بعد معاناة مع مرضي القلب والكلى، رحل صباح اليوم، عن عالمنا الفنان المصري محمد وفيق، عن عمر يناهز 67 عاما، وذلك عقب إجرائه لجراحة قلب مفتوح، حيث تدهورت حالته بعد الجراحة ودخل العناية المركزة، ليلقى ربه فيها.
وغادر الشاب محمد وفيق مسقط رأسه في مدينة الإسكندرية إلى القاهرة، للالتحاق بمعهد الفنون المسرحية وبعد تخرجه، أراد أن يحصل على مردود مادي يساعده على العيش في القاهرة وحده، فنصحه المقربون منه، بمحاولة إيجاد فرصة عمل للتدريب في التلفزيون المصري، وبالفعل طرق باب التلفزيون، وكان بالصدفة يتم الإعداد لعرض مسرحي عن فلسطين بعنوان "لا حدود" للمؤلف محمود شعبان، وكان بطل العرض الفنان حسين الشربيني الذي مر بظروف طارئة في هذا اليوم، ولم يستطع الحضور في موعده فاعتذر، وهو ما وضع فريق عمل المسرحية في مأزق.
وتصادف أن قرأ محمد وفيق دون قصد، دور حسين الشربيني بصوت عال في غرفته، بينما يستعد لتقديم دور قصير في العرض نفسه، فسمعه الممثل الراحل عبد البديع العربي، وكان بطلا رئيسيا للعمل فأعجب بطريقة إلقائه ومخارج ألفاظه، فطلب من مخرج العمل وقتها فوزي درويش، أن يقدم محمد وفيق الدور بدلا من الشربيني، فرفض المخرج فلم يجد عبد البديع حلا سوى التهديد، إما أن يقوم وفيق بالدور وإلا انسحب هو من العرض.
ومع الإلحاح وشعور المخرج أن انسحاب عبد البديع العربي سيورطه، لم يجد حلا سوى الرضوخ لطلبه، وبالفعل حصل وفيق على أول دور في حياته، وأثبت وجوده وكان أول المصفقين له هو المخرج.
توالت العروض المسرحية على محمد وفيق بعد ذلك، فشارك في مسرحية "سندباد" مع المخرج أحمد ذكي وكان من حضور العرض، المخرج المصري العالمي يوسف شاهين الذي اختاره لأحد الأدوار في فيلم كان يعد له، فطار وفيق فرحا بانتقاله من عالم المسرح إلى السينما، وعاش على الحلم، ولكن الحلم أجهضه عدم خروج فيلم شاهين إلى النور.
عاش وفيق مكتئبا بسبب عدم حصوله على فرصة العمل مع شاهين، ولكن سرعان ما عاد إلى حالته الطبيعية، بعد اختياره لتجسيد شخصية الظاهر بيبرس في مسلسل "المرشدي عنتر"، وأهله لهذا الدور لغته العربية الفصحى الذي تعلمها من والده الأستاذ الجامعي، فتألق وفيق في الشخصية ومن هنا بزغ نجمه وأصبح يفاضل بين العروض التي يتلقاها.
الدور الأهم والأكثر قوة في حياة محمد وفيق، هو دوره في فيلم "الرسالة" للمخرج السوري الراحل مصطفى العقاد، حيث قدم في هذا العمل شخصية الصحابي عمرو بن العاص، ومن هنا اشتهر وفيق ببراعته في تقديم الأدوار الصعبة، ما أهله للعمل في مسلسل "رأفت الهجان" الذي قدم فيه شخصية رجل المخابرات عزيز الجبالي، الذي يقوم بدور المرشد الخفي للشخصية الرئيسية، وحصل المسلسل على نسبة مشاهدة كبيرة وكان من أهم المسلسلات في حقبة الثمانينيات.
وأعاد وفيق الظهور في شخصية الضابط، من خلال فيلم "الهروب" مع الراحلين أحمد ذكي والمخرج عاطف الطيب، وتوالت أعمال الفنان الراحل بين المسرح والسينما والتلفزيون وإن كان التلفزيون شهد تألقه أكثر.
وكان محمد وفيق متزوجا من الفنانة القديرة كوثر العسال، التي فارقت الحياة العام الماضي.