رسائل عسكرية ــ سياسية إيرانية في استعراض عيد الجيش

19 ابريل 2015
الاستعراض العسكري أمس (فاطمة بهرامي/الأناضول)
+ الخط -

استعرضت طهران عضلاتها العسكرية في يوم جيشها الموافق للثامن عشر من إبريل/ نيسان، كما تفعل كل عام، سواء أكانت حكومتها محافظة أم إصلاحية أم معتدلة، لتعلن عن إنجازات جديدة في منظومتها العسكرية؛ وهي تهدف بشكل أساسي من وراء هذا الاستعراض إلى بعث رسائل سياسية إلى الخارج، حيث تتناوش مع خصومها على ملفات ساخنة.

اقرأ أيضاً (صواريخ جديدة في عرض عسكري إيراني... وطهران توجه الرسائل)

وعرضت طهران هذا العام، إلى جانب الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى التي تمتلكها منذ سنوات، منظومة صواريخ جديدة محلية الصنع من طراز "باور 373". وأعلن العسكريون الإيرانيون أنها على غرار صواريخ "اس 300" الروسية، التي لم تستطع طهران الحصول عليها منذ ثلاثة أعوام، بسبب العقوبات الدولية على خلفية برنامجها النووي، رغم أنها كانت قد وقعت اتفاقية بمقدار 800 مليون دولار مع موسكو للحصول على هذه المنظومة عام 2007. غير أن روسيا أعلنت أخيراً تعليق الحظر على تصدير صواريخ "أس 300" إلى إيران.

وقد أثار القرار الروسي انتقادات إسرائيلية بالدرجة الأولى، فضلا عن شجب غربي وأميركي، إذ قال رئيس الأركان الأميركي الجنرال مارتن ديمبسي إن "الخيار العسكري الأميركي لمنع طهران من امتلاك سلاح نووي لم يتغير وكل الخيارات لازالت مطروحة على الطاولة، رغم القرار الروسي باستئناف تسليم منظومة صواريخ أس 300".

هذا التصريح وغيره من التصريحات الشبيهة، استدعى ردّاً إيرانياً على مستويات سياسية وعسكرية، وقال رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية الجنرال حسن فيروز أبادي في يوم الجيش أمس، إن "القرار الروسي بتسليم نظام الدفاع الصاروخي "أس300" إن دل على شيء فهو يدل على أن الكل بات مقتنعا بأن العقوبات لا تجدي نفعاً"، واصفاً القرار الروسي بالعقلاني والمنطقي. واعتبر أن القلق من امتلاك إيران لهذه الصواريخ غير مبرر "فالكل يعلمون أنها منظومة دفاعية وليست هجومية"، حسب تعبيره.

من جهته، أعلن وزير الخارجية محمد جواد ظريف أن طهران لا تولي اهتماماً لتصريحات من هذا النوع، قائلاً إن "بلاده تطلب التعامل بالمثل وتريد علاقات تقوم على احترام متبادل"، معتبراً أن الخيار العسكري لا يمكن أن يؤدي لأي نتيجة بقدر ما قد يحقق الحوار والدبلوماسية من فوائد للجميع.

وكان للرئيس الإيراني حسن روحاني كلمة خلال العرض العسكري، الذي شاركت فيه قوات الجيش والحرس وقوات التعبئة على حد سواء، اعتبر فيها أنّ لدى الجيش الإيراني مهمتين أساسيتين، أولاهما مواجهة الكيان الصهيوني غير الشرعي في المنطقة، والثانية التصدّي للتحركات الاستعمارية وفي مقدّمتها المخططات الأميركية.

وانطلاقاً من هاتين المهمتين، وجّه الرئيس الإيراني رسائل واضحة ومبطنة على حد سواء للعديد من الأطراف، فذكر أن تواجد القوات الإيرانية في المياه الدولية يهدف فقط لتأمين طرق الملاحة البحرية وهو ما يصب في حفظ الأمن والاستقرار، معتبراً أن هذا التواجد غير مقلق. ويأتي هذا التصريح ردّاً على تصريحات أجنبية شجبت القرار الإيراني الذي حرك بوارج عسكرية نحو مضيق باب المندب وخليج عدن.

ولم ينس روحاني الملف الذي يشغل إيران كثيراً هذه الأيام، وهو عملية "عاصفة الحزم"، التي تقودها المملكة العربية السعودية ضدّ الحوثيين وحلفائهم في اليمن، فذكر أن "على الآخرين التعلم من الجيش الإيراني ومد اليد للآخرين، لا أن يكونوا أداة لإشعال الفتنة ومهاجمة المدنيين الأبرياء في اليمن، فما الفائدة من قصف اليمن ودعم الإرهابيين في سورية والعراق، فهذه السياسات لا تعطي الدول والحكومات القدرة التي يبتغونها"، على حدّ تعبيره.

ورغم التصعيد في الموقف الإيراني من الخطوة السعودية إزاء اليمن، غير أن خطاب حكومة الرئيس روحاني يبقى معتدلاً بعض الشيء، إذ حاول الرجل الحفاظ على التوازن في كلمته قائلاً إن الدول  تستطيع أن تمتلك القوة باتباع منطق الحوار والتفاوض، معتبراً أن بلاده باتت قدرة إقليمية ودولية باعتراف الكل والمفاوضات النووية دليل على هذا، بحسب رأيه.

وأضاف أنه رغم سعي طهران لتطوير جيشها ومنظومتها العسكرية، فهذا لا يعني أن السياسة الإيرانية تريد حرباً أو توجيه تهديدات لطرف دون آخر، معتبراً أن امتلاك طهران لجيش قوي يعني المساهمة في تشكيل قوة ردع، وهو ما يعني أمن واستقرار المنطقة ككل.

وبدت سياسة التوازن واضحة أيضاً في تصريحات فيروز أبادي والتي قال خلالها إن "الوفد النووي المفاوض دخل في حوار مع الغرب بهدف تحقيق أمن واستقرار البلاد، ولكن هذا يأتي تزامنا مع السعي الحثيث للقوات المسلحة الإيرانية إلى تطوير منظومتها العسكرية، وهو ما يساهم بتشكيل قوة ردع".

ونقلت وكالة أنباء فارس عن فيروز أبادي قوله إن "هناك أعداء لإيران لا يريدون لها أن تصل لنتيجة إيجابية عبر حلول دبلوماسية، وهو ما يجعل الجيش في جهوزية دائمة"، مضيفاً أن "أي اعتداء على قواته سيتم الرد عليه بشكل مباشر وقطعي وفوري".

ويرى مراقبون أن طهران التي جلست إلى طاولات الحوار مع مجموعة السداسية الدولية، واستطاعت التوصل لاتفاق إطار في لوزان مطلع الشهر الجاري، ستواصل الحوار في محاولة لتوقيع اتفاق نهائي يلغي عنها الحظر ويفتح باب علاقاتها مع الآخرين، وستعمل بموازاة ذلك على تطوير منظومتها العسكرية أو على الأقل التأكيد على جهوزية هذه المنظومة بشكل دائم بما يشكل قوة ردع لها.

اقرأ أيضاً (أوباما والكونغرس: تقوية الاتفاق مع إيران... لا تقويضه)

دلالات
المساهمون