رسالة مفتوحة إلى بوتين

21 سبتمبر 2015
+ الخط -
أعرف أنّكَ رئيسُ دولةٍ عظمى، وأنّ لديكَ جيوشاً لا جيشاً، وأنّ عندكَ من أسلحة متطوّرة ما يفوق الوصف، وأنّ الذخيرة والعتاد الحربيّ الذي تمتلكه بلادكم، بل إمبراطوريتكم العظمى، لها فعل تدميري فظيع في وقت قياسيّ قصير. أعرف هذا كلّه، ويعرفه الشعب السوريّ... ونعرف أيضاً أنّ استراتيجيّاتكم العسكرية ترعب الدول العظمى، فما بالكَ بالدول الصغرى والمتوسّطة؟
وأعرف الكثير عن القوّات الروسية في البرّ والبحر والجوّ، وقوّتكم النوويّة التي تفوق الخيال، والتي لها قدرة تدميرية على تدمير الكرة الأرضيّة عشرات المرّات، إذا ما فكّر أحد بتحدّيكم أو الاعتداء عليكم..
ولكن، هناك أمور لا تعرفها أنتَ، وأقولها لكَ بكلّ تواضع، كنتُ أريد أن أهمس فيها بأذنكَ بيني وبينكَ، لكنّكَ أبيتَ أن تستمع إلى صوت حقّ من الشعب السوري، فوجدتُ أن أرسلها إليكَ علنيّة مدوّيةً:
-الشعب السوري لم يعد يخاف من الموت، لأنّه تعوّدَ عليه، وصار عنده أبسط من العاديّ، وإذا أردتَ التأكّد، فاسأل البحار كيف يجتازها السوري، وأمل النجاة بحياته لا يزيد على 20%.

-الشعب السوري أكثر الشعوب ضرراً من الأسد الذي تحمونه، وأقماركم الاصطناعية ووسائلكم التجسّسية المتعدّدة في فضاء الكرة الأرضيّة تنقل يومياً لكم حجم التدمير والقتل اليوميّ الفظيع الذي يمارسه الأسد بأسلحتكم، وذلك كله ليثبتَ الباطل ويزهق الحقّ. ولكن عندنا الحقّ سينتصر في النهاية، مهما كان الثمن باهظاً.

-لم يعد للشعب السوري شيء يخاف عليه في مواجهتكم، فبلاده دُمِّرت، وأهله شُرِّدوا في أصقاع الأرض، وحتّى زرعه وأشجاره أُحرِقت، وصارت مواجهتكم، إذا قرّرتم المواجهة معه، نزهة ولعبة، لن تكلّفه شيئاً ليخسره، وستخسرون أنتم كلَّ شيء، كلَّ شيء، ولتضع هذه العبارة في ذهنكَ، وتتذكّرني بعد انتصار الشعب السوري.

-اللعبة السورية ليست لعبة شهر أو سنة أو عقد، إنّها لعبة قرن، بل قرون، والخاسر الأكبر فيها الظالم الذي يقتل لمجرّد نصرة الباطل على الحقّ، وهل تحبّونَ أن أذكّركم بانتصارات حقّقها الروس في القرنين السالفين، ثمّ خسروها خسارة شنيعة؟ أظنّ أنَّكَ تجيد قراءة التاريخ جيداً، وأنتَ تتذكّر الآن كثيراً منها.

-الشعب الروسي لن يقبل أن تجعلوه يدفع ثمن مغامراتكم الفاشلة، فهو شعب حيّ، وسينتقم منكم، ببساطة، بإزاحتكم وإطاحتكم، وكثيرة هي الأحداث المشابهة في التاريخ الروسي الحديث تحديداً التي فعل فيها الشعب الروسي فعلته الصحيحة في الوقت المناسب.

-لا بدّ، أخيراً، أن يستفيق العرب من غفوتهم وغفلتهم، وينصروا إخوتهم السوريين، وعندها سيتزلزل العالَم كلّه ضدّ كلّ من وقفَ ضدّ الشعب السوري صاحب الحقّ، مع حاكمه الذي يُقاتل ليثبّتَ باطله.

أتمنّى أن تعقل هذا الخطاب، وأن تعيد حساباتك، فما زالت لديكَ فرصة، ومصالح روسيا، إذا كانت تهمّك، سيحافظ لكَ عليها الشعب السوري، إذا وقفتَ وقفة حقّ الآنَ ضدّ الباطل، وعلى الرغم من تأخّركَ في الوقوف، فإنّه بإمكانكَ أن تعدّلَ موقفكَ وتصحّحه. فالشعوب لا تُقهَر، والتاريخ لا يرحم.
avata
avata
محمد بن يوسف كرزون (سورية)
محمد بن يوسف كرزون (سورية)