عن تسعين عاماً، رحلت أمس إحدى رائدات الحركة النسائية المصرية والعربية الكاتبة نعمات أحمد فؤاد (1926-2016).
اقترن اسم ابنة محافظة المنيا جنوبي مصر، بقضايا كثيرة دافعت فيها عن حقوق بلادها، مثلما فعلت حين رفعت قضية ضدّ الرئيس السادات، بعد إعلانه إقامة مشروع سياحي فوق هضبة الهرم يتضمّن بيع أراضي الهضبة إلى مستثمرين. كان كثيرون يعتقدون، آنذاك، أن القرار اتُخذ ولا رجعة عنه، لكن مؤلّفة "اللص والكلاب: محنة البنوك المصرية" أصرّت على مقاومة القرار فصارعته داخل البلاد وخارجها، ورفعت الدعوى، ولم تتوقف جهودها حتى أُعلن التراجع عن المشروع الذي كان يهدد الآثار.
وكذلك فعلت حين بدأ الحديث عن قضية دفن النفايات النووية النمساوية فى الصحراء المصرية، وظلّت تناضل ورفاقها ضدّها إلى أن تراجعت النمسا عن المشروع.
وحتى في عهد مبارك، خاضت معارك ضد وزير الثقافة آنذاك فاروق حسني، ورفعت ضده ثلاث دعاوى لنقض مشروعه الذي يقوم على سفر الآثار المصرية إلى الخارج.
عن تلك المعارك تقول في إحدى مقابلاتها "كان لمناهضتي لمشروع الهضبة واتفاقية دفن النفايات في مصر، أثرهما في وضع اسمي في قائمة الاعتقالات التي طالت مصر في أيلول/ سبتمبر 1981، وكنت أتوقع ذلك إلا أن اسمي رفع في اللحظة الأخيرة بعد زوال أسباب الصدام".
ليس هذا مستغرباً على أول فتاة في تاريخ البلاد تحصل على المركز الأول على القطر المصري في امتحانات التوجيهية (الثانوية العامة حالياً)، والتي تابعت دراستها حتى الحصول على درجة الدكتوراه في الآداب من "جامعة القاهرة" عام 1959، وكان عنوان رسالتها "نهر النيل في الأدب المصري".
كان لصاحبة "صناعة الجهل" علاقة وطيدة مع كتّاب من وزن أحمد الزيّات الذي كانت تعتبره حلّ محل والدها، بعد أن رحل الأخير، ثم توطدت معرفتها بالعقاد، ووضعت عنه كتاباً نقدياً بعنوان "الجمال والحرية الشخصية في أدب العقاد".
للراحلة قرابة الأربعين كتاباً من بينها "آفاق إسلامية" و"الأدب والحضارة" و"آفاق مصرية" و"الإسلام وإنسان العصر" و"القاهرة في حياتي" و"النيل في التراث الشعبي"، كما وضعت أكثر من كتاب عن النيل حتى لُقبّت بـ "بنت النيل".
ألّفت فؤاد كتاباً بعنوان "أم كلثوم وعصر من الفن" وعنه تقول "عند انتهائي من كتابة هذا المؤلف الذي لم أكتبه كسيرة ذاتية فقط ولكن كتأريخ لعصر شامل، ذهبت إلى الست أم كلثوم كي أعرضه عليها قبل طبعه، فقرأته ونال إعجابها ولكنها تحفّظت علي بعض نقاط وردت به أذكر منها ما كتبته عن مكانتها وقت أن كانت منيرة المهدية سلطانة الطرب، واحتكمنا لشاعر الشباب أحمد رامي فكان في صفي".
كانت نعمات أحمد فؤاد تدرك أهمية أن يكون قدرها أن تكون صاحبة قلم، ولطالما أشهرت مقولتها "شيء كبير أن يكون للإنسان قلم ولكنّ شيئا نفيساً أن يكون للإنسان موقف".