رسامٌ من دون ريشة قرر ترك كتالونيا

30 ابريل 2018
إنييستا قد ينتقل للعب في الدوري الصيني (Getty)
+ الخط -
"الشخص الذي يلعب كرة القدم بأفضل طريقة هو إنييستا، يعلمُ بالضبط متى عليه أن يتقدم ومتى يتراجع، يختار اللحظة المناسبة لفعل كلّ شيء، متى يراوغ ومتى عليه تسريع اللعب ثم إبطاؤه، أعتقد أن هذا الأمر الوحيد الذي لا يمكن تعلمه أو شراؤه، يمكنك تعلّم التسديد أو السيطرة على الكرة، لكن أن تدرك كل ما يحصل في أرض الميدان، فهذا أمر يولد معك"، بهذه الكلمات يصف نجم الأرجنتين وبوكا جونيورز سابقاً والذي لعب كذلك لبرشلونة، خوان رومان ريكلمي النجم الإسباني أندريس إنييستا. من هنا نبدأ الحكاية التي شارفت على النهاية.

مرّت السنوات بسرعة، كبُر ذلك الطفل الذي بات بطلاً، وأخيراً أعلن رحيله عن النادي الذي تألق معه لسنواتٍ وصنع مجده بسحره ولمساته.

البداية في "لا ماسيا"
"تلقى ثم مرر، تقدم وتلقى ثم مرر وتقدم"، هكذا يصف إنييستا أيامه في مدرسة برشلونة لكرة القدم، هناك حيث تعلم التمرير وأسلوب "التيكي تاكا"، الذي وضعه المُعلم الأكبر يوهان كرويف قبل سنواتٍ طويلة.

من بلدة فوينتيالبيا الواقعة في "البسيط" (Albacete)، بدأ إنييستا ممارسة كرة القدم بعمر الـ12 عاماً مع فريق "البسيط بالومبيي"، فخطف الأنظار بشكل كبير، ولفت كشافي عدد من الأندية الإسبانية.

علم والدا إنييستا أن طفلهما يمتلك مهارة غير اعتيادية، وصادف أنهما يعرفان إنريكي أوريزاولا، الذي كان يُشرف على فريق برشلونة للفئات العمرية، فأقنعهما الأخير بضرورة إرسال ذلك الموهوب إلى الأكاديمية.

سافر اللاعب الصغير مع والديه لزيارة "لا ماسيا"، وهناك شاهد أماكن سكن الأطفال ويقول بعد انضمامه للفريق: "بكيت أنهاراً" في اليوم الذي انفصلت عن والدي.

كان إنييستا خجولاً جداً في تلك الفترة، لكنه قاد الفريق لتحقيق لقب كأس نايكي الممتاز عام 1999 تحت 15 سنة، وسجل هدف الفوز في الدقيقة الأخيرة واختير لاعب البطولة.

يوم شاهد قائد الفريق جوسيب غوارديولا إنييستا في برشلونة، قال لزميله تشافي: "هذا اللاعب سيجعلنا نعتزل جميعاً".

مستوى إنييستا دفع مدربي الفئات العمرية للمنتخب الإسباني لاستدعائه من تحت 15 سنة حتى تحت 21 سنة، وهناك تألق إلى جانب فرناندو توريس وخوسيه أنطونيو رييس وحقق بطولة يورو تحت 17 سنة عام 2001 وتحت 19 عاماً (2002) واستطاع على إثرها الانضمام إلى الفريق الأول لنادي برشلونة.

البداية الحقيقية
في موسم 2002-2003 شارك إنييستا للمرة الأولى مع الفريق الأول، كان ظهوره نادراً بين الفينة والأخرى وكذلك في الموسم التالي حين لعب 17 لقاء وسجل هدفين، لكن في 2004-2005 كانت الانطلاقة الحقيقية، حينها شارك في 37 مباراة من أصل 38 في الدوري، أي أكثر من أي لاعب في الفريق.

وفي موسم 2005-2006 استفاد إنييستا من إصابة تشافي ليقدم نفسه كنجم في خط الوسط في مسابقة دوري أبطال أوروبا، ووصل مع البرسا إلى النهائي، ليدفع به المدرب الهولندي فرانك ريكارد لمدة 45 دقيقة بدلاً من البرازيلي إيدملسون، ليرفع حينها اللقب على حساب أرسنال.

ومع رحيل لودوفيك جولي في موسم 2007-2008، استطاع إنييستا الحصول على الرقم "8" تاركاً الرقم "24"، لكن تداول اسمه في الميركاتو وإمكانية ترك النادي الكتالوني دفع الأخير لتحسين وتجديد عقده حتى عام 2014 ببند جزائي يبلغ 150 مليون يورو، إذ كان هذا الرقم حينها شبه خرافي.

حقبة غوارديولا
في موسم 2008-2009 اختير إنييستا خلف كارليس بويول وتشافي هرنانديز والحارس فيكتور فالديز ليكون القائد في حال غيابهم، وجميعهم كانوا قد تأسسوا في النادي الكتالوني.

استطاع إنييستا مع وصول جوسيب غوارديولا الذي كان يعرفه كلاعب، أن يطور مهارته ويقدم مستوى أفضل عما كان عليه مع رييكارد على غرار بقية اللاعبين، وحينها كانت أول شرارات انطلاق "هيمنة أسلوب التيكي – تاكا" على القارة الأوروبية.

في ذلك الموسم سجل إنييستا أحد أهم أهداف مسيرته في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا أمام تشلسي، بعدما كان الفريق الإنكليزي متقدماً بهدف إيسيان، لكن التعادل في الدقيقة 93 وضع غوارديولا وفريقه النهائي، ليتفوق البرسا على مانشستر يونايتد، فخرج أسطورة التدريب السير أليكس فيرغسون للقول حينها: "إنه رائع، يجعل الفريق يعمل بشكل جماعي، الطريقة التي يجدها للتمرير وحركته وكذلك قدرته على خلق المساحة، إنه أمرٌ لا يُصدق، هو لاعبٌ مهمٌ جداً لبرشلونة".

بات واضحاً للجميع حينها أن إنييستا بات من نخبة اللاعبين في العالم، خاصة بعد الفوز بلقب يورو 2008 مع بلاده إسبانيا ثم حصد لقب المونديال في 2010 مع منتخب بلاده وتسجيله الهدف الحاسم أمام هولندا في النهائي وحصد لقب يورو 2012 أمام إيطاليا.

تزامنت هذه الإنجازات بتحقيق العديد من البطولات مع برشلونة محلياً وأوروبياً، ورغم رحيل غوارديولا وتبدل المدربين، بقي إنييستا العلامة الفارقة إلى جانب ليونيل ميسي وتشافي في تشكيلة الفريق، ومع انتقال توأمه إلى السد القطري واعتزال بويول قبل ذلك ومغادرة فيكتور فالديز بعد إصابته في قطع بالرباط الصليبي بات إنييستا قائد الفريق الأول.

وحظي إنييستا بالعديد من اللحظات المميزة في مسيرته، منها تلقي التصفيق في الكلاسيكو أمام الغريم التقليدي ريال مدريد بملعب "سانتياغو برنابيو" في موسم 2015-2016 يوم 21 نوفمبر، ليصبح ثالث لاعب يحصل على هذا الشرف بعد كلّ من الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا عام 1983 والبرازيلي رونالدينيو سنة 2005، وذلك بسبب تقديمه مستوى مميزا مساهماً في الفوز 4-0.

ومؤخراً تفاعل إنييستا مع الجماهير بعد حمله كأس ملك إسبانيا بالفوز على إشبيلية في النهائي، لتؤكد تصرفاته أن نهاية القصة مع البرسا اقتربت.


المساهمون