رحل الفنان المخرج المسرحي الليبي عبد العزيز الحضيري مساء أمس الإثنين بعد تعرّضه لوعكة صحية استدعت نقله إلى أحد المستشفيات في مدينة بنغازي (1050 كلم شرقي طرابلس).
بدأ مشواره الفني كممثل مع "فرقة الجيل الصاعد" عام 1973 حين كان طالباً في "معهد طرابلس للمعلمين"، والتي شكّلت خلال عقدي الستينيات والسبعينيات مع عدد من الفرق الأخرى مثل "المسرح الحر" و"الأمل"، حداثة المسرح الليبي، قبل أن يبدأ المشهد بالتراجع في ثمانينيات القرن الماضي.
انتقل بعد ذلك للعمل في مجال الإخراج حيث كان مشروع تخرّجه مع مسرحية "أقنعة الملائكة" للكاتب اليوناني نوتيس برياليس، ثم قدّم أعمالاً عديدة منها مسرحية "الإسكافية العجيبة" من تأليف فدريكو غارسيا لوركا، و"فاندو وليز" لفرناندو أرابال، كما قام بتأليف وإخراج عدّة مسرحيات منها "الكناس"، و"نزيف الذاكرة"، و"الطريق إلى تار".
وكانت له تجربة ممتدة في الإشراف على المسرح المدرسي في طرابلس، حيث قدّم عروض طلبته في معظم المدن الليبية، وكان منها "جواهر المعبد" عن نص للكاتب الأميركي الأفريقي جيمس إين هنشو، و"البئر" للكاتب المصري محمود أبو دومة، و"الوحش" للكاتب المغربي المهدي بوقرين.
في مقابلة تلفزيونية أجريت معه عام 2017، أشار الحضيري إلى عدم قدرة المسرح الليبي على ترجمة الواقع المآساوي الذي تعيشه البلاد في السنوات الأخيرة، حيث اصطدمت الآمال العريضة التي حملها العديد من فنانيه، والتجارب المسرحية الجديدة التي ظهرت بغياب الدعم، وعدم الاهتمام بالفن الرابع لدى الجمهور الذي انشغل بالأحداث الجارية.
رغم ذلك، واصل الراحل عمله كأستاذ لمادة الإخراج المسرحي في كلية الفنون، وأشرف على ورشة تدريبية في مجال التمثيل المسرحي خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي في مصراتة، وكان نتاجها مسرحية "الأقنعة" من إعداده وإخراجه عن نص للكاتب الليبي محمد عبد الجليل قنيدي نُشر قبل أربعين عاماً، وعُرضت عدّة مرات الشهر الماضي.
تدور المسرحية حول رجل يجد نفسه متهماً بتسلّق أسوار القصر بغية اغتيال السلطان، فيُقتاد إلى السجن مكبلاً بالأغلال ويخرج الشعب في مظاهرات تدعو إلى إنزال العقوبة به، ثم تجري محاكمته فتنكشف فصول من الفساد والخلافات داخل السلطة، فيختار الشعب حينها أن يتولى الرجل المتهم حكمهم بدلاً عن السلطان الفاسد.