كثيراًً ما يقف النقد المسرحي والسينمائي في الثقافة العربية عند عتبة متابعة الأعمال الفنية والتعليق عليها، ولا يتعدّى ذلك إلا نادراً بربط المسرحيات بسياقات اجتماعية وثقافية أوسع أو بناء إطار نظري حولها.
من التجارب النقدية القليلة التي تخطّت ذلك المستوى الأوّلي من المتابعة، كانت تجربة الناقد المصري حسن عطية الذي رحل عن عالمنا أمس الإثنين، بعد قرابة شهر من تعكّر حالته الصحية. هذا التجاوز نحو أفق نظري نلمسه في عدد من مؤلّفات عطية التي لم تنشغل بالمسرح كممارسة بل كظاهرة عامة يشتغل عليها الفكر، ومن ذلك أعماله: "ما المسرح"، و"زمن الدراما". كما يمكن أن نضيف كتاب "دليل المتفرّج الذكي إلى المسرح".
استفاد عطية من مزاوجته بين عالمين؛ الأول هو الفضاء الأكاديمي الذي يتيح التمكّن من منهجيات متينة يمكن مقاربة الأعمال الفنية من خلالها، وقد كان عطية متخصّصاً في نظريات الدراما ودرّسها في"أكاديمية الفنون" وفي "المعهد العالي للفنون الشعبية".
أما الفضاء الثاني الذي دعم موقعه كناقد مسرحي فهو الصحافة، حيث ترأس تحرير "مجلة الفن المعاصر"، وكتب في "مجلة الكواكب"، وإضافة إلى ذلك كان رئيس "الجمعية العربية لنقاد المسرح"، ورئيس "جمعية نقاد السينما المصريين"، ونال عضوية الكثير من المؤسسات واللجان العلمية فى حقول المسرح والسينما والتلفزيون.
كان عطية قد حصل على دكتوراه في فلسفة الفنون عن رسالة تناولت المنهجية السوسيولوجية في النقد من "كلية الفلسفة والآداب" التابعة لـ "جامعة أوتونوما" في مدريد. وقد حضر الرافد الهيسباني بقوة في رؤيته للمسرح في مصر، كما في مؤلّفاته، خصوصاً "نجيب محفوظ في السينما المكسيكية".
من أعمال عطية الأخرى، نذكر: "الثابت والمتغيّر.. دراسات في المسرح والتراث"، و"فضاءات مسرحية"، و"سناء جميل: زهرة صبار قمرية"، و"ألفريد فرج: صانع الأقنعة المسرحية"، و"الرومانسية.. يوتوبيا السينما المصرية"، و"عزت العلايلي: ملح الأرض وحلوها"، و"نجيب محفوظ كاتباً مسرحياً وسينمائياً".