرأي والتعبير، بالإضافة إلى إيقاف العديد من الإعلاميين والكتاب عن الكتابة والنشر، وتعرض 10 صحافيين للقتل، واعتقال أكثر من مائتي صحافي لا يزال 66 منهم في السجون، هذا بالإضافة إلى إدراج نحو 15 صحافياً وإعلامياً على قوائم الإرهاب، وحجب حوالي 121 موقعاً إلكترونياً.
وبيّن التقرير أنه خلال الفترة المشار إليها، صدر الكثير من القرارات الحكومية والرئاسية بتخصيص مئات الأفدنة والأراضي لبناء العديد من السجون الجديدة، والتي بلغ عددها 18 سجناً، تم افتتاح بعضها بالفعل، وذلك لاستيعاب التكدس الذي تعاني منه كافة مقار الاحتجاز المصرية والارتفاع غير المسبوق في أعداد المعتقلين.
ورصد جلسات محاكمات المعتقلين، على خلفية القضايا المتعلقة بمعارضة السلطات خلال السنوات الخمس الأخيرة، إذ تبين صدور أحكام قضائية في 2485 قضية معارضة للسلطات أمام دوائر جنح وجنايات مدنية وعسكرية، وتم الحكم في 2237 قضية مدنية، و248 قضية عسكرية.
وبلغ عدد الأشخاص الذين شملتهم تلك المحاكمات، 35183 شخصاً، منهم 370 قاصراً، وقد تمت تبرئة 9108 من هؤلاء المحكومين، أي 25.9 في المائة من إجمالي العدد الكلي للمتهمين، بينما حُكم على 25996 شخصاً بأحكام إدانة مختلفة، أي بنسبة 73.9 في المائة، فيما جاءت قرارات المحكمة بعدم الاختصاص أو انقضاء الدعوى بحق 79 شخصاً، أي ما يعادل 0.2 في المائة تقريباً، وفق التقرير.
وتوزعت أحكام الإدانة على الشكل التالي، إذ تم الحكم بالسجن المؤبد على 6740 شخصاً أي بنسبة 25.9 في المائة من إجمالي هذه الأحكام، والسجن المشدد أكثر من 5 سنوات على 7074 شخصاً أي بنسبة 27.3 في المائة، وما بين 3 إلى 5 سنوات على 4427 أي ما يقارب 17 في المائة من إجمالي أحكام الإدانة، والحبس من شهر إلى سنتين على 6338 شخصاً أي بنسبة 24.3 في المائة من إجمالي أحكام الإدانة، بينما تم الحكم بالغرامة المالية بمبالغ تراوحت بين ألف جنيه و100 ألف جنيه على 406 أشخاص أي بنسبة 1.6 في المائة من إجمالي أحكام الإدانة، بالإضافة إلى التصديق على الحكم بإعدام 1012 شخصاً أي بنسبة 3.9 في المائة من إجمالي أحكام الإدانة، بحسب المنظمة.
وأوضح التقرير أنه بحسب عملية الرصد الكمي لآثار عمليات الجيش الأمنية في سيناء خلال فترة الرصد، فقد بلغ عدد القتلى من المدنيين 4010 أشخاص، منهم 3709 قال عنهم الجيش إنهم قتلوا نتيجة مواجهات أمنية، ومن تبقوا قتلوا بصورة عشوائية دون أن يُفتح تحقيق واحد في أي من تلك الحالات، وبلغ عدد المعتقلين 10363 شخصاً، منهم 2872 أعلن المتحدث الرسمي للقوات المسلحة المصرية أنهم مطلوبون أمنياً، بينما تم اعتقال 7491 شخصاً بدعوى الاشتباه.
وفي سياق العمليات الأمنية بسيناء، تم الإعلان عن حرق وتفجير 4266 دراجة و1626 عربة خلال فترة رصد التقرير، كما تم الإعلان عن حرق وتدمير مئات المنازل و"العشش" الخاصة بأهالي محافظة سيناء، إذ بلغ عدد المنازل التي تم حرقها وتدميرها خلال فترة عمل هذا التقرير 262 منزلاً، بينما تم الإعلان عن حرق وتدمير 2207 عشش، هذا بالإضافة إلى تجريف 135 مزرعة و35 فداناً.
وقال التقرير إنّ "هذا الكم المفزع من الجرائم ارتكبها النظام تحت سمع وبصر المجتمع الدولي الذي لم يحرك أي ساكن منذ بدء الأحداث، بل إن كثيرا من الدول التي تعتبر نفسها حامي حمى حقوق الإنسان ما زالت تتعاون أمنيا وعسكريا مع هذا النظام لقاء منافع مادية رخيصة".
ودعت المنظمة المجتمع الدولي إلى التحلي بالقدر اللازم من المسؤولية الأخلاقية تجاه جرائم النظام المصري، "فالتعامي الدولي عن تلك الجرائم يجعل كافة المعاهدات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان دون أدنى قيمة، في ظل تجاهلها من قبل الدول الأعضاء مقابل مصالح سياسية رخيصة".